انهيار الليرة التركية ليس خبرًا جيدًا لمصر.. وفرصة وحيدة للاستفادة
كتبت-ياسمين سليم:
أصبح تهاوي سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار، حديث الساعة مع وصول العملة التركية لمستويات قياسية لم تصل لها من قبل، في وقت يعاني الاقتصاد التركي من ارتفاع كبير في معدل التضخم.
وسجل سعر الليرة التركية تراجعًا جديدًا اليوم الاثنين مقابل الدولار الأمريكي لتصل إلى 17.49 ليرة لكل دولار، فيما بلغ سعر الليرة مقابل الجنيه المصري نحو 89.9 قرشا، أي أن الجنيه يساوي حاليا 1.11 ليرة.
ولا يمثل تراجع سعر صرف الليرة التركية خبرًا جيدًا للاقتصاد المصري، على أكثر من ناحية خاصة الصادرات المصرية والسياحة، لكنه قد يمثل فرصة لزيادة تدفقات استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية، بحسب محللون واقتصاديون تحدثوا لمصراوي.
الصادرات والواردات
وبحسب عالية المهدي، أستاذ الاقتصاد وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة، فإن تراجع الليرة التركية له تأثير على مصر خاصة أننا نرتبط مع تركيا باتفاقية تجارة حرة وهو ما يسمح بدخول البضائع التركية إلى مصر بدون جمارك.
وقالت عالية المهدي لمصراوي إن تهاوي الليرة يعني أن بضائعهم ستصبح أرخص وبالتالي سيكون هناك فرصة لدخول هذه البضائع لمصر بأسعار رخيصة، ومن ثم يميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح تركيا.
وفي 2005 وقعت مصر وتركيا اتفاقية تجارة حرة وطبقت الاتفاقية بعدها بعامين، ويعني هذا أن البضائع التركية تدخل مصر بدون جمارك وكذلك العكس، ومنذ تطبيق الاتفاقية يميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح لتركيا.
وبلغت قيمة العجز بالميزان التجاري منذ دخول اتفاقية التجارة بين البلدين حيز التفعيل حتى عام 2020 نحو 16.2 مليار دولار، بحسب بيانات شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية.
وتظهر بيانات لشركة برايم للأوراق المالية أن قيمة واردات مصر السنوية من تركيا حوالي 3 مليارات دولار.
وأبرز الواردات المصرية من تركيا هي الأدوات الصحية والأدوات المنزلية والملابس الجاهزة والمنسوجات والمفروشات والأحذية والمواد الكيماوية والسلع الهندسية والإلكترونية والحديد، وفقًا لشعبة المستوردين.
ووفقًا لما قاله متى بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين للاتحاد العام للغرف التجارية ونائب رئيس جمعية المصريين الأتراك، فإن تهاوي سعر الليرة التركية يصب في صالح السلع المستوردة من تركيا.
وتوقع بشاي في بيان صحفي أن ترتفع الواردات التركية إلى مصر في ظل تراجع الليرة مقابل الدولار بنسبة تتراوح بين 10 و15% خلال الربع الأول من العام المقبل.
كما تتوقع إسراء أحمد، محللة الاقتصاد الكلي ببنك استثمار الأهلي فاروس، أن تكسب الصادرات التركية من الأقمشة على سبيل المثال تنافسية، مما يساهم في توسع حصتها السوقية عالميًا على حساب منافسيها، ضمنهم مصر.
ويقول تقرير لشركة برايم لتداول الأوراق المالية إنه في حال استمرار الوضع الحالي، فإن الصادرات والخدمات المصرية ستواجه احتدامًا في المنافسة الإقليمية خارج تركيا.
وأوضح التقرير أنه قد يؤدي ضعف الليرة التركية إلى نوع من هجوم الواردات التركية إلى مصر مما قد يؤثر على الميزان التجاري بين البلدين.
الاستثمارات في أدوات الدين
تعتبر تركيا ومصر ضمن دول الأسواق الناشئة التي تزدهر فيهما تجارة الفائدة (استثمارات الأجانب في أذون وسندات الخزانة الحكومية) نظرًا لسعر الفائدة المرتفع التي يعطيها هذا النوع من الاستثمار.
وبحسب إسراء أحمد فإنه لا يعتبر انهيار الليرة التركية إيجابيا للأسواق الناشئة عمومًا، فقد يعزف المستثمرون عن الأسواق الناشئة كلها بسبب تخوفات العدوى من انهيار العملة واضطرابات القطاع الخارجي.
وقالت إن الاستفادة التي يمكن الحديث عنها لمصر هو أن يتجه مستثمرو أدوات الدين المحلي للسوق المصرية كبديل أكثر أمانًا باشتراط ثبات العملة، لكن هذه الاستفادة غير حتمية.
وهو ما ترجحه منى بدير، كبيرة الاقتصاديين بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، وقالت لمصراوي إنه ليس بالضروري عندما يخرج المستثمرون من السوق التركي أن ينعكس ذلك مباشرة على بقية الأسواق الناشئة وضمنهم مصر.
وأضافت مصر تتمتع بمزايا تدعم تدفق رؤوس الأموال لها، منها جاذبية العوائد واستقرار واستقلال السياسة النقدية والبنك المركزي، على عكس تركيا.
وتقدم مصر سعر فائدة حقيقية-الفارق بين سعر الفائدة ومعدل التضخم-ضمن الأعلى في العالم حاليًا، وفقًا لوكالة رويترز.
السياحة
ويبرز احتدام المنافسة على السياحة بين مصر وتركيا كتهديد، مع تراجع الليرة التركية وانخفاض أسعار السلع والخدمات هناك مقابل الدولار، بحسب مذكرة شركة برايم.
وتقول محللة الاقتصاد الكلي ببنك استثمار الأهلي فاروس، إن السياحة التركية قد تكتسب تنافسية عالية، لأن العملة المنخفضة قد تكون أكثر جاذبية للسائح عن غيرها عند اختيار وجهة عطلته.
وبحسب عالية المهدي، أستاذ الاقتصاد وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة، فإن انخفاض الأسعار سيجعل السياحة التركية أرخص بالتأكيد لكن حاليًا ليس هو الموسم السياحي بالنسبة لتركيا، كما أن تركيا يزورها عدد سياح أكبر من مصر عامة.
ووفقًا لبيانات رويترز بلغ عدد السياح إلى تركيا في عام 2019 نحو 45.06 مليون سائح وبلغت الإيرادات 34.5 مليار دولار، لكن هذا العدد تراجع بنسبة كبيرة إلى أكثر من 12 مليون سائح في 2020 بسبب تداعيات فيروس كورونا والإغلاق الذي عم العالم.
فيديو قد يعجبك: