لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"تأثير الفراشة".. ما التبعات الاقتصادية المتوقعة لأزمة أوكرانيا على مصر والعالم؟

02:52 م الثلاثاء 01 فبراير 2022

حقل غاز روسي

كتبت- ياسمين سليم:

قد تدفع التوترات السياسية بين روسيا وأمريكا بشأن أوكرانيا، لزيادات كبيرة في أسعار الغاز والبترول والقمح، في ظل أوضاع حرجة يعيشها العالم مع تفشي متحور فيروس كورونا "أوميكرون" وتأثيره على الاقتصاد.

ويهدد ارتفاع أسعار هذه السلع دولًا كثيرة تعتمد على استيرادها من الخارج، بما فيها مصر التي تعتبر أكبر مشترٍ للقمح في العالم، كما تستورد أغلب احتياجاتها من المواد البترولية.

ومع تلويح الأمريكان والأوروبيين بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا في حال تدخلها عسكريًا في أوكرانيا، واحتدام الصراع بين الجانبين بعد جلسة عقدت في مجلس الأمن أمس تتوقع وكالة بلومبرج أن تكون هذه الأحداث مثل "تأثير الفراشة" على أسعار السلع والغذاء.

ويعني تأثير الفراشة أن يولد شيء بسيط سلسلة متتابعة من النتائج والتطورات المتتالية والتي يفوق حجمها بمراحل حدث البداية.

وتشهد العلاقات بين روسيا وحلف "الناتو" بقيادة الولايات المتحدة، توترات في الآونة الأخيرة، بسبب زيادة وجود الحلف العسكري بالقرب من الحدود الروسية، بذريعة حماية أوكرانيا من "تهديد روسي محتمل، وهي الإجراءات التي تعتبرها موسكو خرقا للوثيقة الأساسية للعلاقات مع الحلف العسكري الغربي، بينما تؤكد عدم صحة المخاوف الغربية من إعدادها لغزو أوكرانيا، مؤكدة أنها لا تهدد أحدًا، ولا تخطط لمهاجمة أحد.

"يمكن أن تفرز الأزمة الحالية تأثير الفراشة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع مع تضاعف مشاكل العرض، ويمكن أن تؤدي العقوبات إلى نقص في الغذاء والطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار كليهما"، بحسب ما قاله محللون في بلومبرج انتليجنس.

واقترب مؤشر بلومبرج للسلع من أعلى مستويات قياسية، بالرغم من أن الفيدرالي الأمريكي في طريقة لتشديد السياسة النقدية- رفع الفائدة- خلال الشهور المقبلة، وفقًا لوكالة بلومبرج.

ويمكن أن نلقي نظرة على العواقب المحتملة على أسعار السلع والطاقة والغذاء في حال استمر الجدل الدائر حول الأزمة الأوكرانية الروسية.

القمح

التأثير الأكبر على هذه الأزمة قد يطول أسعار الغذاء، نظرًا لأن أوكرانيا وروسيا معًا هم الأثقل وزنًا في سوق القمح العالمي والذرة وزيت عباد الشمس، وهو ما يترك المشترين في كل من آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط عرضة لتكاليف أكثر غلاءً للخبز واللحوم في حال تضررت الإمدادات، وهذا من شأنه أن يضيف إلى تكاليف السلع الغذائية التي ترتفع بالفعل عند أعلى مستوى منذ عقد، وفقًا لبلومبرج.

وستكون مصر أكثر المتضررين، نظرًا لأنها أكبر مشترٍ للقمح في العالم، في وقت يتوقع تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية أن ترتفع واردات مصر من القمح إلى 13.6 مليون طن خلال موسم 2021-2022 وهي الفترة من يوليو 2021 إلى يونيو 2022، مقارنة بنحو 13.3 مليون طن في موسم 2020-2021.

وشهدت أسعار القمح العالمية قفزة كبيرة خلال العام الماضي، ووفقًا لمؤشر فاو للغذاء فإن أسعار القمح قفزت 44% في 2021 مقارنة بعام 2020.

وتقدر وزارة المالية متوسط سعر طن القمح عند 255 دولارًا خلال العالم المالي الجاري.

والأسبوع الماضي قال محمد معيط، وزير المالية، إن الخزانة العامة للدولة تحملت نحو 12 مليار جنيه مخصصات إضافية لشراء القمح بعد ارتفاع الأسعار العالمية.

ويتداول القمح الأمريكي عند 387 و346 دولارًا للطن لنوعيه الـ Hard والـ Soft، وفقًا لبيانات المجلس العالمي للحبوب، وفقًا لآخر بيانات.

وسيرتفع استهلاك مصر من القمح خلال الموسم الجديد ليبلغ نحو 23 مليون طن، بزيادة نسبته 2.1% موسم 2020-2021، بسبب ارتفاع عدد السكان في مصر ليصل إلى 102.2 مليون نسمة، بحسب وزارة الزراعة الأمريكية.

وتقول بلومبرج إنه ربما نتذكر في الأسواق ما حدث في عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم وقفزت أسعار القمح على الرغم من أن الشحنات لم تتأثر بشكل كبير.

ومن ذلك التاريخ زادت حصة روسيا وأوكرانيا من الصادرات العالمية، مع اعتماد دول مثل مصر وتركيا على سلة خبز من منطقة البحر الأسود.

وقال محللون في "رابو بنك" في تقرير هذا الأسبوع إن "القمح يحتمل أن يشهد تقلبات صعودية هائلة في حال مواجهة غزو محتمل لأوكرانيا".

الغاز

واحدًا من أكبر التأثيرات المتوقعة في حال تطور الخلاف بين روسيا وأوكرانيا هو ارتفاع الغاز، مع اعتماد أوروبا على الغاز الروسي.

وتزود روسيا أوروبا بنحو 40% من الغاز الطبيعي، عبر خطوط تمتد في أغلب أنحاء القارة العجوز.

وتعكس البيانات ما وصلت له أزمة الغاز بين روسيا وأوروبا ووفقا لبيانات "كومرتس بنك"، الذي يعد ثاني أكبر مانح للقروض في ألمانيا، فقد باتت مرافق تخزين الغاز في بلدان التكتل الأوروبي عند منتصف سعتها التخزينية، مع ذروة فصل الشتاء الذي يصاحبه زيادة في الطلب.

وقال بيرند فايدنشتاينر، كبير المحللين الاقتصاديين في "كومرتس بنك" لدوتشيه بنك فإن المخزون الحالي حوالي 47٪ من السعة الكاملة.

ووفقًا لرسم بياني لـكومرتس بنك، فإنه في أشهر يناير للسنوات الماضية كان مخزون الاتحاد الأوروبي من الغاز يتراوح بين 60٪ وحتى أكثر من 85٪ من سعة الخزانات.

وزادت الأسعار بأكثر من الضعف في المنطقة في الأشهر الستة الماضية، وكانت شحنات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا أقل، وفقًا لبيانات بلومبرج.

ونقلت الوكالة عن للمحللين في Eurasia Group إن التعليق الكامل لصادرات الغاز هو السيناريو الأقل ترجيحًا، لأنه سيحمل مخاطر شديدة طويلة الأجل على الاستقرار المالي لروسيا ونفوذها السياسي في أوروبا.

ويرجح المحللان أن يستجيب الاتحاد الأوروبي من خلال التنويع الشديد لإمدادات الطاقة الخاصة به.

وكانت أمريكا قد دعت قطر، ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم، أن ترفع صادراتها من الغاز إلى أوروبا، لكن قطر قالت إنها وصلت لطاقاتها القصوى.

وبحسب بلومبرج فإن الصراع الشامل قد يؤدي إلى تعطيل الكميات الهائلة التي ترسلها روسيا إلى أوروبا، والتي يأتي ثلثها تقريبًا عبر أوكرانيا.

كما يمكن للعقوبات أن تضر بالتجارة وتمنع خط أنابيب جديد، هو نورد ستريم 2، من جلب الغاز الروسي إلى أوروبا، وقد يكون لذلك تأثير كبير على إعادة تعبئة المخزونات في الصيف، مما يجعل الشتاء القادم صعبًا أيضًا.

وتضيف أن الأسعار قد ترتفع إلى مستويات أعلى، مما يؤدي إلى ترنح الاقتصاد الأوروبي، كما ستخسر روسيا أيضًا مبالغ ضخمة من الإيرادات في حال توقف الإمدادات.

وقد تستفيد مصر من ارتفاع أسعار الغاز، بعد أن توسعت في تصدير الغاز الطبيعي المسال خلال الفترة الماضية، بعد إعادة تشغيل مصنع دمياط للإسالة.

وقال تقرير حديث لمنظمة الدول العربية المصدرة للبترول "أوابك" إن الربع الرابع من العام الماضي نمت فيها صادرات مصر.

وقفزت صادرات الغاز الطبيعي المسـال من مصر العام الماضي إلى نحو 6.5 مليون طن، مقابل 1.5 مليون طن عام 2020، بنسبة نمو سنوية بلغت نحو 385%، وهي نسبة النمو الأعلى عالمياً مقارنة بباقي الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال خلال عام 2021، كما أنه أعلى رقم للصادرات تحققه مصر منذ عام 2011، وفقًا للتقرير.

معادن ونفط

يدرس التجار أيضًا مخاطر تعطل الصادرات الروسية من المعادن بما في ذلك الألمنيوم والنيكل والبلاديوم والصلب، في ظل ارتفاع التكهنات بأن تطال العقوبات شركات روسية.

وفي 2018 فُرضت عقوبات أمريكية ضد شركة روسال المتحدة وهو ما سبب اضطرابًا في سوق الألومنيوم في 2018.

وتتوقع بلومبرج إنه في حال قطع نظام الدفع الدولي Swift عن روسيا كجزء من أي عقوبات، فسيؤدي ذلك إلى إبطاء تدفق الأموال وضرب الصادرات، قد تؤدي أي اضطرابات في تدفقات الغاز أيضًا إلى تفاقم المشاكل لمنتجي المعادن في أوروبا الذين كانوا يخفضون الإنتاج استجابةً لارتفاع أسعار الطاقة.

كما تأثرت أسعار النفط مؤخرًا واقترب سعر برميل النفط من مستوى 100 دولار للبرميل، ومع زيادة التوترات ارتفع إلى أعلى سعر له منذ 2014.

وكان بنك جي بي مورجان قد اختبر احتمالية ارتفاع زيادة البرميل إلى 150 دولارًا، في وقت تزداد أيضًا التوقعات بشأن أن يسجل سعر البرميل ليسجل 100 دولار، بحسب بلومبرج.

وتأتي هذه الاضطرابات في ظل تمسك منظمة الدول المنتجة للنفط وحلفاؤها "أوبك+" بخطتها لرفع إنتاجها تدريجيًا بقيمة تبلغ 400 ألف برميل يوميًا، بعد تخفيضات كبيرة بسبب تراجع الطلب منذ بداية جائحة كورونا.

وفي يوليو الماضي قررت مجموعة "أوبك+" زيادة الإنتاج بـ 400 ألف برميل يوميًا كل شهر بداية من أغسطس وحتى نهاية 2021، كما أقرت الزيادة نفسها لشهر يناير وفبراير، ومن المرجح أن تعود المجموعة للاجتماع غدًا لمناقشة مستقبل الإنتاج في مارس.

وتراجع سعر برميل النفط خلال تعاملات اليوم 0.03% إلى 89.23 دولار للبرميل، لكنه يظل قرب مستويات مرتفعة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان