"تمن اللقمة رعب".. كواليس من حياة "المجبرين على العمل" مع مخاوف "كورونا"
كتبت- شيماء حفظي:
في المنزل، خلف شاشات الموبايل والتليفزيون، تتابع دينا ياسين، الأخبار حول زيادة انتشار فيروس "كورونا" في مصر، ومع كل حالة جديدة، يتضاعف قلقها على زوجها الذي يضطر للخروج لعمله رغم تهديد العدوى.
ورغم توقعات تضرر الاقتصاد بشكل عام، على المستويين المحلي والعالمي، نتيجة انتشار فيروس "كورونا المستجد|، لكن عددًا من فئات العمالة سيكونون الأكثر تضررًا، خاصة العمالة غير المنتظمة.
وبلغ عدد الإصابات بفيروس "كورونا" في مصر، حتى أمس، 1699 مصابًا، وبلغ عدد الوفيات 118 حالة، بحسب بيانات الحكومة، فيما تفرض الحكومة حظرًا للتجول يبدأ من الساعة الثامنة مساء بداية من اليوم ولمدة 15 يومًا.
تقول دينا، إن زوجها الذي يعمل مفتشا بوزارة التموين (على المخابز) مضطر للذهاب للعمل؛ لأنه عمل حيوي ويساعد في ألا تتضرر الأسر نتيجة الأزمة، لكنه أيضًا "مجبر" على الذهاب إلى عمل إضافي آخر اليوم؛ لأن مرتبه لا يكفي.
"مرتب التموين مش جايب همه، ولازم يشتغل بعد الضهر؛ لأن مرتب الشغل الإضافي هو اللي بيمشي البيت، بموت من القلق وهو كمان قلقان، خاصة إنه مريض بالسكر، ومناعته ضعيفة جدًا، وهذا يتطلب حرصا كبيرًا".
تحاول دينا، مجاراة زوجها في التعقيم والتنظيف "أصبح كثير القلق، ويؤكد طول الوقت على التعقيم، بعقم كل حاجة نشتريها من بره، وأول ما يدخل الشقة يعقم المفاتيح والموبايل، وممنوع الأولاد يمسكوا حاجة لسه متعقمتش".
في سوق الخضروات، لا تهتم صباح حسن، بارتداء القفازات وتراها غير عملية وهي تقلب في الخضروات التي تبيعها وتتلقى النقود من الزبائن، لكنها في المقابل أعلنت حالة الطوارئ في البيت.
تقول صباح "أنا شغلتي لازم أنزل السوق، رزقي ورزق عيالي، لكن في البيت مفيش هزار، نقلت أولادي للنوم في غرفة مع بعضهم، وأنا أنام في غرفة منفصلة، حتى لو لا قدر الله أصبت بالمرض أحافظ عليهم".
"كمان بنتي كانت بتنزل تساعدني، أول ما جالها دور برد منعتها تنزل وسبتها في البيت، لكن أنا مقدرش منزلش، إحنا لا تبع الغلابة ولا تبع الأغنياء، يعني الدعم ناس تستحقه أكتر مني، بس مينفعش أقعد في البيت".
أما أم ريماس، فتراهن على أن إجراءات الوقاية التي تستخدمها وزوجها، وتطبق في عمل أخيها ستحميهم من الإصابة بالعدوى.
تقول أم ريماس، إنه لا يمكن لزوجها أو أخيها المكوث في المنزل وترك عملهما رغم الخطر "مضطرين لكدا وربنا الحافظ" لكنها كثفت التعقيم في المنزل، ومنعت زوجها من حضور المآتم والعزاء؛ لتقليل فرص الاحتكاك مع الآخرين.
"أخويا يعمل في مصنع بيعقموا دائمًا، وعنده في كل مكان كحول، لكن مشكلتهم كمصنع لا يوفرون كمامات وقفازات، وطبعًا مش كله بيشتري كل يوم على حسابه؛ لأن دي ميزانية تانية، لكن الأمر في البيت أكثر حذرًا، بيرجع يدخل على الحمام يغير ملابسه ويغسل وجهه كويس جدًا ويطلع يرش كحول ويبدأ التعامل مع أولاده عادي بعدها"، بحسب أم ريماس.
وتضيف "بالنسبة لزوجي عامل بخاخات فيها ماء بكلور لتطهير سيارات التوزيع؛ لأنه يعمل مندوب توزيع، ومنع السلام باليد في الشغل، ويستخدم قفازات للمندوبين وطلب منهم حماية لهم يشتروا كمامات طبعا مش كله ملتزم".
ويأتي بعد ذلك دور أم ريماس في المنزل، لمواجهة "الوسواس" تقول "القلق 24 ساعة، أنا أمسح كل المقابض بكلور والحنفيات بعد ما هو يخلص عشان عندي أطفال، بعقم لو نزلت الشارع وبغسل أي حاجة بشتريها حتى لو كيس شيبسي أو عبوة زيت وخل".
القلق الحاضر على سفرة الطعام، وفي لعب الأطفال مع والدهم، لا يمنع الخوف من فقد العمل أو جزء من الراتب الشهري.
تقول أشواق محمد، إن زوجها يعمل في مصنع كبير للأدوات المنزلية، ورغم قرار المصنع بتخفيض عدد العمالة لمواجهة خطر انتشار الفيروس، لكن العمال في الغالب سيحصلون على رواتبهم الأساسية فقط دون الحوافز، وهذا يقلل من دخلهم الشهري.
يعمل زوج أشواق في القسم الإداري في المصنع، لكن ذلك لا ينفي قلقها عليه من العدوى، ويمتد هذا إلى بعض الإجراءات لدى وصوله إلى البيت تمنعه من ملامسة الأطفال إلا بعد التعقيم.
"طلبت منه العمل من المنزل، لكنه يكون أحيانًا مجبرًا على النزول لاجتماعات مهمة أو عمل ضروري من المكتب، بكون مرعوبة وأوصيه دائمًا باستخدام المطهرات، حتى بعد عودته لازم يتم تعقيمه ويتم تبديل ملابسه كاملة، قبل ما يلمس الأطفال" بحسب أشواق.
"أطفالي سنة و3 سنوات، بخاف طبعًا عليهم، بعقمهم طول الوقت، وبعقم الأرض.. إحنا عايشين في قلق، وربنا يستر".
فيديو قد يعجبك: