رئيس قسم الفلك يتحدث عن: العيّش على المريخ وعلامات الساعة وناسا ''المظلومة''- (حوار)
حوار- أحمد لطفي:
تصوير- نادر نبيل:
رأي الدكتور أشرف تادرس، رئيس قسم الفلك بالمعهد القومى للعلوم الفلكية والجيوفيزيقية، التابع لوزارة البحث العلمي، أن مجال الفلك لم يهتم به المصريون إلا مؤخرًا خاصة عقب تدشين صفحة مرصد القطامية على فيسبوك لمتابعة الظواهر الفلكية.
وأضاف تادرس، في حواره مع مصراوي، أن المعهد يفكر في انشاء تلسكوب جديد بمساندة التحالف الدولي خلال العشر سنوات المقبلة بمنطقة جبل سانت كاترين، مرجعاً الي أن السبب في انشاءه يعود الي العاصمة الإدارية الجديدة التي من المزعم انشاؤها خلال العشر سنوات المقبلة، وتأثيرها على عمل التلسكوب المتواجد حاليا بطريق العين السخنة - القطامية، وإن السكان والإضاءة الشديدة سيؤثرن على عمل وتشويش التلسكوب، الذي من المفترض تدشينه فوق أعلي نقطة جبلية ومنطقة صحراوية تماما.
وأقترح تادرس انشاء تلسكوب آخر في المنطقة يطلق عليه ''رديوي'' الذي يعمل نهارًا وليلاً دون تأثر بالإضاءة أو الزحف العمراني، الي جانب انشاء تلسكوب ''اوبتكل'' في غضون خمسين عامًا على الأقل، بمنطقة سانت كاترين.
وإلي نص الحوار...
في البداية.. كيف تقاس الظواهر الفلكية الطبيعة والنادرة؟
باختصار يوجد معلومة لدي المواطنين، بأن مرصد حلوان يتابع حركة الظواهر الفلكية فقط، وهذا ليس حقيقي لأن المرصد تم بناؤه عام 1903، لرصد ومتابعة النجوم المتغيرة والنابضة والمجرات والحشود النجمية والجزر الكونية، فالمرصد يتواجد على تابة بمنطقة حلوان على ارتفاع 120 متر عن مستوي البحر وتلسكوب 30 بوصة، في أعلي نقطة جبلية ''كان شغال زي الفل أيام ما كانت المنطقة معزولة والسماء صافية ولا يوجد ازدحام سكني بها''.
وكان مرصد يتضرب به المثل، ولكن مع الزحف السكني والمصانع التي ملئت المنطقة، أصبحت السماء غير صافية لمتابعة الظواهر الفلكية، فتم انشاء مرصد القطامية الفلكي عند الكيلو 61 من طريق القطامية- العين السخنة، ويعد أكبر تلسكوب أرضي منذ 1964على مستوي إفريقيا والشرق الأوسط.
ويعمل تلسكوب القطامية في مناخ هادئ ومناسب جدًا في حوالي 200 ليلة صافية، على العكس من الغرب الذي يعاني من السماء المغلقة.
وماذا عن تلسكوب مجلان الذي يعد الأكبر في تاريخ البشرية؟
في الحقيقة، قوة هذا التلسكوب يعتمد على قطره من 6 الي 7 متر، ''فهو قوي جدًا''، حيث أن التلسكوب المصري 2 متر وأعتقد أنه مازال محل إعداد.
ولكننا نفكر في انشاء تلسكوب جديد بمساندة التحالف الدولي خلال العشر سنوات المقبلة في منطقة جبل سانت كاترين.
لماذا؟
لأن العاصمة الإدارية الجديدة التي من المزعم انشاؤها خلال العشر سنوات المقبلة، سوف تؤثر على عمل التلسكوب الواقع الآن بطريق القطامية- العين السخنة، وينبغي عمل التلسكوب على أعلى نقطة جبلية ومنطقة خالية من السكان والإضاءة وبعيد عن المدن تمامًا حيث أن طريق العين السخنة- القطامية مضيئ مساءً وهذا خطأ ويشوش على عمل التلسكوب.
وعقدنا عدة اجتماعات حول تلك الموضوع، وقلت إن البنية التحتية للموقع من الطرق والكهرباء ومباني استراحات وورش ''موقع صعب الاستغناء عنه ولو مسمار اتفك مش هتعرف ترجعه تاني''.
وما الحل من وجهة نظرك؟
الحل يكمن في انشاء تلسكوب جديد، حيث أن الدول الأوروبية لديها أكثر من تلسكوب ''وإحنا معندناش غير واحد''، ولدينا كودار لذا نفكر في انشاء تلسكوب جديد ''اوبتكل'' بمساندة التحالف الدولي، وعلى جبل أعلي وليس بها زحف عمراني في غضون خمسين عامًا على الأقل، وجميع الباحثين أجمعوا على منطقة سانت كاترين.
وهل عرض هذا المقترح على وزارة البحث العلمي أو مجلس الوزراء؟
بالفعل، تم رفع مذكرات حول المقترح للوزارة، وما زالت المناقشات مستمرة.
ولكن برأيك..لماذا بقيت مصر طيلة مائة عام بتلسكوب واحد فقط؟
نعم، لأننا ببساطة ليس لدينا اهتمام بمجال الفلك ''مش واخد حقه''، والمواطنين بدأوا الاهتمام بالفلك بعد تدشين صفحة مرصد القطامية لشرح الظواهر الفلكية.
البعض يخلط بين مهام معهد الفلك و هيئة الأرصاد الجوية.. ما تعليقك؟
لا، هيئة الأرصاد الجوية تهتم بكل ما هو متواجد داخل الغلاف الجوي، إنما نحن في معهد الفلك نتعامل في أعماق الكون من النجوم المتغيرة والنابضة والمجرات والحشود النجمية والجزر الكونية.
تخرج دائما وكالة ناسا بتوقعات إما بظلام دامس أو اصطدام كويكب بالأرض ومعهد الفلك ينفي.. ما تعليقك؟
لا أعتقد أن تلك التصريحات من ناسا، ولكنها منسوبة لناسا، ''هي مظلومة في التصريحات دي''، والخبر الصحيح الذي تم تداوله هو اصطفاف الكواكب مثل المشتري والزهرة والمريخ وعطارد.
فالتصرحات المنسوبة إليها بشأن الظلام الدامس، قيل إنها أرسلت مذكرة للبيت الأبيض لشرح الظاهرة في مائة صفحة، ''هو في ظاهرة بتتشرح في مائة صفحة.. ده مجلد!! فهي حكاية ملفقة''.
ماذا عن شائعات وجود حياة على كوكب غير الأرض عقب تصريحات اكتشاف مياه على المريخ؟
في الواقع، من الممكن أن يكتشف مياه على كوكب المريخ، لأننا منذ أن كنا طلبة درسنا أن فوق جبال المريخ كتل من الجليد ويتم اذابته في فصل الصيف، بالتالي من الممكن يوجد مياه على الكوكب، حيث أنه من مجموعة الكواكب الأرضية ''عطارد- الزهرة- الأرض- والمريخ''.
ولكن ليس شرط بأن يكون هناك مياه على الكوكب مرتبط بامكانية الحياة عليه، أو ليس طريقة الحياة الطبيعية على كوكب الأرض فهي تعد حياة ''كهروبائية أو طحلية'' من الكائنات الذكية، فهي ليست مثل الحياة البشرية لدينا، ''مش لازم يتنفسوا هواء أو يشربوا مياه''، بل يوجد شكل آخر للحياة غير متصور لنا.
ماذا عن أزمة وقفة عرفات التي اختلف عليها علماء الفلك حتى الآن؟
أحب توضيح أن الحسابات الفلكية دقيقة جداً ولا داعي للشك فيها ولكن الرؤية بالعين المجردة وسط الظروف البيئية للدول من غبار وسحب خفيفة، تجعل الرؤية صعبة، حيث أن الإسلام يشرع بضرورة رؤيتها بالعين، وتعد نقطة الخلاف بين الحسابات الفلكية ودار الافتاء في عدم رجوعهم لرؤيته بالتلسكوب لتوضيح الأمر فلكيًا.
''ونحن لدينا لجان عديدة لرصد تلك الحسابات وليس مجرد رؤيتها بالعين المجردة ونمشي وخلاص''.
يوجد أقاويل بأن علامات الساعة اقتربت.. هل هناك مؤشرات فلكية لهذا؟
بالطبع لا، ولم يثبت بعد ولكن تلك الأوقايل تتزايد دوما في الشهور الأخيرة من كل عام، وهذا يرجع لشائعات الظلام الدامس أو اصطدام كويكب بالأرض، فهو يساعد على البلبلة وتخوف المواطنين ''ولا داعي للخوف''.
وفي الواقع أيضا، دائما يأتي التخوف من الفضاء لأنه ببساطة الأرض اتعرفت والمجهول دائما مصدر التخويف لدي المواطنين.
وما الفرق بين الفلك والتنجيم؟
بالتأكيد الفرق كبير جدًا، والمنجمون للأسف كثروا خلال الفترة الماضية، ومن وجهة نظري ترجع تلك الشائعات السابقة لهم، فهناك فصل بين الفلك والتنجيم لأن التنجيم ليس علمًا ولكنه استقراءات وفقا للمنجم نفسه و أوجه إليهم رسالة '' اهدوا شويه على الناس لأنكم سبب البلبلة''.
هل ستشهد مصر أى ظواهر نادرة في عام 2016؟
أعتقد لا، لأن الظواهر الفلكية ''عادية جدًا'' في مصر، وهي اصطفاف كواكب واستئتار نجم أمام كوكب، والخسوف والكسوف حيث إن عددهم من 4 الي 7 مرات في العام، واقتراب مذنبات، اقتراب كويكبات من الأرض، وزخات الشهب مثل زخات التنين التي حدثت منذ أيام.
وهل ينظم معهد الفلك رحلات لمشاهدة هذه الظواهر الفلكية؟
نعم، ننظم رحلات مدرسية وتتطالب تواجدك على مرتفع أو منطقة جبلية وخالية من الغبار والأتربة ولا يوجد بها إضاءة، فنحن نعلن عن الرحلات قبل الظاهرة بحوالي أسبوع لمتابعتها من مرصد القطامية.
وما مصدر صناعة تلسكوب القطامية؟
يعد صناعة إنجليزية وأيام الملكية كانت يكلف نصف مليون جنيه ''وقتها كان رقم رهيب''، يحتوي على قبه لحماية التلسكوب من البيئة الصحراوية المتواجد بها، وزنها حوالي 100 طن، تدور على ستة مواتير ضخمة، والتلسكوب نفسه يزّن 50 طن،''الأجهزة الفلكية تصنع مخصوص ومش موجودة على الأرفف''.
أخيراً.. هل تري من وجهة نظرك أن الدولة المصرية تهتم بالشكل الكافي بمجال الفلك؟
نحن لن نستطيع انكار المجهود الكبير لمرصد القطامية، وتخصيص ميزانية لرفع مستوي سلامة طريق القطامية ووضع اضاءات ''عين القط'' على جانبي الطريق فقط، منعًا للإضاءة الكثيفة التي تضرر عمل التلسكوب، واستطاعنا الحصول على مركز تمييز على مستوي الجمهورية، فالدولة تضع نصب أعينها للبحث العلمي بشكل عام.
وعلينا رفع كفاءة تلسكوب القطامية والموقع، بانشاء آخر رديوي الذي يعمل ليلاً نهارًا على العكس من الحالي، الذي يتطالب ليلاً وبدون اى اضاءة، وانشاء قبه صغيرة لمساعدة الزوار في مشاهدة الظواهر الفلكية، باعتباره سرحًا سياحيًا.
فيديو قد يعجبك: