إعلان

واقعة مدرّس البحيرة تفتح التساؤل.. هل ''نقل'' المعلم سيء السمعة عقاب للمجتمع؟

06:34 م الثلاثاء 19 فبراير 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - مي حليم :

جرت العادة على مدار عقود ماضية أن يتم معاقبة المعلم المقصر سواء لسوء سلوكه أو عدم التزامه بنقله لمدرسة أو إدارة أخرى سواء داخل المحافظة التي ينتمي لها المدرس أو خارجها، إلَّا أن هذا النوع من العقاب الذي لا تستخدمه المنظومة التعليمية فحسب بل كافة مؤسسات الدولة تسبب في كوارث أخلاقية، وانتقال وانتشار لبؤر التقصير والفساد في أرجاء المجتمع المصري، والتي كان آخرها واقعة ذئب البحيرة  الذي قام بالاعتداء على طالباته بعد أن سبق نقله لمدرستهن لسوء السير والسلوك.

فهل لهذا النظام في العقاب من الاستمرار رغم ثبات فشله وتأثيره على المجتمع المصري، أم حان الوقت لاستبداله بأساليب أخرى تتخذ من الإصلاح نهجًا لها.

إهانة للمنظومة التعليمية

يقول كمال مغيث، خبير التعليم وعضو المجالس القومية السابق، أن استخدام (النقل) كوسيلة لمعاقبة المعلمين سواء المقصرين في عملهم من الناحية المهنية أو من قام منهم بتجاوزات أخلاقية يعد إهانة للمنظومة التعليمية بصفة عامة وللمكان الذي يتم نقل هذا المعلم له بصفة خاصة، واستهانة بحق الطلاب من أبناء الوطن في تلقي العلم على يد معلم لم يحترم القيم الأخلاقية قبل المهنية.

مضيفًا أن نقل المعلم المقصر إلى مدرسة أخرى يعطي له مساحة في تكرار نفس الأخطاء التي سبق وتم معاقبته بسببها خاصة وإذا كان قرار النقل في نطاق بعيد لا يسمح بتناقل السمعة، وهو ما تسبب على أقرب مثال في كارثة البحيرة الأخلاقية.

ولفت مغيث إلى ضرورة الرجوع إلى المدرسة التي تم نقل هذا المعلم منها والإدارة التعليمية التابعة لها والتحقيق معهم  في ملابسات قرار النقل الغير مدروس قائلًا: ''كيف يتم نقل مدرس سيء السير والسلوك إلى مدرسة بنات ثانوية في سن حرجة بدلا من معاقبته بشكل قانوني وبطريقة لا تضر بصالح المنظومة التعليمية، وكأن هذا القرار جاء على سبيل المكافأة لهذا الذئب البشري''.

الاحتلال الإنجليزي أصل القانون

وأشار مغيث إلى أن الاحتلال الإنجليزي هو من وضع الجذور الأولية لاستخدام مثل هذه العقوبة من خلال قانون إداري تم سنّه عام 1912 مع بداية استعدادهم للحرب العالمية الأولى عام 1914، حيث كان الغرض الأساسي منه هو تشتيت حياة المصريين المشتغلين بالسياسة والمنددين بالاحتلال الإنجليزي من خلال نقلهم تعسفيا إلى أماكن نائية يقل فيها حدة تأثيرهم في القضايا الوطنية والمحيط الذي تم نقلهم إليه، ولكن مع الآسف استمرت الحكومات المصرية في استخدام هذا الأسلوب الغير مجدي بدلا من البحث عن أساليب جذرية .

ميثاق شرف

فيما اقترح عبد الناصر اسماعيل، المتحدث باسم اتحاد المعلمين، عمل ميثاق شرف للمعلم  يتم بناء عليه محاسبة المعلمين في حال تقصيرهم أخلاقيا أومهنيا، بشرط أن لا يتم اقصاء أي معلم خارج المنظومة التعليمية بدون حكم قضائي يثبت إدانته، حتى لايتم اتهام المعلمين عشوائيا، ويتم استغلال الحق في نشر الباطل.

فيما اتفق معه الدكتور كمال مغيث مؤكدًا ضرورة تقسيم المخالفات الأخلاقية للمعلمين لشرائح فلا يمكن وضع التجاوزات اللفظية أو المشادات الكلامية في خانة عقاب واحدة مع التحرش الجنسي، أو احتقار الأديان، أو التطرف وممارسة العنف، مشيرًا إلى أن استخدام النقل مع المخالفات الأخلاقية الأخيرة على سبيل العقاب يعد نوع من التراخي الإداري من قبل وزارة التربية والتعليم واستهتار بالأمانة التي أودعها أولياء الأمور في أيدي الحكومة كي تعود لهم بعد استكمال التربية قبل التعليم، فلابد أن يتم تطوير نظم العقاب بالمؤسسة التعليمية لتأخذ شكلا أكثر جدية وصرامة وقطعية بعيدا عن أنصاف الحلول.

عواقب وخيمة

فيما أكد عبد الحفيظ طايل، رئيس مركز الحق في التعليم، على ضرورة أن يتحول قرار نقل المعلم من محيط عمله من خانة العقاب إلى خانة الاختيار وأن يكون المقصد منه تيسير العمل على المعلم وليس العقاب أو الاستبعاد.
 
ووصف طايل عواقب الاستمرار في استخدام النقل كوسيلة للعقاب داخل المنظومة التعليمية بالوخيمة ففي حال تعرض معلم للنقل ظلمًا فإنه لن يؤدي عمله في المكان الذي تم نقله إليه على الوجه الأكمل لشعوره بالاضطهاد والقهر، كما أنه في حال اتخاذ قرار بنقل معلم مقصر فعليا فإن هذا القرار لا يعد عقابا للمعلم المقصر أو المخالف وإنما عقابا مزدوجا للأجيال التي تتعامل معه لنجد أنفسنا أمام تكرار لا نهائي لواقعة البحيرة وغيرها الكثير .

ومن ناحية أخرى أوضح طايل أن جملة (سوء السير والسلوك ) هي كلمة فضفاضة المعنى قد ترتبط بعدم الانضباط في مواعيد الحضور والانصراف أو المعاملة الغير لائقة لرؤساء العمل، انتهاءً بممارسة أفعال غير اخلاقية كالضغط على الطلاب من أجل الدروس الخصوصية أو التحرش جنسيا بالطلاب أو استخدام المدرسة في تحقيق أغراض غير تعليمية.

إلغاء القانون ضرورة

فيما طالب مغيث بعدم استخدام النقل كوسيلة لمعاقبة المعلمين ممن يثبت عليهم سوء السير والسلوك، بحيث يتم استخدام وسائل الخصم والإيقاف عن العمل أو لفت النظر مع حالات التقصير التي لا تمس سير العملية التعليمية من الناحية الأخلاقية أو المهنية كعدم الانضباط في الحضور والانصراف وما شابه ذلك من مشاكل.

على أن يتم على الجانب الآخر تحويل المعلمين المقصرين في أمور تخص النواحي الأخلاقية وما شابه ذلك إلى التحقيق مع استمرار تواجدهم في أماكنهم في حال عدم ثبوت التهم الموجهة إليهم حتى في حال التأكد التام من إدانتهم وبراءتهم بسبب عدم كفاية الأدلة؛ لأن استمرارهم في أماكنهم إما أن يرجعهم عن التمادي في الخطأ لعدم تكرار توجيه الاتهام لهم، أو يكون بمثابة طريق للتحصل على دليل الإدانة الكافي لعزلهم من العملية التعليمية نهائيا، أو تحويلهم للعمل الإداري، مؤكدا أنه في كافة الأحوال فإن استمرار استخدام النقل في عقاب المعلمين لا يضر المنظومة التعليمية فحسب وإنما يضر المجتمع المصري ككل ويسمح بارتكاب مزيد من التجاوزات الغير أخلاقية.

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان