لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في يومهن.. راحوا الصبايا وماجوش

12:38 م الأحد 08 مارس 2015

شيماء الصباغ

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت ـ نسمة فرج وهاجر حسني:

 

"راحوا الصبايا والصبايا ما جوش.. سناء ويارا الورد والياسمين، سجن القناطر فيه بنات حلوين.. قبضوا عليهم في الليالي وحوش''، ربما كتبها الشاعر أمين حداد دون توقعه بأن الموت قد يلاحق المدافعين عن حقوق الإنسان وليس السجن فقط.

هن ثلاث سيدات يربطهن قاسم مشترك وهو النضال السياسي الذي أهلهن للحصول على جائزة كمدافعات عن حقوق الإنسان تكريما لهن بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وعلى الرغم من حصولهن على هذا التكريم إلا أنه لم يتثنى لهن الحضور وتسلم الدرع بأنفسهن، فمنهن من هي رحلت عن عالمنا للأبد، ومنهن من هي قابعة في السجن تقضي عقوبة كانت نتيجة لعملٍ تُكرم عليه اليوم.

سناء سيف.. سليلة عائلة المناضلين

unnamed

الأمن يلقي القبض على عدد من المشاركين في مسيرة إلى قصر الاتحادية خرجت للتنديد بقانون التظاهر، بعد إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش على المسيرة، عقب ذلك بساعات تُعلن منى سيف شقيقة علاء عبد الفتاح عبر صفحتها على موقع التدوينات المصغرة تويتر، أنه تم القبض على شقيقتها سناء سيف أثناء انضمامها لمسيرة رافضة لقانون التظاهر، في اتجاهها إلى الاتحادية.

 

سناء هي الابنة الصغرى في عائلة المناضل الحقوقي أحمد سيف الإسلام، علاقتها بالسياسة بدأت في سن مبكرة ولكنها كانت مجرد مشاعر انسانية وتضامنية باعتبارها نشأت في عائلة تهتم للسياسة وللنضال الحقوقي، مثلما أكدت ليلى سويف والدة سناء والمعروفة أيضا في الأوساط السياسية والحقوقية.

 

بالحكم عليها في قضية الاتحادية تقضي سناء عقوبتها في أولى القضايا ضدها ولكن ذلك لم يحبط عزيمتها أو ينتقص من تفاؤلها "هي متعايشة مع السجن ومتقبلاه باعتبار أنه ثمن طبيعي بتدفعه مقابل مواقفها"، وبالرغم من أسوار السجن إلا أن سناء لم تنقطع عن متابعة التطورات في الخارج فدائما ما تسأل عائلتها عن الأوضاع خلال الزيارات المتكررة، بل أنها اتخذت من وجودها داخل السجن جبهة للدفاع عن حقوقها في الداخل.

 

القبض على الفتاة العشرينية في أحداث تظاهرة الاتحادية لم يكن أسوأ موقف تعرضت له "سناء تعرضت لأسوأ من كده بكتير من موت لأصدقائها وترددها على المشرحة وغيرهم جرحى في المستشفيات، علشان كده مش شايفة إن السجن أكبر حاجة حصلتلها"، السجن من وجهة نظر ليلى سويف عقوبة غير مجدية أمام شباب رأى بعينه الموت "مش فاهمة النظام ازاي بيفكر إن الشباب ده ممكن يخاف من السجن بعد ما شافوا الموت بعنيهم".

 

تجربة السجن أثرت كثيرا في سناء، فزادت من اصرارها وايماننها بأفكارها "أنا فخورة بيها مش بس لثباتها على موقفها، كمان لأن التجربة طلعت منها قدرات مكنتش متوقعاها"، وعلى الرغم من الأيام التي يحيط بها الملل داخل السجن إلا أنها لم تنقض عهدها ببث التفاؤل في نفس كل من يزورها "أي حد بيزور سناء في السجن بيرجع منبهر من أد ايه زيارتها شئ مبهج".

 

يارا سلام.. الثائرة بوجه طفولي

unnamed

كانت مسيرة الاتحادية وسيلة يارا سلام للاعتراض على قانون التظاهر مثلما كانت بالنسبة لسناء سيف، ذات الظروف التي تم القبض عليهن فيها، ذات الاتهامات والجلسات والملابسات، جمعهن غايه واحدة وسجن واحد.

 

يارا سلام هي ابنه "رفعت سلام" الشاعر الكبير، صاحب كتاب "وردة الفوضى الجميلة" و"حجر يطفو على الماء"، تشتهر يارا بين الأوساط الحقوقية بوجهها الطفولي، حبها لعملها وتميزها كحقوقية كان شهادة من جميع أصدقاءها ومعارفها، تصفتها والدتها المترجمة راوية صادق بانها “خجولة ولمضة" وهاتين الصفتين كان لهما أبلغ الأثر في تميزها في مجال الحقوق، فأعطت لها الأولى بُعدا إنسانيا يشعر بآلام المظلومين بينما كفلت لها الثانية جرأة ولباقة في الدفاع عنهم.

 

"منذ صغرها كانت صاحبة شخصية مستقلة، تكون صداقات عديدة"، هكذا يصفها والدها الذي أكد أنها عندما كانت في الصف الثاني الابتدائي اشتركت في جمعية للأطفال كان صاحبها الفنان على بدرخان وكانت تتحمل متاعب الطريق حيث كانت الجمعية بالهرم ومنزلها بالهرم، في الثانية عشر من عمرها، جاءت يارا تتطلب من والدها أن يوافق على سفرها إلى النمسا لكي تشارك مع أطفال في عمرها ومختلف الجنسيات في معكسر لها "من الوقت ده وحتي قبل القبض عليها كانت تشارك في المعسكرات والمؤتمرات وده ساعدها على تكوين علاقات في مجالات مختلفة".

 

حياة يارا المهنية بدأت بعد تخرجها من كلية الحقوق بجامعة القاهرة، العمل كباحثة في شئون الحريات المدنية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ثم عقب حصولها على شهادة الماجستير، عملت كمساعدة قانونية باللجنة اﻷفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في جامبيا.

 

امتلكت يارا مدونة خاصة بها "شغف" كان اسم المدونة التي فيها بشغف حقيقي عن كل شيء: الثورة والتحرش والموت والحب، وعلى الرغم من كل ما يتعلق بعملها من متاعب، وما يلتهمه هذا العمل من وقت وطاقة، تبدو يارا دائما قادرة على إضفاء البهجة حيث تتواجد. تلمع عينيها حين تشتري دراجة زرقاء اللون، وتحدث الزملاء عن متعة قيادة هذه الدراجة من جاردن سيتي إلى حي مصر الجديدة، وحين تتحدث بحماس عن تجاربها في الغطس بمناطق مختلفة ورحلاتها إلى دهب، أو حين تلتحق بورشة لأعمال النجارة، وتتحدث عن خططها للإستمرار في تعلم النجارة، حتى تتمكن من صناعة بعض قطع أثاث للمنزل.

 

شيماء الصباغ.. الموت في حب الوطن

unnamed

يتفرق الجمع فور بدء إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش داخل شارع طلعت حرب بوسط البلد، لحظات لا يملك فيها من يكون داخل المشهد سوى الاختباء والاحتماء من الرصاصات المتطايرة، تصرخ هي دون اكتراث بما حولها "احنا مبنعملش حاجة غلط"، محاولة حث زملاءها للثبات على موقفهم والثبات في مواقعهم.

 

ربما تكون كلمات بسيطة كانت هي آخر الكلمات التي نطقتها شيماء الصباغ قبل أن تستقر إحدى هذه الرصاصات برأسها إثر فض الوقفة الاحتجاجية التي نظمها التحالف الاشتراكي قبل ذكرى ثورة يناير الأخيرة بيوم واحد.

 

لم تكن شيماء بالشخصية المعروفة للرأي العام بنضالها السياسي، ولكن بعض المقربين منها كان لديهم تفاصيل أخرى، اهتمام شيماء بحقوق المواطن عامة والعمال بشكل خاص جعلها تُكرس حياتها للدفاع عن الفئات المهضوم حقها، "هي بنت كانت عايشة حياتها للناس، مكنش ليها ف نفسها حاجة" قالها مصطفى عبد العال، أحد أعضاء حزب العيش والحرية وصديق مقرب لشيماء، فور انتهاءه من زيارة لها بالمقابر.

 

الدفاع عن حقوق العمال كان الشغل الشاغل لشيماء طوال فترة حياتها، الاهتمام بهذه الفئة تحديدا نبع من ايمانها القوي بحقوقهم، "كانت مسخرة حياتها للدفاع عن العمال وأطفال الشوارع والكفاح لتحقيق العدالة الاجتماعية، كان بتتمنى تلاقي نفسها عايشة في حياة أفضل"، لم يتذكر مصطفى موقف لافت جمع بينه وبين شيماء، ولكنه أكد أن كل من عرفها على المستوى الشخصي يملك "حكاية" معها سيرويها يوماً ما، "إني أعرف البنت اللي مكنش عندها مانع إنها تموت علشان حقوق الفقراء ده في حد ذاته أكتر موقف ممكنا اقوله، هي نقطة بيضاء في حياة كل شخص عرفها".

 

الاختلاف على شخصية شيماء لم يكن له محل في حديث المقربين منها، فاتفق أصدقاءها على نشاطها وقربها من الجميع "كانت شخص لطيف على المستوى الإنساني، بتحب الموسيقى والشعر واهتمت بالثقافة والفنون الشعبية" هكذا وصفتها إلهام عيد راوس، وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية، فالعلاقة التي ربطت إلهام وشيماء عقب ثورة يناير واستمرت حتى آخر أيامها جعلت منهما صديقتين مقربتين، فأكدت أن شيماء كانت مؤمنة بالأفكار الاشتراكية اليسارية والتقدمية بشكل عام، التنظيم السياسي كان بالنسبة لها قضية ذات أولوية "مكنتش بتقتنع إن في حد عنده رؤية سياسية يشتغل لوحده أو بشكل غير منظم".

 

مواقف الصباغ السياسية وآرائها في النظام كانت واضحة فيما تكتبه من تدوينات بسيطة على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت دائما تؤكد على الحق في التظاهر والاحتجاج ولذلك فجنازتها جمعت كل من هم يتبعون ذات الخطى "حضر الجنازة كل أطياف الحركة الديمقراطية بعد الثورة وده بالرغم من إنها مكنتش معروفة اعلاميا بدرجة كبيرة".

 

تكريمها كمدافعة عن حقوق الإنسان كان أمر جيد بالنسبة لأصدقائها ولكنه بالطبع لا يعتبر تعويضا عن شخص كشيماء الصباغ تقول إلهام "مفيش أي حاجة تعوض شخصية زي شيماء ولكن التكريم بيحاول يقول إن حياة الشخص ده مرحتش هباءا وأفكاره موجودة"، وهو ما أكده مصطفى قائلا "الفكرة مش في تخليد شيماء الصباغ أد ما هي تخليدا للفكرة اللي كانت عايشه علشانها، تكريمها ده حاجة صغيرة جدا عليها وده مش علشان هي صديقتي".

فيديو قد يعجبك: