تضارب في التقارير حول "الاختفاء القسري".. وأهالي يلجأون لـ"النواب"
كتبت ـ هاجر حسني:
تقدم أهالي المختفين قسريًا بشكوى إلى رئيس مجلس النواب، مطالبين فيها بإجلاء مصير ذويهم والذين تم القبض عليهم منذ أكثر من 3 سنوات ولم يتم عرضهم على النيابة حتى الآن.
وقال الأهالي في شكواهم "عدم عرض المقبوض عليهم على النيابة حتى الآن يعد انتهاكًا للحقوق الواردة بالمادة 45 من الدستور المعمول به، وكذلك المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية وما بعدها، وذلك بالمخالفة للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وأهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
وطالب الأهالي سرعة عرض الأمر على المجلس لسرعة تشكيل لجنة تقصي واستماع لهم ولشهودهم، وجمع الأدلة قبل العبث بها أو طمسها، والاستعلام والتتبع لهواتف ذويهم المحمولة والشرائح المرفقة بها، واستدعاء الأشخاص المشكو في حقهم من الفاعلين والمسؤولين، لسماع أقوالهم وعمل اللازم لاجلاء ذويهم.
وفي تقرير مسبق له في يوليو 2016، قال المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن مصر شهدت عدة حالات من الاختفاء القسري خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ووثق مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء 28 حالة اختفاء لمواطنين مصريين في الفترة من 17/12/1989 إلى 20/6/2000 تضمنت الكثير التفاصيل المهمة بشأن هذه الحالات، كما قدم المركز عدة بلاغات بشأنها للنائب العام، ووثقت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بتوثيق عدة حالات أخرى كان أبرزها حالة رضا هلال، نائب رئيس تحرير صحفية الأهرام في 13/8/ 2006 والذي لا يزال مصيره مجهولاً حتى الآن.
وقال المجلس إن إجمالي عدد الحالات المبلغ بإدعاء إختفائها وصل إلى 267 حالة، أجلت وزارة الداخلية مصير عدد 238 حالة منها، وبينت أن عدد(143 حالة) تفيد بأن المذكورين محبوسين إحتياطياً على ذمة قضايا مع تحديد أماكن إحتجازهم والتي تكون أما بأحد السجون أو أحد أقسام الشرطة ،هذا بجانب تأكيد وزارة الداخلية على إخلاء سبيل عدد (27) حالة وذلك عقب التأكد من سلامة موقفهم وعدم تورطهم فى أعمال مخالفة للقانون ، كما أكدت الوزارة أيضاً وجود عدد 44 حالات تبين بعد الفحص أنه لم يتم ضبطهم أو إتخاذ إجراءات قانونية حيالهم ، ومن المرجح أن غيابهم يعود إلى تركهم محل اقامتهم خوفاً من الملاحقة الأمنية أو الانضمام للجماعات التكفيرية.
وذكر التقرير أن أحداث ثورة يناير2011 اختفاء عدد محدود من الأفراد، وتصاعدت هذه الجرائم تدريجياً خلال الاضطرابات التي شهدتها البلاد وبلغت ذروتها في عمليتي فض تجمعي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس 2013.
وتدريجيا تطورت الشكاوى والبلاغات والتقارير التي تتضمن ادعاءات باختفاء قسرى وبلغت المئات منذ العام 2014 واتسمت هذه الادعاءات بنقص كبير في المعلومات بدءا من أسماء المدعي اختفائهم أو ظروف هذه الاختفاء أو توقيته بدقة أوالجهات التي يزعم ارتكابها هذا الجرم، وهو أمر مالوف في جرائم الإخفاء القسري، قد لا يطعن على مصداقية هذه الادعاءات وإن كان يزيد من صعوبة إجلاء مصير الضحايا.
ورداً على تقرير المجلس القومي لحقوق الانسان الصادر في يوليو 2016 عن الاختفاء القسري، أصدرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات تقريرا سنويا بالتزامن مع اليوم العالمي للاختفاء القسري في 30 أغسطس الحالي تضمن رصد لأعداد الضحايا في الفترة منذ 1 أغسطس 2015 وحتى منتصف أغسطس 2016، ورصدت المنظمة من خلال الحملة التي أطلقتها بعنوان " أوقفوا الإختفاء القسري" من رصد 912 حالة تعرضت للاختفاء القسري – معظمها وقعت بعد أغسطس 2015. لا يزال رهن الاختفاء القسري منها 52 حالة مؤكدة، فيما نجا 584 شخصاً آخرين منهم 41 شخص تم الإفراج عنه و4 أشخاص لا زالوا محتجزين. أم ضمن الناجين من الجريمة.
وأشارت المفوضية إلى أن الرقم الإجمالي الوارد بهذا التقرير يعبر عن الحالات التي استقبلتها الحملة في الفترة الزمنية منذ بداية شهر أغسطس 2015 وحتى منتصف أغسطس لعام 2016. تعرض في هذه الفترة 789 شخص للاختفاء القسري، باﻹضافة إلى123 حالة اختفاء قسري استقبلتها الحملة بعد تدشينها لكن وقائعها ترجع إلى عام 2013 وحتى آخر يوليو 2015.
وقالت المفوضية أن أية قراءة منصفة وموضوعية للتقرير تُرجح أن المجلس القومي لحقوق الإنسان عمد إلى طمس الحقائق، وذلك من خلال الالتفاف حول المصطلحات، واعتبار جريمة "الاختفاء القسري" على أنها جريمة احتجاز خارج إطار القانون. ذلك رغم الأخذ في الاعتبار أن التعريف الذي اعتمدته الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري واضح ومشروط. الأمر الذي يثير الشكوك حول وعي المجلس بدوره في التستر على جريمة الاختفاء وإفلات مرتكبيها من المحاسبة وبالتالي انتشارها على نطاق أوسع بمرور الوقت.
وأضافت المفوضية في ردها بأن تقرير المجلس القومي لم يكن صادماً للمجتمع الحقوقي فحسب، بل لعائلات ضحايا الاختفاء القسري أيضاً. وذلك لأنهم اختصموا وزارة الداخلية في شكواهم وفي إجراءات الانصاف التي قدموها للنيابة العامة، ليُفاجئوا باعتماد التقرير على ردود وزارة الداخلية فقط بشأن الحالات التي استقبلها المجلس من أسر المختفين، دون فتح تحقيقات جادة أو التقصي بشأن ظروف اختفاء واختطاف هؤلاء الأشخاص.
وأضافت أيضاً إذا كان المجلس قد أغفل متعمداً التعريف المرفق بالاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، فإنه أيضاً لم يقم بإصدار تعريفاً للاختفاء القسري أو الكشف عن التعريف الذي اعتمده اثناء اعداده لهذا التقرير، وكأن هدف تقرير المجلس القومي لحقوق الانسان هو نفي وجود اختفاء قسري في مصر وكفى.
فيديو قد يعجبك: