تهاوي الأسواق وانهيار النفط.. هل العالم على شفا أزمة مالية واقتصادية؟
كتب- مصطفى عيد:
تراجعات حادة شهدتها الأسواق العالمية خلال الأيام الأخيرة عكست حالة من الفزع والذعر الشديدين من المستثمرين، وذلك مع انتشار فيروس كورونا المستجد، وصاحبها مؤشرات دقت أجراس الانتباه بقوة بشأن احتمالية تمدد آثار هذا الفيروس على الاقتصاد العالمي خاصة مع حالة الضبابية بشأن السيطرة على الفيروس.
ومن المتوقع أن تتراجع معدل نمو الاقتصاد مع انتشار فيروس كورونا وتأثيره على تباطؤ حركة التجارة والانتقال بين الدول، حيث قال متحدث باسم صندوق النقد الدولي، نهاية فبراير، إن الفيروس سيكون له تأثير على نمو الاقتصاد العالمي، وإن الصندوق سيخفض على الأرجح توقعاته للنمو نتيجة لذلك.
وأشارت مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجيفا إلى توقع الخفض خلال اجتماع مع مسؤولي وزراء المالية من أكبر 20 اقتصادا في العالم في الرياض، الشهر الماضي، وقالت في بيان، إن تفشي الفيروس سيقلص على الأرجح نمو اقتصاد الصين هذا العام إلى 5.6%، بانخفاض 0.4% عن توقعاتها في يناير الماضي، وسيخصم 0.1% من النمو العالمي.
وتشهد الأسواق العالمية تحركات عنيفة وانخفاضات حادة في الأسابيع الأخيرة، بسبب تداعيات فيروس كورونا، والتي انضم لها هذا الأسبوع حرب أسعار البترول التي أعلنتها السعودية على روسيا بعد أن فشلت أوبك في الوصول إلى اتفاق بشأن خفض إضافي في إمدادات النفط.
وفقدت أسعار النفط ما يصل إلى ثلث قيمتها اليوم الاثنين في أكبر خسائرها اليومية منذ حرب الخليج عام 1991، بعد أن أشارت السعودية إلى أنها سترفع الإنتاج لزيادة الحصة السوقية فيما يتسبب تفشي فيروس كورونا بالفعل في فائض بالإمدادات في السوق.
هل ما يحدث مؤشرات على أزمة مالية واقتصادية عالمية؟
قال أيمن أبو هند خبير الاستثمار ومؤسس ومدير الاستثمار بشركة "أدفايزبول ويلث إنجنز"، لمصراوي، إن ما تمر به الأسواق المالية العالمية خلال الفترة الحالية من حدوث تراجعات عنيفة وتحركات حادة يعبر فقط عن حالة فزع بين المستثمرين بسبب التخوف مما قد يحدث مستقبلا مع انتشار فيروس كورونا مؤخرا وبدء حرب أسعار في مجال النفط هذا الأسبوع.
وأضاف أن بعض المؤشرات التي ظهرت مؤخرا بشأن الاقتصاد العالمي لا تعبر عن حدوث أزمة ولكنها مجرد تباطؤ في حركة التجارة، وخفض توقعات النمو لم يحدث حتى الآن على أرض الواقع، ولا يزال العالم في انتظار نتائج الربع الأول من العام الجاري والذي ينتهي بنهاية مارس، للتأكد من حدوث تأثير فعلي على الاقتصاد.
وأشار أبو هند إلى أنه لا يوجد سبب اقتصادي لحدوث أزمة عالمية مثل حدوث زيادة في الديون المتعثرة أو غيرها، كما أن الأزمة تسبقها أحداث اقتصادية تعد تمهيدا قويا لوقوعها، مثلما حدث في أزمة 2008 والتي سبقها إفلاس بنك ليمان براذرز، وبيع بنوك أخرى، وبدء أزمة ائتمان.
وذكر أنه ربما يتأثر الإنتاج العالمي خلال شهري فبراير ومارس ولكن قد يتم تعويض هذا الإنتاج في حالة السيطرة على آثار الفيروس نهاية الشهر الجاري خاصة مع تقديم محفزات للمصانع في الصين واليابان مثل توفير قروض بدون فوائد، حيث سيؤدي ضخ الأموال إلى زيادة الإنتاج وتعويض النقص وبالتالي عودة الأسواق إلى طبيعتها.
واعتبر أبو هند التراجعات الأخيرة في الأسواق العالمية أمرا إيجابيا، رغم أنه عنيف، "فهو بمثابة حركة تصحيح لهذه الأسواق بعدما وصلت أسعار الأسهم إلى مستويات مرتفعة جدا، وبالتالي ما يحدث هو أمر مفيد لهذه الأسواق فيما بعد".
وقال هاني جنينة، رئيس قسم البحوث ببنك استثمار برايم، لمصراوي، إن هناك عاملا مهما حتى الآن يحمي الاقتصاد العالمي من أزمة مالية واقتصادية خانقة، في ظل الأوضاع الحالية، وهي صلابة القطاع الحقيقي في العديد من الدول.
وتابع: "لا يوجد حالات إفلاس ضخمة أو بنوك تعاني من ضعف رؤوس أموالها خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية".
وأشار جنينة إلى أن الأزمة الحالية لا تزال في نطاق أسعار الأصول المالية، ولكنها قد تتحول إلى أزمة اقتصادية إذا طال أمدها وأدت إلى إحجام القطاع المالي عن إقراض الشركات والأفراد و هو ما يؤدي إلى دائرة مفرغة من ركود حركة البيع وتخفيض العمالة، وأخيرا تعثر الشركات وتراكم الديون المتعثرة لدى البنوك.
ولكن جنينة استبعد حدوث هذا السيناريو مع التوقعات بالتدخل السريع من البنوك المركزية واستمرار هذا التدخل في الأيام القليلة المقبلة.
وأصدر مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي"، قرارا طارئا بخفض أسعار الفائدة، الثلاثاء الماضي، بمقدار نصف نقطة مئوية إلى نطاق من 1 و1.25%، بهدف حماية أكبر اقتصاد في العالم من آثار فيروس كورونا.
وخفضت الصين سعر الإقراض الرئيسي الشهر الماضي إذ تتحرك لخفض تكاليف تمويل الأنشطة التجارية ودعم الاقتصاد بعد التفشي الكبير لفيروس كورونا في البلاد، وذلك ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها السلطات لتخفيف الأثر على النمو.
وفي رسالة لبث الثقة في الاقتصاد العالمي، قال تشن يولو نائب محافظ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، الشهر الماضي، إن تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد الصيني قصير الأمد ومحدود، وإن بكين واثقة تماما من انتصارها في الحرب على هذا الوباء.
ونقل التلفزيون المركزي الصيني (سي.سي.تي.في) عن تشن قوله إن الصين لديها أدوات كثيرة في مجال السياسة من أجل إدارة الاقتصاد كما أن سياستها النقدية التيسيرية لم يطرأ عليها تغيير، بحسب وكالة رويترز.
فيديو قد يعجبك: