"أوبك" تتفق على خفض محدود لإنتاج النفط لأول مرة منذ 2008
القاهرة - (مصراوي):
اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، أمس الأربعاء، على خفض محدود لإنتاجها النفطي في أول اتفاق من نوعه منذ عام 2008 مع قيام السعودية أكبر منتج في المنظمة بتخفيف موقفها حيال إيران وسط تنامي الضغوط الناجمة عن هبوط أسعار الخام.
ووفقًا لوكالة رويترز، قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه الذي اختلف مرارًا مع السعودية في الاجتماعات السابقة "اتخذت أوبك قرارًا استثنائيًا اليوم... فبعد سنتين ونصف السنة توصلت أوبك إلى توافق على إدارة السوق."
وذكر زنغنه ووزراء آخرون أن المنظمة ستخفض الإنتاج إلى نطاق بين 32.5 مليون و33 مليون برميل يوميًا، وتقدر أوبك إنتاجها الحالي بواقع 33.24 مليون برميل يوميًا.
وقال الوزير الإيراني "قررنا خفض الإنتاج نحو 700 ألف برميل يوميًا."
ومن شأن الخطوة التي اتخذتها أوبك أمس الأربعاء أن تعيد المنظمة فعليًا إلى تبني سياسة وضع سقف للإنتاج التي تخلت عنها قبل عام.
غير أنه سيتم تحديد مستوى الإنتاج لكل دولة في الاجتماع الرسمي القادم لأوبك في نوفمبر الذي قد تدعو فيه المنظمة المنتجين المستقلين مثل روسيا أيضًا إلى المشاركة في خفض الإنتاج.
وقفزت أسعار النفط بما يزيد على خمسة بالمئة لتتجاوز 48 دولارًا للبرميل عند التسوية، وقال كثير من المتعاملين إنهم سعدوا بتمكن أوبك من التوصل إلى توافق بعد خلاف استمر سنوات لكن آخرين قالوا إنهم يريدون معرفة التفاصيل.
وقال فيل فلين محلل الطاقة لدى برايس فيوتشرز جروب "هذا هو أول اتفاق لأوبك في ثماني سنوات. لقد أثبتت المنظمة أنها ما زالت تلعب دورًا مؤثرًا حتى في عصر النفط الصخري. هذه هي نهاية (حرب الإنتاج) وأوبك تعلن النصر."
وقال جيف كويجلي مدير أسواق الطاقة لدى ستراتاس أدفيسورز ومقرها هيوستون، إن السوق لم تعرف بعد حجم إنتاج كل دولة، مضيفًا "أريد أن أسمع من فم وزير النفط الإيراني أنه لن يرجع إلى مستويات ما قبل العقوبات. وبالنسبة للسعوديين فإن الأمر يتعارض منطقيًا مع ما يقولونه."
كان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قال أول أمس الثلاثاءإنه ينبغي السماح لإيران ونيجيريا وليبيا بالإنتاج "بالمستويات القصوى المعقولة" في إطار أي اتفاق على تحديد سقف للإنتاج.
ويمثل هذا تحولًا استراتيجيًا للرياض التي قالت في السابق إنها لن تخفض الإنتاج للحد من تخمة المعروض إلا إذا قامت الدول الأعضاء في أوبك والمنتجون المستقلون بالمثل، وقالت إيران إنه لابد من استثنائها من قيود الإنتاج نظرًا لأن إنتاجها ما زال يتعافى بعد رفع العقوبات الغربية التي كانت مفروضة عليها.
ويعتمد الاقتصادان السعودي والإيراني اعتمادًا شديدًا على النفط لكن في فترة ما بعد رفع العقوبات انحسرت الضغوط التي تواجهها إيران جراء هبوط أسعار النفط للنصف تقريبًا منذ عام 2014 وربما ينمو اقتصادها نحو أربعة بالمئة هذا العام بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
في المقابل تواجه الرياض عجزًا في الميزانية للعام الثاني بعد عجز قياسي بلغ 98 مليار دولار العام الماضي إضافة إلى جمود اقتصادي واضطرارها لخفض رواتب موظفي الحكومة.
ضغوط أسعار النفط
والسعودية أكبر منتج للنفط داخل أوبك حيث يتجاوز إنتاجها 10.7 مليون برميل يوميًا بما يضعها على قدم المساواة مع روسيا والولايات المتحدة، وهؤلاء هم أكبر ثلاثة منتجين للخام في العالم ويستخرجون معًا ثلث النفط العالمي.
وتوقف إنتاج النفط في إيران عند 3.6 مليون برميل يوميًا في الشهور الثلاثة الماضية مقتربًا من مستوى ما قبل فرض العقوبات، لكن طهران قالت إنها تريد رفع الإنتاج لأكثر من أربعة ملايين برميل يوميًا عندما تبدأ الاستثمارات الأجنبية في حقولها النفطية.
وانخفضت إيرادات السعودية النفطية نحو النصف على مدى العامين الأخيرين وهو ما دفع الرياض إلى تسييل أصول خارجية بمليارات الدولارات شهريًا لدفع فواتير الأجور، كما خفضت المملكة دعم الوقود والكهرباء في العام الماضي.
وقال رضا أغا كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط لدى بنك الاستثمار في.تي.بي كابيتال "عاش الإيرانيون في ظل وضع بالغ الصعوبة للاقتصاد الكلي على مدى عدة سنوات... لذا فإن استمرار هبوط أسعار النفط يؤثر اجتماعيًا على السعوديين بشكل أكبر."
لكن في ظل معدل بطالة في خانة العشرات تواجه إيران مطالبات بتعظيم إيراداتها النفطية ويتعرض رئيسها حسن روحاني لضغوط من خصومه المحافظين لتسريع وتيرة التعافي الاقتصادي.
ولا تفي أسعار النفط بمتطلبات الميزانية في معظم دول أوبك، لكن محاولات التوصل لاتفاق بشأن مستوى الإنتاج تعقدت بسبب النزاع السياسي بين إيران والسعودية.
وكانت مصادر في أوبك قالت إن السعودية عرضت خفض إنتاجها من الذروة التي وصلها في الصيف عند 10.7 مليون برميل يوميًا إلى نحو 10.2 مليون برميل يوميًا إذا وافقت إيران على تثبيت مستوى الإنتاج بين 3.6 و3.7 مليون برميل يوميًا.
وزادت الرياض إنتاجها في السنوات الأخيرة للمنافسة على الحصة السوقية بينما كان الإنتاج الإيراني محدودًا بفعل العقوبات.
وكان زنغنه قال في وقت سابق إن إيران تريد سقفًا للإنتاج عند حوالي أربعة ملايين برميل يوميًا، وينخفض الإنتاج السعودي في فصل الشتاء الذي تقل فيه احتياجات المملكة من الوقود عن فصل الصيف الذي يرتفع فيه الاستهلاك بسبب الإقبال على أجهزة تكييف الهواء.
فيديو قد يعجبك: