"ديجيتال هاب".. مكاتب أيرلندا الصغيرة تفتح أبواب المستقبل (تقرير)
دبلن/ كتب- أحمد الليثي:
قبل خمسة أعوام بالتمام والكمال كانت المنطقة الواقعة بقلب العاصمة الأيرلندية "دبلن"، مجرد مساحة تفتقر للتجديد، ساحة تجتذب نسبة مرتفعة من أصحاب البطالة، أطفال متسربون من التعليم، شباب يتناولون المخدرات، غير أن مسئولو مؤسسة "ديجيتال هاب" الأيرلندية كان لهم رأيا آخر.
"قررنا شراء بعض المباني وتدشين حرم لشركات التكنولوجيا" تقول ميلسيا ميهان، مدير التواصل بالمؤسسة في زيارة ميدانية لمصراوي. كان ذلك في العام 2013، فيما وصلت الشركات بحرم "ديجيتال هاب" إلى نحو 80 شركة، 750 شخص، 60% منهم أيرلنديين، والباقي من حول العالم، بحسب "ميهان".
تعد "ديجيتال هاب" أكبر تجمع لشركات التكنولوجيا والإعلام الرقمي والإنترنت في أيرلندا. وبحسب الموقع الرسمي تصف المؤسسة نفسها "نوفر مساحة للمؤسسات المحلية لتوسيعها وتنميتها جنبًا إلى جنب مع الشركات العالمية ومنظمات الصناعة".
الفكرة ببساطة هي إتاحة مكان "مؤجر" لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، في بيئة عمل جذابة تمكنهم من الترقي والانتشار، رفقة مشروعات كبرى، وكذا تقديم خدمات تسهم في عملية الإنماء، ويتم ذلك لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة "نحن نعتبر مالك عقار داعم للمستأجرين كي تنمو أعمالهم، أحيانًا نوفِر لهم استشاريين للعمل معهم تدريبات، أو ورش عمل، أو سيمينار، فطار سويًا، أو غداء أو عشاء عمل"، وكل ذلك بأقل تكلفة "إيجار المكتب لدينا يساوي 60 يورو أسبوعيًا، وهو رقم زهيد مقارنة بالأسعار حولنا".
وتوضح مسئول التواصل بديجيتال هاب خطوات طريقة تعاملها مع الأفكار الناشئة: "عندما يأتي لنا أصحاب شركة ناشئة بفكرة، نوجهها لعمل خطة للنمو وتعيين فريق، وعندما تكون مستعدًا بعد عامين مثلا، تعال لنا، وسنعطيك مكتبًا، نعمل مثلا مع شركات بها شخص أو شخصين، أو 5 أشخاص، وقد نصل لخمسين شخص، والمشكلة حينها أننا لا نستطيع توفير مكان لهم، فنكون سعداء بتوديعهم لمكتب أكبر".
تشير مسئول التواصل بالمؤسسة أن المكان احتضن العديد من الأسماء الكبرى في عالم التكنولوجيا؛ "من الشركات الشهيرة التي امتلكت مقرات لها هنا: أمازون، إتسي للصناعات اليدوية، جميعهم أحبوا ديجيتال هاب، لونلي بلانيت، إم دي آر سي، شركة للأنيمشن.. وشركات للذكاء الاصطناعي، وشركة للتطبيقات الطبية، وغيرها".
لا يتوقف الأمر عند حدود خلق مجتمع استثماري جيد "نقوم بتوصيل أي من الشركات بمسؤولين حكوميين أو غيره أو مجلس النواب".
بيراج، إحدى الشركات التي تتواجد داخل "ديجيتال هاب" قبل عامين، فيما تمكنت من نشر فروعها في أكثر من دولة، ويشرح رئيس الشركة -ذات الأصول الهندية- لمصراوي: "نقوم بجعل المواقع الإلكترونية محلية الطابع لدى ترجمتها، وحتى في التطبيقات الإلكترونية، فعلي سبيل المثال لدينا موقع إلكتروني في مصر، لانقوم بترجمته للعربية، وإنما بتمصيره".
تعتمد ديجيتال هاب على 3 قوى رئيسية في سياساتها: "العنقودية، التواصل الاجتماعي، والتجديد العمراني".
الأولى تعني جلب شركات التكنولوجيا سويًا في نفس المكان، ليعملوا ويتشاركوا المعرفة ويتعلموا من بعضهم البعض.. أما عن التواصل المجتمعي فغرضه ألا تكون الشركات مجرد بوابات مغلقة، "نحب أن نكون منفتحين، أن نجلب الأجيال الصغيرة لهنا، ونوفر برامج تعليمية لهم.. لدينا عيادة استشارية للعلاقات العامة لتقديم النصح".
الشيء الثالث الذي نفعله، تقول ميهان، هو التجديد العمراني، لدينا العديد من المباني، 9 مباني بالتحديد مفعّلة، ولدينا مباني أخرى ليست مستخدمة وقديمة، مانريده هو أحياءهم واستخدامهم مرة أخرى يوميًا.
لا تقف حدود ديجيتال هاب عند التواصل مع الشركات داخلها فحسب؛ بل يمتد الأمر لفتح أبوابها على المجتمع "نجلب طلابًا محليين من المدارس مرتين أسبوعيًا، وهنا يتعلمون أكثر عن التكنولوجيا ونساعدهم على بناء المهنة الخاصة بهم، كذلك لدينا برنامج بالتعاون مع الأشخاص الأكبر سنًا الذين ليست لديهم معرفة تكنولوجية، انطلاقا من رغبة الحكومة الأيرلندية في توفير المزيد من الخدمات الحكومية أونلاين".
فيديو قد يعجبك: