في عام المرأة.. نساء ممنوعات من التعيين بـ"مجلس الدولة"
كتبت ـ هاجر حسني:
منذ عام 2014، تحاول "أ.م" الحصول على فرصتها في العمل مندوبا مساعدا بمجلس الدولة، بعد رفض المجلس تسليمها و25 فتاة أخريات من خريجات كلية الحقوق ملف شغل الوظيفة، نتيجة قانون المجلس الذي لا يسمح بتعيين الفتيات في هذه المناصب، وما كان من الأمين العام للمجلس ـ وقتها ـ إلا أن يطلب من الفتيات ترك صور الهويات الشخصية للاتصال بهم في حالة حدوث أمر جديد.
تنص المادة 11 من دستور 2014 على "ضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبًا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها".
لم تجد أ.م -رفضت ذكر اسمها- وزميلاتها وسيلة سوى رفع تظلّم من خلال مكتب رئيس المجلس، وكذلك محضر في قسم الدقي "استنيت يردوا عليا في التظلم خلال 60 يوم لكن محدش رد، فاضطريت بعدها أرفع دعوى أمام القضاء الإداري في 30 مارس 2014 ضد المجلس لامتناعه عن تسليمي الملف"، جاء تقرير هيئة مفوضي الدولة عكس ما تمنته حاصدة المركز الثاني بين الخريجين في دفعة 2013، حيث نص التقرير على عدم أحقية المرأة في التعيين بمجلس الدولة رغم كفاءتها وتميزها "قالوا إن دي سلطة تقديرية للمجلس".
عام ونصف مرّت على تقرير لجنة مفوضي الدولة دون تحديد جلسة للدعوى، وفي سبتمبر 2015 أصدر رئيس الجمهورية قرارا بتعيين الموظفين في مجلس الدولة من الذكور فقط "طعنت برضه على القرار ده واتحجزت الدعوى لحين صدور تقرير هيئة مفوضي الدولة".
طوال 3 سنوات منذ تخرجت أ.م في كلية الحقوق بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وحصولها على دبلومة القانون بتقدير جيد جيداً وحتى 2017، وهو العام الذي أعلنه رئيس الجمهورية عاما للمرأة المصرية، وهي تحاول أن تحصل على قرار من المحكمة بأحقيتها في التعيين هي وكل خريجات الكلية، إلا أن عزمهن بدأ يخفت وتراجع عدد كبير منهن "كانوا بيزهقوا ويقرروا ميكملوش الطريق"، علَقت الفتاة العشرينية أملها على إصدار البرلمان لمفوضية التمييز ولكن مع الاهتمام بالأولويات التشريعية وتأخر صدورها، ومع تيقنها أيضا من أن خطوة البرلمان قد تتأخر، تسعى الفتاة المجتهدة لإيجاد سٌبل أخرى لحل أزمتها "ناوية أرفع تظلم مباشر لرئيس الجمهورية في الاتحادية".
وفق مصدر بالأمانة العامة لمجلس الدولة -رفض ذكر اسمه- فإنه رغم نص الدستور في المادة 11 منه على المساواة والسماح للمرأة بالتعيين في جميع المناصب، إلا أن قانون مجلس الدولة لا يسمح بذلك، ولكي تحصل خريجات كلية الحقوق على حقهم في التعيين لا بد من تغيير هذا القانون، لافتا إلى أن الجمعية العامة لقضاة مجلس الدولة في آخر اجتماع لها رفضت تعيين المرأة بصفة مؤقتة وليست مطلقة.
وعن الطريقة التي يتم بها الإعلان عن طلب شاغلين للوظائف بمجلس الدولة، يقول المصدر إنه يتم الإعلان عن الوظيفة دون تحديد النوع سواء ذكر أو أنثى، وفي حالة طلب الفتيات لملف التعيين يكون الرد بالرفض.
وبالسؤال عن إمكانية تعديل القانون من مجلس النواب، لفت إلى أن الدستور ألزم مجلس النواب باطلاع الهيئات القضائية على القوانين الخاصة بها في حالة التعديل، بغرض المعرفة فقط وليس الاعتراض أو القبول.
وبحسب ورقة أصدرتها حملة "هي والمنصة"، التي أطلقتها مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، أغسطس الماضي، لتسليط الضوء على عمل المرأة في المناصب القضائية، فإن قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 بتعديلاته وما سبقه من قوانين لم ينص على حصر الوظائف القضائية للرجال فقط دون النساء، كما أن المادة 73 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أنه يُشترط فيمن يعيّن عضوا بمجلس الدولة أن يكون مصريا متمتعا بالأهلية المدنية الكاملة.
ويقول شريف جمال، المدير التنفيذي لبرامج المشاركة بمؤسسة قضايا المرأة، إن كلمة "مصري" الذي نص عليها قانون مجلس الدولة تشمل الرجل والمرأة، ولا يجوز تطبيقها على أحدهما فقط دون الآخر، مضيفا أن العادات والتقاليد هي المتحكمة في تنفيذ القانون حتى الآن وهي التي تحكم.
وتساءل جمال "إزاي نكون في عام المرأة وحقوقها مهدرة بالشكل دا، إحنا عندنا دستور بيدّي للمرأة الحق في تولي جميع المناصب"، منتقدا أن يكون مجلس الدولة هو المسؤول عن الفصل في الدعوات التي ترفعها خريجات الحقوق للمطالبة بحقهن فيكون بذلك هو الخصم والحكم، بحسب وصفه.
تنص المادة 53 من الدستور على "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض".
حتى عام 2016، وصل عدد القاضيات في مصر إلى 69 قاضية، بنسبة 0.5%، وفق الجريدة الرسمية، وتعيّن النساء في كل من النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، دون النيابة العامة ومجلس الدولة حتى الآن، حسب ورقة بحثية أعدتها حملة "هي والمنصة".
فيديو قد يعجبك: