مركز حقوقي يوضح أسباب تراجع الحريات في مصر
كتبت- هاجر حسني:
أعرب المركز المصري لحقوق الانسان عن خيبة أمله بعد ظهور عدد من المؤشرات التي تدفع بمزيد من الخطوات القمعية على حساب حقوق الانسان والحريات العامة للمجتمع، واختلاط المفاهيم بين محاربة الارهاب وانتهاك الحريات، واستمرار غياب الشفافية فى حرية تداول المعلومات، مع تراخى الحكومة عن حل عدد من مشكلات المواطنين الآنية بدعوى عدم توفر الامكانات اللازمة.
ويري المركز المصري لحقوق الانسان فى ذكري اليوم العالمي لحقوق الانسان، اليوم الأربعاء، أن هناك خطوات تصعيدية من الحكومة تجاه منظمات المجتمع المدني، والتعامل بندية مع هذه المنظمات، وبدلا من تحقيق تعاون مشترك بين الطرفين لخدمة المجتمع،عادت لغة التخوين والعمالة تظهر من جديد، وتشويه سمعة المنظمات الحقوقية فى وسائل الاعلام، واتخاذ قرارات واعداد مشروعات قوانين لكبح جموح هذه المنظمات والتي تعمل فى الأساس على تبنى حقوق المواطنين والدفاع عنها ، واقتراح مزيد من القوانين والبدائل لتعديل الاوضاع الراهنة للأفضل، وبالرغم من الانتقادات التي تعرضت لها مصر خلال جلسة المراجعة الدورية لحقوق الانسان فى نوفمبر الماضي بسبب هذا الملف، إلا انه حتى الآن لم تصل الرسالة بعد، ولا تزال الانتهاكات تتوالى.
وأكد المركز المصري على أن جلسة المراجعة الدورية بما انتهت إليه من توصيات، تؤكد ان أوضاع حقوق الانسان في مصر تسير عكس طموحات المواطنين، وأن الجلسة التى ستخضع لها مصر فى مارس المقبل لتقديم ردها على التوصيات النهائية التي بلغت 300 توصية، لن تخرج عن تقديم مزيد من الوعود والتعهدات لتعزيز أوضاع حقوق الانسان، وتعديل ما يتطلب من تشريعات، خاصة وانه فى ظل غياب البرلمان المنتخب، لن تفلح الحكومة فى الوفاء بالتعهدات، وستضطر الانتظار حتى يتم انتخاب برلمان واعداد حزمة من التشريعات لتعديل وضع مختل، ومناخ قلق، وتلبية تطلعات مواطنين ينشدون الحرية والاستقرار.
وأشار إلى أن المجتمع المصري شهد عدد من الأحداث المأساوية خلال عام مضي، ووقع عشرات من الضحايا نتيجة أعمال ارهابية جبانة وخسيسة، لا تتصل بالأديان وتعاليمها السمحة، ولكن فى ظل خطابات تعزز من الكراهية وتحض على العنف، مع عدم قيام المؤسسات الدينية بدورها في مكافحة التطرف، مع تغييب القانون واستمرار العمل بجلسات الصلح العرفية، ومحاولة مواءمة تيارات اسلامية على حساب مفاهيم الحق والعدالة والمساواة ساهمت فى تأجيج النعرات الطائفية والمذهبية، وانقسام المجتمع ما بين الحديث عن الانقلاب وما بين الثورة الشعبية، وتناسي الجرائم التى وقعت فى عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، وما شهده فترة حكمه التى لم تزد عن عام من التعدى على الدستور والقانون وتقسيم المجتمع، وتأجيج النعرات الطائفية والمذهبية، حتى اقترب المجتمع من الوقوع فى حرب اهلية طاحنة، حما بها الله مصر وشعبها.
وأكد المركز المصري أن فترة ''مرسي'' تعد من أسوأ فترات حكم مصر، بعد ما شهدته من الاعتداء على الدستور والقانون وقمع الحريات والتحريض ضد المعارضين، والاعتداء عليهم، وعدم الاعتراف بالتعددية الحزبية ، وقمع المنظمات المدنية، مما يعد ردة فى سجل الحريات وحقوق الانسان.
وأوضح أن المجتمع ايد الثورة الشعبية فى 30 يونيو 2013، وهو يعمل جاهدا على استعادة الدولة الوطنية الدستورية الحديثة، وتعزيز الحريات وحقوق الانسان، وبناء دول المؤسسات، وخاصة البرلمان، والفصل بين السلطات، وتأكيد الحاكمية للشعب عبر صناديق الانتخاب، مع خطوات حقيقية ترسخ من الديمقراطية وتعزيز التداول السلمى للسلطة، وانه بفعل عوامل طارئة جنح المجتمع بعيدا عن أهدافه خلال الأشهر الأخيرة، ويأمل المركز أن يتم عبوره فى اسرع وقت، كى يواصل الشعب المصري طريقه نحو الدولة الدستورية العادلة التى ينشدها.
وأكد المركز المصري على أن هناك مزيد من الخطوات التى لابد من اتخاذها لتعزيز أوضاع حقوق الانسان، ومنها احترام الحكومة للحق فى السكن، خاصة وان المشروعات التى أعلنت عنها مؤخرا لا تتماشي مع دور الدولة فى توفير مسكن ملائم لكل مواطن، وأن هذه الخطوات اقتصرت على مزاحمة القطاع الخاص فى بناء وحدات سكنية وبيعها بأقل قليلا من سعر السوق، ولكنها فى ذات الوقت تفتح باب المجال أمام ارتفاع الأسعار بشكل جنونى، ومزاحمة الحكومة للقطاع الخاص، وبدلا من طرح وحدات بأسعار مناسبة واقل كثيرا من سعر السوق لوضع حد لشطحات الشركات الخاصة، عجزت الحكومة عن توفير البديل، واستمرت على نهجها المستمر لسنوات مضت فى التخلي عن توفير هذا الحق للمواطنين.
كما تراجعت الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وبالرغم من نص الدستور على ميزانية أعلى قليلا عن المعهود للصحة، إلا أن هذا الأمر لم ينعكس على حياة المواطنين، وعلاجهم فى المستشفيات الحكومية، ولا تزال المستشفيات الخاصة تتحكم فى المواطنين، وتفرض مبالغ باهظة للعلاج والخدمات، وفى كثير من الأحيان يشترط على المريض الدفع أولا قبل أن يحصل على العلاج، حتى ولو كان على مقربة من الموت نتيجة التلكؤ فى العلاج.
وحول أوضاع التعليم فى المدارس، يؤكد المركز المصري على تراجع الخدمات التعليمية، مع انتشار الاهمال فى المدارس، ووفقا لتقارير المركز الشهرية، بشأن رصد أوضاع حقوق الانسان فى المدارس، يتم رصد عشرات من قضايا الاهمال والتراخي، وسقوط التلاميذ قتلى ومصابين نتيجة هذا التراخي، وعدم محاسبة المتورطين فى هذه الجرائم، والاكتفاء بتحويل بعضهم لعقوبات ادارية هزيلة، مع تغييب حقيقي للقانون، إلى جانب تراجع المحتوي التعليمي الذى يحصل عليه التلاميذ، وعزوف التلاميذ عن الذهاب إلى المدارس والاعتماد بشكل أساسي على الدروس الخصوصية، فى وضع شاذ وضار وغير معقول، وهو ما يكشف عن الترهل فى الجهاز الاداري للدولة وخاصة فى قطاع التعليم، وهو ما يتطلب معه وقفة حازمة وجادة لإنهاء هذه السلوكيات الخاطئة.
ويؤكد المركز المصري لحقوق الانسان على أن حالات نشر العنف ضد الاخر المختلف سياسي أو دينيا او مذهبيا تتزايد، فى الوقت الذى تلعب فيه بعض وسائل الاعلام على نشر الفرقة فى المجتمع لحساب الاثارة، والحصول على انتشار أوسع، دون مراعاة السلم الاجتماعي، وحق كل المصريين فى بناء وطنهم دون تفرقة أو تمييز، كما تعانى حرية التعبير والابداع لمضايقات عديدة، وعودة مصطلحات التخوين والعمالة مع المختلفين فى الرأي يهدد بعودة خفافيش الظلام ودعاة الدولة الرجعية.
ويهيب المركز فى ذكري الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الانسان كل مؤسسات الدولة للانتصار لدولة القانون والمؤسسات، واحترام وتعزيز حقوق الانسان والمواطنة، والعمل سويا على مواجهة الحرب الشرسة على حقوق الانسان، ومخاطبة الحكومة وكل الأجهزة التنفيذية بالدولة بتطبيق احترامها لحقوق الانسان بشكل عملي بعيدا عن الشعارات أو الخوض فى النيات، من أجل وطن أفضل لكل المصريين، واحترام وصون الكرامة الانسانية والعدالة والحرية والعيش الكريم، وهى الشعارات التى خرج من اجلها المصريين فى 25 يناير 2011، وكذلك فى 30 يونيو 2013.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: