"المبادرة المصرية": الحكومة تستبعد أصحاب المصلحة من مناقشات قانون بناء الكنائس
كتبت ـ هاجر حسني:
أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن قلقها الشديد من إقرار مجلس النواب المصري لقانون بناء وترميم الكنائس أمس بدون حوار مجتمعي وبعد ثلاثة أيام فقط من إرساله من الحكومة، محذرة من أن هذا القانون يهدر حقوقاً أساسية أقرها الدستور، ويصادر حريات وحقوق الأجيال القادمة.
وانتقدت المبادرة المصرية، في بيان لها، اليوم الأربعاء، طريقة التعامل مع القانون التي غلب عليها استبعاد أصحاب المصلحة الحقيقيين وفرض أجواء من السرية على المناقشات بين الحكومة وممثلي الكنائس، وتحديدًا مع دائرة ضيقة من رجال الدين لا يزيد عددها عن أصابع اليد الواحدة، مع تهميش الخبراء القانونيين وممثلي المجتمع المدني، بل ونواب البرلمان أنفسهم. هذه الطريقة السريّة، مشيرة إلى أن القانون صدر لغرض شكلي، وهو استيفاء الاستحقاق الدستوري المنصوص عليه في المادة 235 من باب اﻷحكام العامة واﻻنتقالية، بغض النظر عن السعي لتحقيق مضمون هذا النص والهدف منه.
وقالت المبادرة إن هذا السلوك كذلك ينتهك حق المواطنين في المعرفة، لافتة إلى أن الحكومة تعاملت على أن قيادات الكنائس الثلاث الكبري هم المعنيين فقط بالقانون، في حين أن قانونًا على هذه الدرجة من الخطورة يهم كل المواطنين وليس المسيحيين منهم فقط، وبالطبع ليس رجال الدين فقط.
وكانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تواصلت مع نواب البرلمان خلال اﻷسابيع الماضية في محاولة لحثهم على رفض مسودة القانون أو إدخال تعديلات جوهرية عليها، وأطلقت كذلك حملتها "مغلق لدواعٍ أمنية" عن معضلات بناء الكنائس وعلاقتها بتفشي ظاهرة العنف الطائفي والتي تضمنت توثيقًا لعدد ضخم من حوادث العنف الطائفي المرتبطة بمسألة بناء الكنائس ومعايير مقترحة لخروج القانون على النحو الذي ينزع فتيل تلك اﻷزمات، لافتة إلى أن محاولات المشاركة الجدية في الحوار حول القانون لم تجد آذانًا مصغية في ظل منهج للحكم يضيق بالمجتمع المدني الحقوقي، وبكافة المؤسسات المدنية والديمقراطية بشكل عام، ويعتبرها في خانة "خصوم الدولة" وليست شريكًا يعتد به في الحوار حول مستقبل هذا الوطن.
وقال إسحق إبراهيم مسئول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: " كان يجب أن يقتصر دور الحكومة على احترام الحق في البناء، وتعزيزه بما يكفل حرية ممارسة الشعائر الدينية، لكن القانون يمنح سلطات واسعة للسلطة التنفيذية في انتهاك حق بناء وترميم الكنائس، ويبسط أيدي الأجهزة الأمنية على منح التراخيص، ومراقبة الأنشطة وأية تعديلات على المباني الدينية."وأضاف إبراهيم أن "القانون مليء بالألغام التي ستمثل عائقاً ليس فقط أمام بناء الكنائس، ولكن أمام ترميمها وتوسيعها، وكان على مجلس النواب أن يقوم بدوره بفتح نقاش جدي حول مواد القانون لا أن يقره كما جاء من الحكومة".
وأضافت المبادرة المصرية أن القانون بصياغته الحالية، هو إعادة إنتاج للأمر الواقع والخاضع لهيمنة نصوص قانونية بالية تنتمي للقرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين مثل الخط الهمايوني وشروط العزبي باشا، بما يتضمناه من شروط قاسية ومعوقات أمام بناء الكنائس، وبذلك لن يحقق القانون هدفه الأساسي بالقضاء على الجذور المسببة للتوترات الطائفية وإلغاء أحد أوجه التمييز القانوني الذي دأبت الدولة على إعادة إنتاجه.
وتابعت أن القانون لم يكن هدفاً في ذاته لكن من المفترض أن يكون وسيلة لضمان ممارسة الشعائر الدينية للمسيحيين. وما يزيد من خطورة الموقف الحالي أننا قد انتقلنا من ممارسات أمنية وإدارية غير قانونية إلى قانون مشوب بعوار دستوري إذ يهدر حقوقاً أساسية أقرها الدستور، ويصادر حريات وحقوق الأجيال القادمة لاسيما أن مثل هذا القانون سيستمر لفترة طويلة، ومن الصعوبة بمكان تغييره.
فيديو قد يعجبك: