لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ما الخيارات المتاحة للحكومة لمواجهة تداعيات التضخم العالمي على الموازنة؟

02:04 م الخميس 04 نوفمبر 2021

ما الخيارات المتاحة للحكومة لمواجهة تداعيات التضخم


كتب- مصطفى عيد:

وضعت الموجة التضخمية العالمية والزيادات السعرية للسلع الأساسية وزارة المالية في مأزق جديد من أجل استيعاب تداعيات هذه الموجة على الموازنة العامة دون التأثير على مستهدفاتها والحفاظ على خفض عجز الموازنة وتحقيق فائض أولي وعدم اللجوء إلى فتح اعتمادات إضافية.

وشهدت أسعار العديد من السلع الأساسية ارتفاعات كبيرة عالميا خلال الشهور الأخيرة، خاصة مع ارتفاع أسعار البترول والغاز الطبيعي تزامنا مع أزمة طاقة في عدد من الدول، إلى جانب ارتفاع أسعار القمح وسلع غذائية أساسية مثل الزيوت والسكر والدقيق والذرة والأعلاف التي أدت لارتفاع أسعار الدواجن واللحوم.

وأكدت وزارة المالية أن ما يحدث من ارتفاع في الأسعار لا يستدعي حتى الآن تغيير المستهدفات أو اللجوء لطلب اعتماد إضافي على موازنة العام الحالي من مجلس النواب.

وتعوِّل وزارة المالية على عدد من الحلول والخيارات التي ستلجأ إليها لتحقيق مستهدفاتها المالية ومواجهة تداعيات الموجة التضخمية على الموازنة والعبور بسلام من هذا الاختبار الصعب، كما أن الوزارة تأمل أن تتحقق بعض التوقعات بأن التضخم مؤقت وأن أزمة ارتفاعات الأسعار الحالية قد تنتهي خلال 6 أشهر، بحسب ما أشار إليه الدكتور محمد معيط وزير المالية في اجتماع لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب يوم الاثنين الماضي.

وقال وزير المالية، خلال اجتماع اللجنة، إنه لا نية حتى الآن لطلب اعتماد إضافي من مجلس النواب على موازنة 2021-2022، لمواجهة الزيادات السعرية الضخمة التي يشهدها العالم كله.

وتستهدف وزارة المالية عجز كلي للموازنة العامة بنسبة 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 7.4% في العام المالي الماضي. كما تستهدف تحقيق فائض أولي (الفارق بين الإيرادات والمصروفات بدون فوائد الديون) بنسبة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام مقابل 1.46% في العام المالي الماضي.

ما الحلول المتاحة؟

قالت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس، لمصراوي، إن هناك عددا من الخيارات المطروحة أمام وزارة المالية والحكومة بشكل عام لمواجهة تداعيات موجة التضخم العالمية دون تأثير كبير على مستهدفات الموازنة والتي بدأت في تنفيذ بعضها بالفعل.

"أحد هذه الحلول هو تمرير زيادة تكلفة توفير السلع بشكل جزئي للمواطنين من أجل عدم الضغط على فاتورة الدعم وهو ما حدث بالفعل في بعض السلع"، بحسب ما قالته رضوى.

وكانت الحكومة رفعت الشهر الماضي أسعار البنزين للمرة الثالثة هذا العام وذلك بقيمة 25 قرشا للتر الواحد مع تثبيت أسعار السولار، كما رفعت وزارة التموين أسعار الزيت التمويني 4 جنيهات للتر بدءاً من الشهر الجاري وذلك للمرة الثانية خلال العام الجاري أيضا ليصل سعر العبوة إلى 25 جنيهاً.

ورفعت الحكومة أيضا أسعار الغاز الطبيعي للمصانع، منذ أيام، بما يتراوح بين 0.25 دولار و1.25 دولار للمليون وحدة حرارية، ليصبح السعر 5.57 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لصناعة الأسمنت والحديد والصلب والأسمدة والبتروكيماويات، أو طبقا للمعادلة السعرية الواردة في العقود، و4.75 دولار لكافة الأنشطة الصناعية الأخرى.

وقال وزير المالية في اجتماع اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب مؤخراً: "نحاول قدر الإمكان تحقيق التوازن في التعامل مع فروق الأسعار بحيث لا يتحمل طرف واحد تلك الفروق لحين انتهاء تلك الفترة الصعبة، وعدم ترك أثر سلبي على الموازنة".

أحد الخيارات أيضا، بحسب ما تراه محللة فاروس الأهلي، خفض الكميات المستوردة من السلع المدعومة، وذلك من خلال تقليل الهدر منها.

وأضافت السويفي أن التوفير في بعض بنود الإنفاق بالموازنة لتعويض الزيادة الناتجة من تكلفة أسعار السلع العالمية يعد أحد الحلول المطروحة أمام وزارة المالية أيضاً.

"يمكن للحكومة ترشيد الإنفاق فيما يخص باب الأجور فيما يتعلق بعض البنود المتعلقة بالحوافز والبدلات والمكافآت التي يمكن توفيرها دون التأثير على القوام الأساسى لمرتبات موظفي الحكومة"، وفقا لما قالته رضوى.

وأشارت إلى أن وزارة المالية من الممكن أن تقوم بتحويل بعض بنود الموازنة التي يمكن أن يحدث فيها وفر مالي إلى بنود أخرى تزيد الاحتياجات فيها عن المستهدفات بسبب الزيادات السعرية.

وبالفعل نشرت الجريدة الرسمية قرار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بشأن ترشيد الإنفاق العام بالجهات الداخلية في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية في ظل استمرار جائحة فيروس كورونا المستجد.

وتضمن القرار عدم إجراء أي تعيينات أو ترقيات (عدا الوظائف القيادية التي يتم العرض بها على جهات وسلطات الاختصاص) أو تسويات أو أية تعديلات وظيفية إلا بقرار من رئيس مجلس الوزراء، وحظر الصرف على المنح التدريبية ومكافآت التدريب والمنح الدراسية في الداخل أو الخارج.

كما تضمن القرار حظر زيادة عدد الاجتماعات أو حضور الجلسات واللجان عما تم في السنة المالية 2020-2021، مع خفض قيمة بدل حضور الجلسة أو الاجتماع الواحد بنسبة 50%، وحظر الصرف على اعتمادات الخدمات الاجتماعية، بخلاف الإعانات الاجتماعية الشهرية أو الموسمية والرياضية والترفيهية للعاملين.

ومن بين الخيارات على طاولة الحكومة كذلك استخدام المبالغ التي يتم إدراجها في أبواب الموازنة تحت بند "الاحتياطي"، وهي مبالغ يتم استخدامها في حالة الطوارئ، والتي تزيد خلالها الاحتياجات الفعلية عن الأرقام المستهدفة للبنود الطبيعية للمصروفات في أبواب الموازنة المختلفة، وبالتالي يتم اللجوء لاستخدام المبالغ الاحتياطية، وفقا لرضوى السويفي.

ووفقا للبيان المالي لموازنة العام الحالي، تضع وزارة المالية في باب الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية تحت بند "متطلبات إضافية واحتياطيات" نحو 10 مليارات جنيه، وفي باب الأجور وتعويضات العاملين تحت بند "باقي أنواع الأجور والاحتياطي" 51.1 مليار جنيه.

كما تضع المالية في باب شراء السلع والخدمات تحت بند "احتياطيات عامة" نحو 4.8 مليار جنيه، وفي باب الاستثمارات تحت بند "احتياطيات عامة" نحو 9.8 مليار جنيه.

وقالت رضوى إن الحكومة "من الممكن أيضا أن تقوم بتفعيل عقود التحوط التي قد تكون أبرمتها ضد ارتفاع السلع من أجل تقليص تداعيات الزيادة الأخيرة".

وأشارت إلى أن هناك بعض الزيادة في الإيرادات قد تساهم في تعويض ارتفاع المصروفات، مثل زيادة قيمة صادرات الغاز الناتجة عن ارتفاع الأسعار العالمية.

وكانت صادرات مصر من الغاز الطبيعي قفزت خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 315% مقارنة بنفس الفترة العام الماضي، وبلغت 564 مليون دولار مقابل 136 مليون دولار في نفس الفترة العام الماضي.

وساهمت هذه القفزة في زيادة صادرات مصر من المواد البترولية بنسبة 33.8% إلى 1.819 مليار دولار في الربع الأول من 2021 مقابل 1.359 مليار دولار خلال نفس الربع لعام 2020، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وقالت رضوى إنه من ناحية زيادة الإيرادات قد تلجأ الحكومة لرفع الرسوم على بعض الخدمات التي تقدمها للمواطنين، وأشارت إلى جهود وزارة المالية ومصلحة الضرائب في الفترة الأخيرة لتوسيع القاعدة الضريبية وتقليل التهرب الضريبي وضم الاقتصاد غير الرسمي على غرار ما جرى مؤخراً بشأن استهداف التجارة الإلكترونية واليوتيوبرز والبلوجرز وغيرها من المجالات.

ورغم كل هذه الخيارات ترى محللة الأهلي فاروس صعوبة في تحقيق المستهدف المعلن من وزارة المالية لعجز الموازنة خلال العام الحالي بدقة، وقالت إنها على الأرجح ستحقق معدل أعلى يدور حول مستوى 8% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بمستهدف 6.7%.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان