لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هكذا سقطت آثينا.. قصة شروط القروض التي نشرت الفقر في اليونان

02:45 م الثلاثاء 21 فبراير 2017

قصة شروط القروض التي نشرت الفقر في اليونان

القاهرة - (مصراوي):

لم يخطر على بال ديميترا حتى بعد أن بلغت سن التقاعد أن ظروف الحياة قد تدفعها لقبول معونات غذائية تتمثل في بعض الأرز وكيسين من المكرونة وكيس من الحمص وبعض التمر وعلبة من الحليب في الشهر.

تصف وكالة رويترز فى تقرير نشرته اليوم الثلاثاء، حال العجوز اليونانية أصبحت ديميترا التي تجاوزت 73 سنة، وتقول إنها واحدة من عدد متزايد من اليونانيين الذين يدبرون أحوالهم بصعوبة وهي التي كانت تساعد المحتاجين متطوعة في الصليب الأحمر للعمل في تقديم الطعام.

بعد 7 سنوات من خطط الإنقاذ انهالت فيها المليارات على البلاد لم يطرأ أي تحسن على مستوى الفقر بل يزداد سوءًا بدرجة ليس لها مثيل في أي دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي.

تقول ديميترا "لم يخطر ذلك أبدًا على بالي. عشت حياتي باقتصاد. لم آخذ إجازة. لا شيء. لا شيء على الإطلاق".

والآن تنفق ديميترا أكثر من نصف دخلها الشهري البالغ 332 يورو (350 دولارًا) على إيجار شقة صغيرة في أثينا. والباقي تنفقه على فواتير خدمات المرافق الأساسية.

تقول رويترز، إن الأزمة المالية العالمية وتداعياتها دفعت 4 من دول منطقة اليورو للجوء إلى مؤسسات الإقراض العالمية. وخضعت كل من أيرلندا والبرتغال وقبرص لخطط إنقاذ وخرجت من أزمتها وعاد اقتصادها ينمو من جديد.

أما اليونان التي كانت أول دولة من الدول الأربع تطبق خطة إنقاذ عام 2010 فقد احتاجت 3 من حزم الإنقاذ.

أنقذت أموال هذه الحزم التي دفعها الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي اليونان من الإفلاس غير أن سياسات التقشف والإصلاح التي اشترطها المقرضون ساعدت في تحويل الركود إلى كساد.

وحاول رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس الذي تتراجع شعبية حكومته ذات القيادة اليسارية في استطلاعات الرأي، أن يجعل من محنة اليونانيين صرخة استغاثة في أحدث جولة من المفاوضات الطويلة مع المقرضين الذين يعطلون الإفراج عن المزيد من المساعدات.

قال رئيس الوزراء هذا الشهر "علينا جميعًا أن نتوخى الحرص تجاه بلد تعرض للنهب وقدم شعبه ومازال يقدم تضحيات كثيرة باسم أوروبا."

وتمثل جانب كبير من أموال المساعدات الطائلة في صورة ديون جديدة لسداد ديون قديمة. لكن بغض النظر عن المسؤول عن انهيار مستويات المعيشة فإن أرقام الفقر من وكالة الاحصاء التابعة للاتحاد الاوروبي (يوروستات) مروعة.

وليست اليونان بأفقر الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي فمعدلات الفقر أعلى في بلغاريا ورومانيا. غير أن اليونان تأتي بعدهما مباشرة في المركز الثالث وتبين بيانات يوروستات أن 22.2% من السكان "تعرضوا لعوز شديد" في 2015.

وفي حين أن الأرقام شهدت انخفاضًا حادًا في دول البلقان فيما بعد العهد الشيوعي - إذ بلغ الانخفاض نحو الثلث في حالة رومانيا - فقد تضاعف المعدل في اليونان تقريبًا منذ عام 2008 وهو العام الذي تفجرت فيه الأزمة العالمية. وعمومًا فقد انخفض المعدل على مستوى الاتحاد الأوروبي من 8.5% إلى 8.1% في تلك الفترة.

وتتضح الصورة الواقعية لهذه الإحصاءات في أماكن مثل بنك الطعام الذي تديره بلدية أثينا حيث تتسلم ديميترا معوناتها الشهرية.

أمام هذا البنك وقف عشرات من اليونانيين في وقار وكل منهم يحمل بطاقة في يده للحصول على حصته. وكلهم مسجلون في قائمة من يعيشون دون حد الفقر البالغ 370 يورو شهريًا.

قالت ايليني كاتسولي المسؤولة بدار البلدية التي تتولى إدارة المركز لرويترز: "الاحتياجات هائلة".

وتوضح أرقام بنك الطعام الذي يخدم منطقة وسط أثينا، أن الاتجاه على المستوى المحلي مماثل للاتجاه الذي أوضحته بيانات يوروستات. فقد قالت كاتسولي إن عدد الأسر المسجلة في البنك يبلغ نحو 11 ألف أسرة - 26 ألف شخص - ارتفاعًا من 2500 فقط في عام 2012، ومن 6000 في 2014، ويشمل هذا العدد 5000 طفل.

وكان كثير من الأرفف والثلاجات المخصصة لتخزين الطعام فارغًا. فما يتم توزيعه يتوقف على ما يتبرع به رعاة المركز وهم من الشركات التي تعاني هي نفسها في كثير من الأحيان.

وقالت كاتسولي "نشعر بالقلق لأننا لا نعلم ما إذا كنا سنقدر على تلبية احتياجات هؤلاء الناس. فهناك أسر عندها أطفال صغار وفي بعض الأيام لا نجد حتى الحليب لنقدمه لهم."

حثت مؤسسات دولية من بينها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الحكومة على إعطاء الأولوية لمعالجة الفقر والتفاوت في مستويات الدخل.

وانخفض معدل البطالة من الذروة التي بلغها عند 28% من قوة العمل إلى 23% لكن المعدل لا يزال الأعلى في الاتحاد الأوروبي. ومنذ بدأت الأزمة، انكمش الاقتصاد اليوناني بمقدار الربع وأغلقت آلاف الشركات ومنشآت الأعمال أبوابها.

والآمال كبيرة أن ينتعش الاقتصاد هذا العام غير أن بيانات صدرت الأسبوع الماضي أظهرت أنه انكمش مرة أخرى في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي بعد نموه في الربعين السابقين.

ويبدو أن تحسن مستويات المعيشة أبعد ما يكون. فقد أظهر استطلاع أجراه اتحاد الأعمال اليوناني وشركة مارك لاستطلاعات الرأي أن أكثر من 75% من الأسر عانت من انخفاض كبير في الدخل العام الماضي.

وكان بكل أسرة من ثلث الأسر اليونانية عاطل واحد عن العمل على الأقل، في حين قال 40% من المشاركين في الاستطلاع إنهم اضطروا لتخفيض الإنفاق على الطعام.

ويقول المسؤول اليوناني الذي يتولى البت في المظالم إن عددًا متزايدًا من الناس يواجهون صعوبات كبيرة في سداد فواتير المرافق الأساسية.

وفي حي من الأحياء الفقيرة يقدم مركز خيري تديره الكنيسة الارثوذكسية 400 وجبة يوميًا مقسمة على 4 مجموعات فيما يقل عن الساعتين.

قالت المعلمة السابقة إيفا أجيسالاكي (61 سنة) المتطوعة للعمل في المركز "الكل يمر بفترة صعبة. اليونان كلها."

ولم تتأهل أجيسالاكي للحصول على معاش تقاعد لأن عقدها انتهى عندما رفع سن التقاعد إلى 67 سنة بمقتضى برنامج الإنقاذ الاقتصادي وقالت إنها لم تستطع العثور على عمل. ويذهب جزء من معاش زوجها الذي خفض إلى 600 يورو من 980 يورو بموجب الإصلاحات التي طالب بها المقرضون الدوليون إلى أسرتي ابنها وابنتها.

وفي مقابل تطوعها للعمل بالمركز تحصل على معونات منه تتقاسمها مع ابنتها العاطلة عن العمل ومع ابنها.

قالت وهي تعد مائدة خشبية طويلة للوجبة التالية المكونة من حساء البقول والخبز وبيضة واحدة وشريحة من البيتزا وتفاحة "نحن نحيا حياة خاملة. باقون فقط على قيد الحياة. أغلب اليونانيون باقون فقط على قيد الحياة."

وقالت إيفانجيليا كونستا التي تشرف على المركز وتقدم شركتها اللحوم للمركز إن عدد من يتناولون الطعام في المركز ازداد بما يتجاوز المثلين خلال عامين وإن الكنيسة تساهم أيضًا في سداد فواتير الكهرباء والماء لبعض الناس.

وقالت كونستا "الأمور تزداد سوءًا ولا تتحسن وهذا ينعكس على احتياجات الناس. بعض الناس ليس معه حتى يورو واحد."

وفي مختلف أحياء أثينا يشهد عدد المشردين الذين ينامون في العراء على ذلك. ويقود متطوعون عربة فان فيها غسالتان ومجففان إلى الأحياء التي يتجمع فيها المشردون لمساعدتهم في غسل ملابسهم.

قال فانيس تسوناس الذي شارك في تجهيز العربة وهو يتأهب لاستلام أكياس الغسيل من الرجال والنساء من المحتاجين "أنت ترى الوجوه نفسها لكنك ترى أيضًا وجوهًا جديدة."

ولا يوجد أمل تقريبًا عند أحد في تحسن الأحوال.

قالت ديميترا وهي تمسك بكيس بلاستيكي يحوي المساعدات الغذائية التي حصلت عليها "لا أعتقد أن هناك شخصًا واحدًا لا يخاف من المستقبل."

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان