إعلان

3 شهادات حية على "دوائر جحيم" الاعتداءات الجنسية بالتحرير

04:26 م الأربعاء 03 يوليو 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- جهاد الشبيني:

"لارا لوجان".. أمريكية تعمل مراسلة حربية لشبكة "سي بي إس"، تعرضت لاعتداء جنسي جماعي بميدان التحرير يوم 11 فبراير 2011، وسط أجواء احتفالية بتخلي الرئيس محمد حسني مبارك عن منصبه.

"ياسمين البرماوي".. مصرية تعمل عازفة موسيقى، تعرضت لاعتداء جنسي جماعي بميدان التحرير يوم 23 نوفمبر 2012، وسط قنابل غاز تقذفها قوات الأمن على متظاهرين معترضين على الإعلان الدستوري.

"عضوة بالاتحاد النسائي المصري".. مصرية متطوعة بمبادرة "قوة ضد التحرش والاعتداء الجنسي الجماعي"، تعرضت لاعتداء جنسي جماعي بميدان التحرير يوم 30 يونيو 2013، وسط حشود لمتظاهرين يطالبون برحيل الرئيس محمد مرسي.

"لارا"، و"ياسمين"، و"عضوة الاتحاد" استطعن النجاة، وتحلين بالقوة لرواية ما حدث لهن في ميدان التحرير، وهن جزء من أعداد لا يمكن حصرها بشكل دقيق تتعرضن ليس فقط للاعتداءات الجنسية الجماعية بالأيدي وبالأعضاء التناسلية وبالآلات الحادة وإنما للضرب بالعصي وتمزيق الملابس بالسكاكين.

"اللي بيلحق يمد إيده بيمدها"

"إ.خ" فتاة أخرى خرجت إلى الميدان في مظاهرات 30 يونيو.. وتعرضت لاعتداء جنسي جماعي.. واستطاعت النجاة بـ"معجزة" كما تقول، لتروي ما حدث قائلة: "أنا وسط الزحمة، ابتدى الأول اتنين يعملوا عليا كماشة علشان يدخلوني وسط دايرة، لو كنت وقعت جواها كنت خرجت لا شيء، ولو كنت صرخت كان باقي المتحرشين انتهكوني تمامًا".

وأضافت: "مكنتش أعرف ان النوع ده من المعتصبين عندهم آلية لاصطياد الفريسة،أنا نجيت من إيديهم، لكن المأساة كمان شفتها في الناس اللي أخدت بالها وشافتني وأنا بجري من البؤرة دي، وكان رد فعلهم انهم يكملوا عليا بالألفاظ، واللي كان بيلحق يمد ايده كان بيمدها.. ".

"محمد الخطيب" عضو مبادرة "قوة ضد التحرش والاعتداء الجنسي الجماعي" كان متواجدًا هو الآخر بميدان التحرير والشوارع المحيطة به، يرصد وقائع الاعتداءات ويبلغ غرف عمليات المبادرة بتحديثات ما يحدث، ويحاول مع فرق التدخل والإنقاذ انتشال الفتيات من أيدي المعتدين، وإخراجهن إلى مكان آمن.

ويروي "الخطيب" شهادته عما وقع في محيط الميدان يوم 30 يونيو، فيقول:كنت أسير في ميدان التحرير، في 30 يونيو 2013 الساعة 9:50، وكنت أبحث عن زملائي من "قوة ضد التحرش"، وكان التحرش قد حدته بدأت في التصاعد بشوارع محمد محمود والمنطقة الواقعة بين شارع التحرير ومطعم "هارديز".

قبل دقائق من الحادثة، رأيت صفين من الرجال يمسكون في أيدي بعضهم البعض، وقد بدوا وكأنهم يعرفون بعضهم، وكانوا كما لو أنهم يشعرون بالفرحة والاحتفال.

تابعت البحث عن زملائي، وفي لحظة معينة، بينما كنت أسير باتجاه المتحف المصري، في مواجهة فندق "كليوباترا بالاس" المهجور، رأيت حشود من الرجال تركض باتجاه تجمع من الأشخاص على بعد أمتار، وبدأت أسأل الأشخاص المتواجدين حولي "إيه اللي بيحصل؟"، فأخبرني شخص كان يبتعد عن التجمع أنها مشاجرة.

من تجارب سابقة في التطوع مع "قوة ضد التحرش"، فإن التجمعات الملتفة حول ضحية الاعتداء يحاولون أن يبعدوا الآخرين، عبر نشر الشائعات عن الضحية بأنها "جاسوسة" أو "عاهرة" أو يحاولون إلهاء الأشخاص عبر إخبارهم أنها مشاجرة عادية.

توجهت إلى الداخل لمعرفة ما يحدث، وسألت مجددًا أحد المتواجدين حول الحشد الذي كان يشاهد ما يحدث من الصفوف الجانبية، قال: "في نسوان جوه"، وكانت له لهجة صعيدية، وبدا مصدومًا بشدة، ولم يُكمل جملته.

وقالت مجموعة أخرى من المحتشدين إنها واقعة تحرش، فاتصلت بالخط الساخن لـ"قوة ضد التحرش" للإبلاغ عن الواقعة، وكانت الضجة من حولي عالية جدًا، وبالكاد كنت أسمع زملائي عبر الهاتف.

بعدها، ركضت نحو المجموعة محاولًا عدم التورط في أي مشاجرات لمعرفة ماذا يحدث فعلًا.

رأيتها.. كانت الحشود تجذب الفتاة داخل دائرة من الشباب، تتراوح أعمارهم من 20 إلى 30 عامًا، وقد بدوا إليَ أن جميعهم متشابهين في الشكل، وكان بعض الرجال الأكبر سنًا المتواجدين حول الفتاة يحاولون إنقاذها، إلا أنهم تعرضوا للضرب وجُرح أحدهم في عينه.

وعند نقطة معينة، استطعت أن أرى شعرها وجزء من وجهها لثوان متفرقة، ثم عاودت الحشود مرة أخرى بجذبها داخل دائرة جهنم.

أجريت مكالمة هاتفية أخرى إلى خط "قوة ضد التحرش" الساخن لتأكيد الحادثة وإخبارهم بالمكان الذي كنا متواجدين به.

تحركت الحشود من آخر ميدان التحرير في شارع ميريت باتجاه مدخل شوارع وقصر النيل.

دخلت مجموعة مجهولة من الشباب وبدأت في ضرب أي شخص يقف في طريقتهم، ولا أعلم إذا كانوا فعلًا يساعدون أم أنهم كانوا المعتدين.

رأيتها مجددًا.. وهذه المرة كانت على الأرض وكان رجلًا بدينًا يرقد فوقها، وكانت الجموع لا تزال حولها؛ إما يقومون بضربها أو يحاولون جذبها بعيدًا.

جاءت سيارة سوزوكي صغيرة من شارع قصر النيل، وكانت الحشود تحاول أن تُدخلها في السيارة.

تسللت بالقرب من السيارة، وحاولت أن أحفظ أرقام اللوحة المعدنية للسيارة، ولكنني لم أستطع.

كنت ممسكًا بهاتفي في يدي، وكتبت الحروف بالحروف الإنجليزية، فلم يكن لدي الوقت لكتابتها بالحروف العربية، وحفظتها في رسالة فارغة للتأكد من أنني لن أنساها، وقد تبين أنه كان قرارًا حكيمًا.

حروف السيارة هي (أ ل ع 372) سوزوكي بيضاء صغيرة (8 راكب).

حدث أمر ما جعل كل الجموع تهرب باتجاه مسرح قصر النيل، فأخذت ساترًا في كشك أمن ببنك الإسكندرية، لتجنب دهسي من قِبل الحشود، وأغلقت النوافذ الجانبية للكشك من حولي.

وقفت في ركن، وحاولت أن أجري مكالمة هاتفية إلى خط "قوة ضد التحرش" الساخن مرة أخرى لموالتهم بالجديد، وكانت الشبكة سيئة جدًا، وكان صراخ الحشود وضوضاء الشارع عالية جدًا، ولكنني استطعت الوصول إليهم وإعلامهم بالجديد.

حينئذ، صعدت مجموعة من الشباب على سطح السيارة، ممسكين بعصي في إيديهم لحمايتها- السيارة-، وكانوا قد أخذوا الفتاة إلى داخل السيارة، وانطلقوا بسرعة في طلعت حرب باتجاه قصر النيل.حاولت أن ألحقها، ولكنني لم أستطع.

المرة الأخيرة التي رأيتها فيها كانت في الساعة 10:06

"ده اللي بيحصل جوه الدايرة القذرة"

إلى هنا، تنتهي رواية عضو مبادرة "قوة ضد التحرش" بشأن هذه الفتاة، لنجد أن "ياسمين البرماوي"، الفتاة التي سلف ذكر أنها تعرضت لاعتداء جنسي جماعي في 23 نوفمير 2012، كانت متواجدة بقصر النيل ورأت السيارة وهي تتجه في هذا الاتجاه، وبداخلها فتاة تصرخ.

وتروي ياسمين: "أول ما وصلت التحرير، أو قبل ما اوصل حتى قدام مسرح قصر النيل، شفت ميكروباص بيجري وحواليه موتسيكلات، وناس بتجري وصوت صريخ بنت جوه، معرفتش أعمل حاجة، ومعرفش كانوا بينقذوها ولا بيخطفوها، وبعد شوية شفت مجموعة قوة ضد التحرش بيجروا عشان يلحقوا واحدة تانية".

وتشرح "البرماوي"، في تدوينة على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، كيفية وقوع الاعتداء الجنسي، فتقول: "مجموعة مكونة من 15 إلى 20 بلطجي بيحددوا هدفهم، ويمسكوا ايدين بعض، ويعملوا دايرة حواليها، وهي مش واخدة بالها، وأول ما يفرغوا الدايرة من الناس العادية بيلزقوا أجسادهم فيها وبيخفوها تمامًا، ولو صوتت محدش بيسمع عشان الدوشة".

وتتابع ياسمين: بببدؤا يقطعولها هدومها، ويدخلوا ايديهم جواها من قدام ومن ورا، وبيكون معاهم مطاوي، وفي اكتر من حالة تم طعن المعتدى عليها في أعضائها التناسلية وبيعضوها بين فخادها، والبنت بتطلع جسمها كله كدمات وإصابات من الأسلحة الحادة اللي معاهم، وتهتكات في جدار المهبل، وصولًا إلى الرحم، لدرجة أن في واحدة اضطروا لاستئصال رحمها، لأنه تم تدميره على أثر اختراق الأيادي لها، وأول امبارح حصل كمان أكتر من حالة خطف مش معروف مصيرهم لحد دلوقت".

وأضافت: "دي الأحداث اللي بتحصل جوا الدايرة القذرة، وفي ناس بتلاحظ وتحاول تنقذها، وهنا يبدأ المعتدين في ادعاء انهم منقذين، فيصبح الحابل بالنابل، ويصعب على الفتاة نفسها التمييز بينهم، عشان كده اتكونت مجموعات قوة ضد التحرش وتحرير بودي جاردز لإنقاذ البنات، وبيقدروا في معظم البلاغات اللي بتوصلهم انهم ينقذوا البنت، لأنهم بيكونوا مجموعة عارفين بعض، وده مهم جدًا وسط الزحمة، عشان في اللحظة دي مفيش حد ممكن تثق فيه أبدًا".

واستكملت "ياسمين" قائلة: "مبيبقاش في صور أو فيديو عشان الدايرة بتكون مقفولة، والدنيا ضلمة، وفي فيديوهات كتير على اليوتيوب من بره الدايرة، أو من أعلى عمارة، بس عمر ما حد هيقدر يشوف إيه اللي بيحصل تحت".

"اعتداء منظم في شارع مظلم"

من جهته، اعتبر محمد الخطيب، عضو "قوة ضد التحرش"، أن هذه الاعتداءات مُنظمة، وبخاصة الاعتداء الذي سلف ذكره، مضيفًا: "كانت هناك وقائع أخرى تحدث بشكل متتابع، وكلها حول الميدان، وهذه الاستراتيجية تثبت أن جماعات المتحرشين يحاولون نشر اعتداءاتهم بشكل واسع في الميدان، والتسبب في أكبر قدر من المشاكل بقدر المستطاع"، بحسب تعبيره.

وأضاف، في تدوينة على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن "ظلام المناطق التي كانت تقع فيها هذه الحوادث يشير إلى أن حشود التحرشات تُفضل الشوارع المظلمة والمغلقة والضيقة من الميدان".

وأشار إلى أنه استطاع أن يحرر محضرًا بقسم قصر النيل ضد السيارة السوزوكي البيضاء (8 راكب) التي ذكرته سلفًا، بمساعدة محامي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، موضحًا أن الشرطة أرسلت إشارة بشأن هذه السيارة وتم تحرير محضر برقم 4486 إداري قصر النيل 2013، بحسب قوله.

 

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان