الخارجية: "حقوق الأنسان" بالأمم المتحدة أخذ أتجاهًا مسيسًا بعيدًا عن مساره
جنيف - (أ ش أ):
أكدت مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان والمسائل الاجتماعية والإنسانية الدولية السفيرة ليلى بهاء الدين، في كلمة مصر أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن اجتماع اليوم يوافق الذكرى العاشرة لإنشاء مجلس حقوق الإنسان، ذلك المجلس الذي عقد عليه المجتمع الدولي الآمال لتحقيق نقله نوعيه في حث الدول على الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والاتفاقيات التي انضمت لها طوعا، على نحو يتيح للفرد التمتع بكافة حقوقه التي كفلها له الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين للحقوق السياسية والاقتصادية، وذلك بغض النظر عن لونه أو نوعه أو عقيدته أو جنسه.
وقالت بهاء الدين إنه - وبرغم ذلك - فبنظرة سريعة على العالم اليوم ندرك أنه بالرغم من الجهود التي بذلها ومازال يبذلها المجلس لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، فإننا نظل بعيدين تماما عن الآمال التي عقدت عند تأسيسه، والمحاولات التي نفذت لتحقيق تقدم تستفيد منه الإنسانية، وانه في مواجهة الصراعات الدولية والانتهاكات اليومية أخذ المجلس منحنى اكثر تسيسا، بعيدا عن طبيعته كجهاز فني غير مسيس تابع للجمعية العامة للأمم المتحدة، ويقوم على احترام التنوع والتباين بين المجتمعات المختلفة.
وأضافت أن وقوع المجلس في براثن التوازنات والتحالفات الدولية، واستخدامه كأداة للترويج لأطروحات مجتمعية معينة، بعيداً عن مراعاة التعددية الثقافية أضعفتا من فاعليته وحياده وقدرته على التعامل مع المشاكل الدولية المختلفة، ولم يستطع في كثير من الأحيان الاستجابة بصورة فعالة لاحتياجات وتطلعات البشر في مختلف بقاع الأرض.
وأشارت إلى أن آلية الاستعراض الدوري الشامل هي من أهم الآليات التي أنشأها المجلس وأكثرها فاعلية، فهي تشكل فرصة لشحذ همم الأجهزة الوطنية وتسهم في تعزيز جهودها لتنفيذ التزاماتها الدولية.
وأشارت السفيرة ليلى بهاء الدين إلى أن مصر تولى أهمية خاصة لعمل مجلس حقوق الإنسان، وفقا لولايته والموضوعات التي يتم تناولها في إطار جدول أعماله، كما أن مصر حريصة على الامتثال لكافة تعهداتها والتزاماتها الدولية دون استثناء ودون تمييز أو تفضيل بعضها على البعض الأخر، وهى حريصة من خلال المجلس وغيره من محافل دولية وإقليمية على إعلاء مبادئ حقوق الإنسان، فهي منذ ثورة 25 يناير 2011 تسعى إلى وضع شعارات الثورة "حرية عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية" في مقدمة أهدافها، ثم تطور الأمر مع ثورة 30 يونيو التي صححت المسار وهدفت بصفة خاصة إلى إعلاء مبدأ المواطنة وعدم التمييز أو الإقصاء، وشكلت مبادئ الثورتين معا الدعامات الأساسية التي قام عليها دستور 2014 الجديد، ذلك الدستور الذي قامت بإعداده لجنة ممثلة لكل طوائف المجتمع وأطيافه، ووافقت عليه أغلبية كاسحة من المصريين، وشكل إعلاء وتعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية شقاً كبيراً منه.
كما شددت السفيرة على أن مصر في سعيها لتحسين أوضاع مواطنيها - خاصة بعد استكمال خارطة الطريق وانتخاب برلمان جديد يمثل طوائف الشعب المختلفة - تواجه وضعا أمنيا خطيرا وكيانات إرهابية لا تعرف الهوادة، مضيفة أن الإرهاب الذي تحاربه مصر له آثار وخيمة على المجتمع وعلى التمتع بحقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في الحياة والسلامة الشخصية.
وتابعت بالقول "لقد حرصت مصر على تحذير الدول من خطر هذه الجماعات المتطرفة التي تستخدم العنف أداة لتحقيق أهدافها، كما حرصت على إثناء الدول عن منح لجوء آمن لأفراد هذه الجماعات، وهو الأمر الذي لم تعيره في البدء معظم هذه الدول الأهمية الكافية".
وقالت إن مصر تسعى وهى تخطو إلى الأمام لتحقق الآمال التي تصبو إليها - وفى القلب منها حقوق الإنسان - فإنها فى ذات الوقت تعمل من أجل أن تتخطى الواقع الصعب الذي تفرضه عليها الأوضاع الإقليمية المعقدة المحيطة بها.
وأضافت: "إنني على يقين كامل بنجاح المجتمع المصري في تخطى هذه التحديات لما يملكه من قوة دفع هائلة تتمثل في شبابه الذي خرج بالملايين للمطالبة بحقوقه وحرياته، والتأكيد على إصراره على المسار الديمقراطي وعلى مبادئ الحرية والمساواة والعدل ورفض العنف، وهي خيارات وطنية لا رجعة فيها ولا تخضع لتقييم دول لا تملك السند الأخلاقي لمثل هذا التقييم".
ولفتت السفيرة في كلمة مصر إلى أن البعد الدولي للإرهاب أصبح واضحا للجميع، كما أصبح هناك إدراك لأهمية التعامل مع هذه القضية من خلال عدة محاور، فالمعالجة الأمنية وحدها لا تكفي، حيث المطلوب تجفيف منابع الإرهاب من خلال القضاء على أسبابه وإن تعددت، مع الأخذ في الاعتبار الالتزام باحترام حقوق الإنسان في إطار مكافحة الإرهاب والتي تطيل أمد المكافحة، ولكنه التزام لا حيد عنه، ومع ضرورة تعزيز التعاون الدولي في التصدي للجماعات الإرهابية ومنع كل صور الدعم لها، مضيفة إنه من المؤسف أن هناك دول تستهجن وتدين التنظيمات الإرهابية من ناحية، ولكنها تساندها وتمولها من ناحية أخرى.
وقالت إن المأساة السورية، والانتهاكات التي يعانى منها المواطن السوري منذ 5 سنوات ماثلة بوضوح أمام الجميع، وهى مأساة ترتبت عليها عواقب تثقل الضمير الإنساني وستلازمنا لفترة من الزمن، ونوهت إلى وجود ما يزيد عن ٤ ملايين لاجئ سوري يدقون أبواب الدول المحيطة، والتي لا تستطيع تلبيه كافة الاحتياجات المطلوبة، وهو الأمر الذي ترتبت عليه عدة ظواهر سلبية كالتعصب والقولبة وكراهية الأجانب.
وأضافت أن المطلوب هو مناشدة الدول التي تستطيع مد يد العون واستقبال المزيد من اللاجئين، كما فعلت دول الإقليم إدراكا منها أن الهجرة ليست خيارا، بل هي ضرورة أملتها الظروف، وأن هذه المأساة ذات البعد الإنساني الخطير هي مشكلتنا جميعاً، ولهذا فإن مصر ورغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها تستقبل قرابة نصف مليون لاجئ سوري.
وأكدت بهاء الدين على أنه من الصعب الحديث عن حقوق الإنسان دون الإشارة إلى حقوق الإنسان الفلسطيني الذي يعيش في وطنه كمواطن من الدرجة الثانية، يعانى يومياً من العنف والظلم تحت وطأة الاحتلال الذي يدمر تراثه ويمسح تاريخه ويصادر أراضيه، وأن استمرار اهتمام المجلس بهذه القضية ومنحها أولوية في عمله أمر ضروري لا جدال فيه.
كما أكدت على الأهمية التي توليها مصر لقضايا مواجهة التمييز بمختلف أشكاله، سواء على أساس الأصل أو الدين أو المعتقد، خاصة وأن الأمر ازدادت وطأته مع موجات الهجرة الأخيرة، مضيفة أن الحكومة المصرية تولي أهمية خاصة لتحقيق المساواة في النوع وتمكين المرأة، وهو ما تبدى مؤخراً بفوز 89 سيدة بعضوية مجلس النواب المصري.
ولفتت إلى أن مصر تؤمن أن الاقتصاد النشط والفعال القادر على تحقيق التنمية المستدامة يتطلب مساهمة كل أعضاء المجتمع، مشيرة إلى الأهمية التي توليها مصر لموضوع الحق فى التنمية، وهو الحق الذي تتخطى انعكاساته منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مضيفة "من هذا المنطلق فإن مصر كانت حريصة على تقديم القرارات الخاصة بالحق في العمل خلال دورة المجلس الحالية".
وأكدت السفيرة أن مصر توكد اعتزامها مساندة الجهود التي تبذل من خلال مجلس حقوق الإنسان، وتطلعها لبناء الشراكات اللازمة لتحقيق الغايات المشتركة، وذلك انطلاقا من التزاماتنا الوطنية واستكمالا لمسيرة التعاون الفعّال مع آليات حقوق الإنسان بمنظومة الأمم المتحدة، والتي يأتي مجلس حقوق الإنسان كأحد محاورها الأساسية.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: