علامات إيجابية على طريق الإصلاح الاقتصادي..متى يشعر بها المواطن؟
كتب- مصطفى عيد:
أعلنت الحكومة خلال الأيام الماضية، عن مؤشرات إيجابية تشير إلى تحسن في اقتصاد البلاد الذي يعاني من أزمات كبيرة، ظهرت في السنوات الأخيرة بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية.
وتعمل الحكومة على برنامج لإصلاح الاقتصاد اتفقت عليه مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي، وحصلت بمقتضاه على قرض بقيمة 12 مليار دولار تصرفه على مدى 3 سنوات.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، أول أمس الخميس، خلال مؤتمر التحالف الدولي للشمول المالي بمدينة شرم الشيخ، إن "مسار الإصلاح الاقتصادي بدأ يؤتي ثماره".
وأشار السيسي إلى عدد من المؤشرات الاقتصادية التي شهدت تحسنا في الفترة الأخيرة منها زيادة الاحتياطي النقدي إلى أكثر من 36 مليار دولار وهو ما أعتبره "إنجازا بمعيار الزمن والظروف التي مرت بها مصر خلال السنوات الماضية".
كما شملت المؤشرات الإيجابية التي ذكرها السيسي نجاح الدولة في محاصرة سوق العملات خارج النظام المصرفي مما قوى من إمكانيات وموارد البنوك، وزياد القدرة التنافسية في التصدير، وانخفاض عجز الميزان التجاري، وجذب الاستثمارات من الداخل والخارج.
وأشار السيسي إلى تسارع معدل النمو الاقتصادي في الربع الأخير من العام المالي الماضي إلى 4.9%.
وأدى تسارع النمو في الربع الأخير إلى زيادة معدل النمو الإجمالي إلى 4.2% خلال العام المالي الماضي كله، وفقا لرئيس الوزراء شريف إسماعيل الذي تحدث في نفس المؤتمر، مقارنة بتوقعات الحكومة التي تراوحت بين 3.8 و4%.
وقال السيسي إن عجز الموازنة في الربع الأخير من العام الماضي وصل إلى 9.5% مقابل 11.5% في نفس الربع من العام المقابل، مشيرا إلى وضع هدف للتضخم عند 13% بنهاية 2018، وإقرار قانون الاستثمار، وطرح مبادرة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة لمواجهة البطالة.
وانخفض عجز الموازنة خلال العام الماضي كله إلى 10.9% مقابل 12.5% خلال عام 2015-2016، بحسب رئيس الوزراء، الذي أشار إلى تراجع معدل البطالة لنحو 11.98% بنهاية الربع الثاني من 2017 مقارنة بنحو 12.5% خلال نفس الربع من العام الماضي.
وأعلنت وزارة المالية أنها حققت المستهدف من الحصيلة الضريبية لأول مرة بعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة في سبتمبر الماضي.
كما زادت تدفقات النقد الأجنبي بشكل ملحوظ خلال الشهور الأخيرة، مع زيادة إيرادات السياحة خلال النصف الأول من 2017 بنحو 150% لتصل إلى 2.8 مليار دولار، إلى جانب ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج في أول 9 أشهر بعد التعويم بنحو 1.9 مليار دولار مقارنة بنفس الفترة من العام السابق لتسجل نحو 14.5 مليار دولار.
وزادت تدفقات النقد الأجنبي من استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية منذ التعويم بشكل ملحوظ، حيث بلغت 15 مليار دولار حتى الآن وفقا لمحافظ البنك المركزي طارق عامر، كما تراجعت الواردات بشكل ملحوظ مقابل زيادة الصادرات ليتراجع عجز الميزان التجاري بنسبة 8.4% خلال 2016-2017.
وساهمت زيادة تدفقات النقد الأجنبي في تراجع ملحوظ في أسعار صرف الدولار إلى ما دون 18 جنيها خلال الأسابيع الأخيرة، كما أصبحت البنوك توفر الدولار للعملاء بغرض السفر دون أوراق إثبات، ورفعت الحدود القصوى على الشراء بالخارج عبر البطاقات.
كما خفضت وزارة المالية سعر الدولار الجمركي مرتين خلال أغسطس وسبتمبر حيث وصل إلى 16 جنيها وذلك بعد 4 أشهر من التثبيت.
واتفقت رضوى السويفي رئيس قسم البحوث ببنك استثمار فاروس في الرأي مع الرئيس السيسي بأن ثمار الإصلاح بدأت في الظهور.
وقالت رضوى "نتائج الإصلاح الاقتصادي بدأت في الظهور ومن المتوقع أن تستمر المؤشرات في التحسن خلال الفترة المقبلة خاصة أن التضخم في طريقه للهبوط".
وساهم تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، ورفع أسعار الوقود والكهرباء، في وصول معدل التضخم خلال الشهور الماضية من 2017 إلى مستويات لم يسجلها منذ عقود، بلغت ذروتها في يوليو الماضي عند 34.2%، ولكن المعدل تراجع إلى 33.2% خلال أغسطس.
ولكن عالية المهدي الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، قالت إنه "من الجيد ظهور بعض المؤشرات الإيجابية ولكن لا نستطيع القول أننا بدأنا في جني ثمار الإصلاح... الأداء ليس على المستوى المأمول من ناحية المؤشرات الاقتصادية".
وترى المهدي أن هناك أملا في أن يتحسن الوضع ولكنها ربطت بين سرعة التحسن والسياسات التي ستتبعها الدولة خلال الفترة المقبلة.
"التحسن لابد أن يحدث خلال الفترة المقبلة لأننا وصلنا للمرحلة الأسوأ ومن الطبيعي أن تتحسن الأوضاع ولكن برنامج الإصلاح سيساهم أيضا في تحسنها"، وفقا لعالية المهدي.
وأشارت المهدي إلى أن الإصلاح المالي والنقدي الذي يتم يحتاج لإصلاح موازٍ بمجال الاستثمار وتشجيع الأعمال "على الرغم من المجهود الضخم الذي تبذله وزيرة الاستثمار سحر نصر.. لم نرَ استثمارات هائلة دخلت البلد أو أن فرص العمل زادت بقوة".
وارتفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام الماضي إلى 7.9 مليار دولار مقابل 6.9 مليار دولار في عام 2015-2016 بنسبة زيادة 14.5%.
لماذا لا يشعر المواطن بالتحسن؟
على الرغم من التحسن المبدئي في مؤشرات الاقتصاد المصري، إلا أن المواطن المصري لم يشعر بشيء من ذلك حتى الآن في ظل أزمة الغلاء التي يعاني منها.
وفسرت رضوى السويفي ذلك بأن "ما يهم المواطن هو تحسين مستوى الدخل وتوفير فرص عمل أفضل وتحسن قوته الشرائية وهو ما سيظهر بشكل أوضح مع زيادة الاستثمارات"، متوقعة أن يبدأ المواطن في الشعور بنتائج الإصلاح بشكل ملموس خلال عام 2018.
"مستوى دخل موظفي القطاعين العام والخاص مع العلاوات السنوية مع العام المقبل أو منتصفه سيتحسن، وبالتالي ستزيد القوى الشرائية لهم، ولو زادت الاستثمارات المباشرة ستخلق فرص عمل. كل ذلك سيدعم النمو خلال الفترة المقبلة وهو ما سيبدأ معه تراجع الديون المحلية والخارجية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي" بحسب السويفي.
كما أن هذا التحسن الملحوظ في بعض قطاعات الاقتصاد لم يفلح في إقناع وكالة موديز برفع التصنيف الائتماني لمصر والتي ثبتت التصنيف عند B3 مع نظرة مستقبلية مستقرة ، مخالفة توقعات بعض بنوك الاستثمار وعلى منها بنك استثمار فاروس.
ولكن السويفي فسرت أسباب موديز بعدم رفع تصنيف مصر، قائلة: "أكثر ما يقلق موديز هو أن يزيد الدين وخدمته كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بما يشكل ضغطا على الاقتصاد".
وكان الاقتراض من الخارج سواء من صندوق النقد او البنك الدولي، أو عن طريق السندات الدولية، هو السبب الرئيسي في عودة احتياطي النقد الأجنبي، إلى معدلاته قبل ثورة يناير، وهو ما ينذر باحتمال عودته للتراجع مرة أخرى مع بداية سداد هذه الديون مطلع العام المقبل، إذا لم يدخل البلاد موارد مستدامة جديدة خاصة من السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر.
وتابعت: "لكننا لا نراها بهذا الشكل السلبي لأن الاحتياطي ارتفع وخدمة الدين يتم تغطيتها، كما أن معظم الدين طويل ومتوسط الأجل، والقصير منه حوالي 17% فقط من الإجمالي. هم ينظرون أيضا إلى معدل التضخم ولكنه سينخفض والموضوع مؤقت".
اقرأ أيضا:
نائب محافظ المركزي: 46 مليار دولار حصيلة التنازلات بالبنوك منذ التعويم
الحكومة ترفع توقعاتها للنمو الاقتصادي إلى 5.2% خلال العام الحالي
أعداد السياح الوافدين لمصر في 8 أشهر تتجاوز حصيلة 2016 بأكمله
السيسي: الوصول بالاحتياطي النقدي إلى 36 مليار دولار "إنجاز"
السيسي أمام مؤتمر الشمول المالي: الإصلاح الاقتصادي بدأ يؤتي ثماره
فيديو قد يعجبك: