لاجارد السيدة الأولى في صندوق النقد.. رحيل لإنجاز جديد بعد مسيرة 8 سنوات
كتب- مصطفى عيد:
قدمت الفرنسية كريستين لاجارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، صاحبة الـ 63 ربيعا، استقالتها من منصبها رسميا، أمس الثلاثاء، لتنهي مسيرة استمرت لمدة 8 سنوات.
وجاءت استقالة لاجارد من صندوق النقد في إطار استعدادها لخوض مسيرة جديدة بعد ترشيحا لمنصب رئيس البنك المركزي الأوروبي.
وستصبح استقالة لاجارد سارية اعتبارا من 12 سبتمبر المقبل، ليتم إتاحة الفرصة لاختيار مدير جديد للصندوق خلفا لها حتى هذا التاريخ.
ومن المقرر أن تتولى كريستين لاجارد منصبها الجديد في البنك المركزي الأوروبي في 31 أكتوبر المقبل خلفا لماريو دراجي، إذا حصل ترشيحها على موافقة البرلمان الأوروبي.
وجاءت استقالة لاجارد بعد أسبوعين من ترشيحها لرئاسة البنك المركزي الأوروبي في الثاني من يوليو الجاري، حيث لم تستقل على الفور من صندوق النقد بسبب عدم التيقن مما إذا كان البرلمان الأوروبي الجديد سيوافق عليها وعلى المناصب القيادية الجديدة الأخرى في الاتحاد الأوروبي، حسبما ذكرت مصادر لوكالة رويترز.
ويخضع ترشيح لاجارد لموافقة البرلمان الأوروبي الذي يشهد حالة من الانقسام، وفقا لما ذكرته وكالة رويترز.
أول سيدة في منصبها
كريستين لاجارد، صاحبة إنجاز هو الأول من نوعه في صندوق النقد الدولي، حيث كانت السيدة الأولى التي تتولى منصب المدير العام للصندوق من بين 11 شخصا تقلدوه، وذلك بدءا من 5 يوليو 2011.
وفي 19 فبراير 2016، قرر المجلس التنفيذي للصندوق التجديد لكريستين لمدة ثانية بدأت في 5 يوليو 2016.
وبحسب بيانات الموقع الإلكتروني للصندوق، ولدت كريستين لاجارد في باريس في عام 1956، وأتمت تعليمها الثانوي في مدينة "لو هافر" الفرنسية، ثم التحقت بمدرسة "هولتون آرمز" في بيثيزدا (ولاية ميريلاند الأمريكية).
وتخرجت بعد ذلك في كلية الحقوق بجامعة باريس 10، وحصلت على درجة الماجستير من معهد العلوم السياسية في مدينة "إكس أون بروفونس" الفرنسية.
لاجارد قبل الصندوق
كريستين لاجارد لديها تاريخ عملي حافل قبل التحاقها بمنصبها في صندوق النقد، حيث أصبحت بعد التحاقها بنقابة المحامين الفرنسية شريكا في مؤسسة المحاماة الدولية "بيكر آند ماكينزي" حيث تخصصت في الشؤون العمالية، وممارسات مكافحة الاحتكار، وعمليات الدمج والاستحواذ، وفقا للصندوق.
وفي عام 1995 أصبحت لاجارد عضوا في اللجنة التنفيذية للمؤسسة، وفي 1999 أصبحت رئيسا للجنة التنفيذية العالمية لمؤسسة "بيكر آند ماكينزي" ثم رئيسا للجنة الاستراتيجية العالمية في 2004.
وانضمت لاجارد إلى صفوف الحكومة الفرنسية في يونيو 2005 حين تقلدت منصب وزير التجارة الخارجية، وبعد فترة قصيرة شغلت فيها منصب وزير الزراعة والثروة السمكية، أصبحت في يونيو 2007 أول سيدة تتولى وزارة المالية والاقتصاد في أحد بلدان مجموعة الدول الصناعية السبعة.
وفي الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2008 تولت لاجارد رئاسة مجلس الشؤون الاقتصادية والمالية التابع للاتحاد الأوروبي، والذي يضم وزراء الاقتصاد والمالية في الاتحاد الأوروبي، وساهمت في دعم السياسات الدولية المتعلقة بالرقابة والتنظيم الماليين، وتعزيز الحوكمة الاقتصادية العالمية.
وبحسب موقع الصندوق، أطلقت لاجارد أثناء رئاستها لمجموعة العشرين ممثلة لفرنسا في عام 2011، برنامج عمل واسع النطاق لإصلاح النظام النقدي الدولي، لتتولى رسميا منصبها كمديرة عامة للصندوق في يوليو من نفس العام.
اتهامات بالإهمال
رغم حصول لاجارد في أبريل 2012، من الحكومة الفرنسية على "وسام جوقة الشرف الوطني" بمرتبة "ضابط"، إلا أنها لم تسلم في الأعوام التالية من اتهامات في تحقيقات فساد عن فترة ما كانت وزيرة للمالية.
وفي 2016 واجهت لاجارد اتهامات بالإهمال عن موافقتها في عام 2008 عندما كانت وزيرة للمالية في فرنسا على دفع أموال لرجل الاعمال برنار تابي في تسوية خارج المحاكم كلفت دافعي الضرائب الفرنسيين 400 مليون يورو (425 مليون دولار)، بحسب وكالة رويترز.
ونفت لاجارد، التي خضعت لاستجواب مكثف في المحكمة، تلك الاتهامات، وقالت إنها قبلت التسوية لأنها كانت تحقق مصلحة الدولة على أفضل نحو ولوضع نهاية لمسألة طالت لخمسة عشر عاما.
ووفقا للوكالة، قال كبير ممثلي الادعاء في محاكمة لاجارد في باريس، إن جلسة الاستماع أظهرت أن الاتهامات الموجهة إليها "ضعيفة جدا"، وإنه يوصي بتبرئتها.
ولكن بحسب وكالة الأنباء الألمانية، أدان القضاء الفرنسي، في 19 ديسمبر 2016، كريستين لاجارد بتهمة الإهمال، غير أن المحكمة لم تصدر حكمًا في القضية.
لاجارد والمصريون
عرف المصريون لاجارد بشكل أكبر في السنوات الثلاث الأخيرة والتي شهدت تنفيذ الحكومة برنامجا للإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والذي اتفق على تمويل البرنامج بقيمة 12 مليار دولار على 6 دفعات تنتظر مصر صرف آخرها بعد أيام.
وكانت آخر تصريحات لاجارد عن مصر في أبريل الماضي، وذلك بعد لقائها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته للولايات المتحدة، حيث قالت إنه تم إحراز تقدم جيد في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وإنه بينما يواصل الاقتصاد المصري النمو بقوة، انخفضت معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2011.
وأضافت لاجارد أن احتياطيات النقد الأجنبي بلغت مستويات مريحة، وتم وضع الدين العام على مسار هبوطي بدعم من جهود الضبط المالي الداعمة للنمو، بحسب بيان للصندوق وقتها.
وذكرت لاجارد أنها اتفقت مع الرئيس السيسي على أهمية المضي قدما ببرنامج الإصلاحات الهيكلية الذي وضعته السلطات والذي يهدف إلى دعم النمو الاحتوائي ومعالجة القيود التي تعوق تنمية القطاع الخاص.
وأشارت إلى هذه الإصلاحات ستساهم في تحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص على أساس أكثر استمرارية واحتواءً لجميع الفئات، مما سيساعد مصر على خلق وظائف للشباب مع ضمان توافر الموارد الكافية للحماية الاجتماعية.
فيديو قد يعجبك: