متحف للفاسدين.. "هو أنا اسمي مكتوب" (بروفايل)
كتب – أحمد الشمسي :
تبلدت عروقه من الدم، فأصبحت جوفاء حتى من العواطف، لم يشرب من "نيلها"، كما أنه لم يكدُ عناءً و"يغني لها"، أغواه الشيطان مرات عدة فلم يقل له "لأ"، لم يستمع لعبارات محمد الموجي التي تغنى بها العندليب "أنا من تراب"، تحجر قلبه، فصار صارمًا وقاسيًا على أقرب مُقربيه، لفحته نسمات الكذب، فإذا حدث كذب، وإذا وعد الناس أخلف، وإذا أؤتمن على أموالهم خان، الرشوة بالنسبة له "مجاملة"، والأصولية في معجم معانيه "مغامرة"، نسى الله فأنساه نفسه، لم يُغامر، لكنه قامر، ليس بالمال، ولكن بأرواح البشر، صفقة أغذية مغشوشة "ده معدة المصريين بتاكل الزلط"، فصفقة أدوية مغشوشة "كده كده المرض صايبهم".. مصائب يتعرض لها المصريون كالسهام في أرض معركة حربية تنفذ في صدورهم فتُرديهم قتلى، من ماء ملوث، أم أغذية مُسرطنة، أم عقارات مُنهارة، أم هواء مُلوث، المواطن غواصُ في بحر الألم، فيما يغوص هو في بحر الشهوة.
في المُعجم الجامع، يُعرف الفاسد بأنه من تدبر وتباحث وخطط لقطع أرحام القوم وأوصالهم، قيل لهم مرارًا "لا تُفسدوا في الأرض"، فردوا "إنما نحن مُصلحون"، قيل لهم ثوروا كما ثار الناس، قالوا أنثور كما ثار الشباب إنهم سُفهاء، ألا أنكم أنتم السُفهاء ولكن لا تعلمون، أساؤوا استخدام السلطة، فأساءت الثورة لهم، لم يلحظوا تنامي مؤشر فسادهم، الذي أغرق البلاد، فلم يكن غريبًا أن يتدنى مركز مصر على المؤشر العام لإدراك الفساد إلى 111 من بين 180 دولة عام 2010، ظنوا أنهم "مصلحون".
يُصفقون مع كلمة رئاسية، يهتفون حتى تنضح حناجرهم وتلتهب، يسيرون وراء كل حاكم، بالنسبة للحاكم هم أتباعه ومُريديه، وبالنسبة للشعب هم طاقة الأمل والحل لمشاكلهم، وبالنسبة لأنفسهم "خسروها" لكنهم يعتقدون أنهم الرابحون، الزمن أستُهزئ بهم، والثورة جنت عليهم لتأتي قطافها بطيئة خلال تصريحات صحفية "هناك مشروع قانون سيتضمن مادة تتُيح إنشاء متحف لتخليد ذكرى ثورة يناير، وذلك من خلال استغلال مقر الحزب الوطني المحترق بكورنيش النيل، وتحويله إلى متحف للفاسدين مُدون فيه أسماء كل من أفسدوا الحياة السياسية، والجرائم التي ارتكبوها وتاريخها".. نصبُ للفاسدين مُزمع إنشاءه، ونصبُ للثورة لا لبنة فيه حتى الآن، فيما يحمل الذي أفسد همًا واحدًا حتى لا يحسبوه من الفاسدين، لاهثًا بحفيفه المعهود مُخاطبًا: "هو أنا اسمي مكتوب".
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: