نبوءة وحيد حامد في ''طيور الظلام'' تتحقق بعد سقوط نظامي مبارك والإخوان (تقرير)
كتب - محمد الحكيم:
تحققت نبوءة وحيد حامد التي تنبأ فيها في فيلم ''طيور الظلام'' الذي أنتج قبل 18 عاماً، داخل أسوار سجن طرة، حيث يقبع رموز نظامي حكما مصر داخل السجن هم مبارك ورموز نظامه بعد 30 عاماً، ونظام الإخوان الحالم بثمانين عاماً بالسلطة، بعد عام واحد فقط.
وربما لا يغيب عن الأذهان صورة رموز نظام مبارك في طريقهم للسجن، وهي نفس الصورة التي تكررت مع أشخاص مختلفين بعد عامين ونصف، فسجن طرة يضم كل من جمال وعلاء مبارك، نجلي الرئيس الأسبق حسني مبارك، ووزير الإعلام الأسبق أنس الفقي، ورجل الأعمال أحمد عز، ووزير الداخلية الأسبق حبيبي العادلي إضافة لمبارك نفسه الذي يتواجد داخل مستشفى السجن.
أما النزلاء السجن في ''طرة'' حازم أبو اسماعيل، رئيس حزب الراية، والمهندس خيرت الشاطر، النائب العام لمرشد جماعة الإخوان المسلمين، إضافة لمهدي عاكف، المرشد السابق، والدكتور سعد الكتاتني، رئيس مجلس النواب المنحل، والنائب السابق محمد العمدة، والقيادي الإخواني حلمي الجزار والإتهام هو ''التحريض على قتل المتظاهرين'' وهناك مجموعة أخرى صدر لها قرار بالضبط والإحضار على ذمة نفس الاتهام وهم الدكتور محمد بديع، المرشد العام للإخوان، والداعية صفوت حجازي، والقيادي الإخواني عصام العريان، والدكتور محمد البلتاجي، وطارق الزمر، وعاصم عبدالماجد، وقبلهم الرئيس المعزول محمد مرسي والمتهم أيضاً بإهانة القضاء.
واحتمالات لقاء رموز النظامين داخل السجن واردة، وسيناريو وحيد حامد في ''طيور الظلام'' تحدثت عنها منذ بعيد لكن المصادر الأمنية مازالت تؤكد أنهما لم يتقبلوا بعد، في مفارقة قدرية كانت مستحيلة لكنها تحققت على أيدي المصريين وعلى أيدي جماعة الإخوان المسلمين أيضاً الذين حققوا حلم المؤسس الأول حسن البنا في الوصول للسلطة، وأجهضوه أيضاً.
إلى درجة أنه شرح و''تنبأ'' بتفاصيل ما يحدث الآن في البلاد مما هو نادر في الدولة الحديثة، حيث انتهت الحال برموز النظام ومعهم رموز المعارضة نزلاء في سجن واحد.
في ''طيور الظلام'' الذي يبدأ بعبارة ''هذا الفيلم خيال سينمائي بحت.. وأي تشابه بين الخيال والواقع يكون مجرد صدفة'' يرينا مخرجه شريف عرفة وكاتب السيناريو وحيد حامد صورة عن ''الإخوان'' انتهازية بدور الممثل رياض الخولي، مقابل دور عادل إمام كرمز للحزب الوطني الحاكم، حيث ينتقل الاثنان إلى واقع لا يعد يقبلهما فيه أحد، لا فكرا ولا سلوكا، وهو ما تعيشه مصر الحائرة الآن بينهما كنقيضين كل منهما يريدها على هواه.
يذكر أن فيلم طيور الظلام تحكي عن ثلاثة أصدقاء منذ الطفولة، أصبحوا فيما بعد محامين: فتحي نوفل (عادل إمام) يتحول من صاحب موقف إلى انتهازي قافز على سلالم الفرص المتنوعة، وأهمها المالية، ليصبح مدير مكتب أحد الوزراء النافذين بالحزب الوطني الحاكم، فيغنم ويصبح شهيرا بعد أن كان يجهد ليحصل على لقمة العيش، أو ''غير ذلك'' من المتع.
الثاني هو المحامي علي الزناتي (رياض الخولي) اللاعب دور محامي الإسلاميين الشهير، منتصر الزيات، وهو في ''طيور الظلام'' من جماعة دينية متطرفة يجهد لتجنيد عادل إمام وجذبه للجماعة، حتى أنه يشترك معه ويساعده في الكثير من الأعمال. أما الثالث فهو محسن، الذي يقوم بدوره الممثل أحمد راتب، وهو رمز واضح في الفيلم للشعب المصري، أو قسمه الأكبر، أي الصامت المتفرج على الحلبة والبعيد عن الصراع الدائر بين الحكومة والمتطرفين.
في الفيلم إيحاءات مهمة ومشاهد ترمز لواقع مصري يعاني من ازدواجية يعيشها، مما يأتيه من الإخوان ومن نقيضهم، ونسمع فيه المحامي الإخواني يعزف لحن أغنية ''يا واش يا واش يا مرجيحة'' وهما كلمتان تركيتان تعنيان ''مهلا..مهلا'' والأغنية لحنها سيد درويش وكتب كلماتها صديقه ''شاعر ثورة 1919'' الراحل بديع خيري، لكنها ترمز في الفيلم إلى ما هو سوريالي يشعر به كل مشاهد وفق تحليله.
كما في الفيلم لقطة مهمة للزميلين المحاميين وهما يستعرضان في مقر المحكمة تفاصيل دعوى على مومس (الممثلة يسرا) وأمامهما يقف عامل يقدم القهوة لمن يرغب في المبنى وهو يستمع إليهما من دون أن يفقه شيئا مما يقولانه، إلى أن ينتبه عادل إمام لوجوده فيبعده عن المكان، مطروداً.
وتلعب يسرا دورا يبدأ بها كمومس ثم عاملة لدى عادل إمام وقافزة لاصطياد الفرص، حتى عمل على ''ترقيتها'' ليستعملها كواجهة، فجعلها امرأة أعمال ناجحة، ثم عشيقة للوزير رشدي (الممثل جميل راتب) الذي يقتنع بفكرة يوحيها اليه ليتزوجها عرفيا. وتمضي وقائع الفيلم بالجميع لتصل إلى ما تم معه إلقاء القبض على المحامي فتحي وعلى صديقه وزميله الإخواني علي الزناتي، فيجمعهما سجن واحد من دون أن ينهي نزولهما فيه المواجهة بينهما، كما هو حاصل الآن تماما.
وتنتقل النهاية إلى السجن، حيث رمز النظام ورمز المعارضة معا، فنرى عادل إمام يتمشى بباحته كسواه من المساجين، وفيه يلتقي صدفة بزميله الإخواني، فيخبره وهما يقومان بتمرير كرة بقدميهما بأنهما في مركب واحد، وسيخرج قبله مما هو فيه، فيرد بأنه هو من سيخرج أولا، ثم ينظران إلى الكرة، أداة اللعبة، فيركضان نحوها لقذفها، ويتعثران وهما يشتركان بتسديدها إلى خارج الباحة، فتمضي متطايرة وتصطدم بالبيت المصري، وتحطمه كما الزجاج تماما.
فيديو قد يعجبك: