5 تلاميذ ضحايا الإهمال خلال 18 يوما
تقرير - ياسمين محمد:
خمسة أيام يجوز أن توصف بـ''النحس''، خلال 18 يومًا فقط، حيث شهدت تلك حوادث إهمال بالجملة داخل المدارس، فما بين ''زجاج، بوابة، نافورة، سيارة تغذية، سيخ حديد''، كان الموت هو المصير الذي ينتظر طلاب المدارس رغم تعدد الأسباب.
أكتوبر 2014.. يبتلع التلاميذ
الإثنين 13 أكتوبر، لقى الطالب يوسف يحي بالصف الثالث الابتدائي بمدرسة عمار بن ياسر بحي المطرية، مصرعه بعد سقوط زجاج فصله على رقبته ، أثناء قيامه بفتح النافذة.
لم يكن يوسف الطفل ذو التسع سنوات ، ضحية اهمال مدرسته فحسب، بل أيضًا ضحية اهمال المستشفيات، حيث رفضت مستشفى المطرية استقباله، وطالبت مستشفى عين شمس التخصصي عشرة آلاف جنيه تأمينًا قبل دخوله، مما ادى إلى استمرار نزيف الطفل لمدة 4 ساعات حتى لفظ أنفاسه.
الأحد 19 أكتوبر، أثناء فترة الفسحة بمدرسة الزغيرات بمحافظة مطروح ،حيث يلهو الطلاب، ذهب الطالب يوسف سلطان نحو بوابة مدرسته، يلهو بجانبها، ولكن يبدو أنها لم تكن بالقوة التي تجعلها تتحمل لهو طفل في المرحلة الابتدائية، لتسقط البوابة على جسد الطفل الصغير وتودي بحياته.
الأبنية التعليمة، ألقت اتهام وفاة يوسف على مديرية التربية والتعليم بمحافظة مطروح، حيث أكد مصدر بداخل الهيئة أن مديرة مدرسة الزغيرات أبلغت المديرية بحالة البوابة المتهالكة ولكن المديرية لم تتخذ أي إجراء.
الثلاثاء 21 أكتوبر، لقى أدهم محمد عبد العال، الطالب بالصف الثالث الابتدائي بمدرسة أمين النشرتي بالجيزة، مصرعه تحت عجلات سيارة التغذية المدرسية فبدلاً من أن تمنحه غذاءً يرعى صحته، أودت بحياته وأصابت زمليه.
يتقاسم مسؤولية قتل ثلاثة أطراف، فما بين مدير المدرسة الذي أكد أنه لا يسمح بدخول سيارة التغذية إلى فناء المدرسة، ومسؤل الأمن الذي يسمح للسيارة بالدخول بما يخالف القانون، أكد سائق سيارة التغذية أن ان السيارة لم يكن بها فرامل وكانت النتيجة تهشم جمجمة الطفل أدهم عندما حشرت رأسه بين السيارة والحائط.
الأربعاء 29 أكتوبر، يلهو الطفل يوسف سامح جرجس الطالب بمدرسة باردي الخاصة للغات بالقليوبية، أثناء فترة ''الفسحة'' بـ''نافورة'' متواجدة بفناة مدرسته، ولكنها لم تتحمله أيضًا شأنها شأن بوابة مدرسة مطروح، فسقطت عليه لتودي بحياته في الحال.
لم يكتفِ المسؤولين المدرسة بالإهمال الذي أودى بحياة يوسف، ولكنهم ارتكبوا اهمال آخر حينما تأخروا في الإبلاغ عن الواقعة واتباع الاجراءات القانونية.
الخميس 30 أكتوبر، بيتر مجدي نسيم، الطالب بالصف الأولى الثانوي بمدرسة أحمد بهجت بحي الهرم بمحافظة الجيزة، يحاول الهروب من المدرسة متسلقاً السور وزملائه كعادة طلاب المرحلة الثانوية، يلقنه قدره درس عاقبة الهروب من المدرسة ولكن لم يترك له وقتاً حتى يتعلم من التجربة، حيث لقى مصرعه إثر سقوطه من أعلى السور على ''سيخ حديد'' موجود بجانبه اخترق رقبته ليلفظ انفاسه الأخيرة بعدها.
دور وزارة التربية والتعليم
أعلن الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم، أن التسبب في موت الأطفال يعد جريمة خيانة عظمى، وقام بإصدار قرارات بإيقاف مديري المدارس الخمس عن العمل وتحويلهم للتحقيق.
كما اتخذت الوزارة كافة الاجراءات الحسابية ضد المسؤلين عن وفاة الطلاب الخمس، وأقال الوزير مدير مديرية التربية والتعليم بمطروح لعدم متابعته لمدارس محافظته وإقراره بأن كل شيء على ما يرام وهو ما كان مخالفا للحقيقة.
وعقد الوزير اجتماع مع مديري الإدارات التعليمية بكافة المحافظات، وطالبهم بمتابعة المدارس بأنفسهم، وعدم الاعتمام على تقارير ''كله تمام'' التي أودت بحياة الأطفال.
كما شكلت الوزارة لجنة بكل مدرسة للكشف على الصيانات البسيطة والصيانات الشاملة، كما تم التنسيق مع الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد بأن تقوم باعتماد ''الوضع الأمني'' للمدرسة أو ما يعرف بعنصر الأمن والسلامة، وفقا لتقارير هيئة الأبنية التعليمية.
مطالبات بإقالة محمود أبو النصر
أدت حوادث وفاة الطلاب المتكررة إلى حالة من الاستياء بين أولياء الأمور، وفي الأوساط الاجتماعية ووسائل الاعلام، وانتظر العديد صدور قرار من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بإقالة الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم ولكن هذا ما لم يحدث.
الأمر الذي دفع الدكتور محمود أبو النصر إلى استهلال المؤتمر الذي عقده مساء أمس الخميس، حول المشروع القومي لمسرحة المناهج بحضور نخبة من الفنانين، بتوضيح موقفه من تلك الحوادث المتكررة.
وأوضح الوزير أن مسؤلية ما يحدث داخل المدارس تبدأ عن مدير المدرسة وتنتهي عند المحافظ، مشيراً إلى أن مسؤليته سياسية ويعترف بها ويتحملها.
وأكد الوزير أن أسهل شيء يمكن أن يقوم به هو أن يقدم استقالته، ولكنه اعتبر ذلك هروبا من المسؤلية موضحاً أن إرث وزارة التربية والتعليم من الفساد والاهمال ثقيل جداً، ويحتاج نحو 100 مليار جنيه حتى نصل بالتعليم إلى المستوى المطلوب.
وأكد الوزير أنه مع ذلك لا يتهاون في حوادث موت الطلاب التي حدثت إما للتقصير والاهمال أو للقضاء والقدر ولن يفلت أي مسؤل من العقاب، مشيراً إلى أنه أكثر من يشعر بأولياء الأمور حيث توفي ابنه وهو في الثانية عشرة من عمره.
واستعرض الوزير انجازات الوزارة خلال فترة توليه الحقيبة، مستنكراً الهجوم الإعلامي على أخطاء الوزارة دون النظر على محاولتها للبناء والتغيير، ومؤكداً على ضرورة تضافر عناصر المجتمع كافة من أجل احداث التغيير المنشود.
ما بين الاهمال والتقصير، واتهامات المجتمع ودفاع المسؤلين، لا يزال عداد الإهمال يحصد أرواح الطلاب، فخلال اسبوعين حصدت سنين الاهمال في المدارس أراوح خمسة طلاب، لدرجة جعلت المدرسة مصدراً للقلق على الطلاب بعدما كان أولياء الأمور يودعون أبنائهم بالمدارس حماية لهم.
ويبقى الفساد والإهمال على مدار سنين مضت، بطلان يحصدان أرواح الزهور التي تنتظر مصر تفتحها، ويشعلان الحسرة والكمد بداخل قلوب أباءهم، والبحث عن حل لحقن الدماء له الأولوية قبل كل شيء.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: