رفع سعر توريد القصب.. يساهم في حل أزمة السكر أم يُعقدها؟ (تقرير)
كتب - مصطفى عيد:
أكدت وزارة التموين والتجارة الداخلية، أن السعر الذي ستقوم شركات السكر التابعة لها بدفعه لمزارعي قصب السكر سيكون 500 جنيه للطن، وذلك بعد أن أعلنته الحكومة ضمن حزمة قرارات اتخذتها في الرابع من نوفمبر الماضي بعد تحرير سعر صرف الجنيه وخفض الدعم على المواد البترولية.
وكان المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، أعلن أنه سيتم رفع أسعار قصب السكر تم رفع سعر الطن من 400 إلى 500 جنيهًا.
ولكن السعر بعد الزيادة لم يرضٍ المزارعين على ما يبدو، حيث يطالبون الحكومة بمضاعفة سعر توريد الموسم الماضي بعد تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود.
وقال فريد واصل نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين: "نطالب بألا يقل سعر توريد الطن عن 750 جنيه.. السعر الذي حددته الحكومة غير عادل وطالبنا بزيادته من قبل.. الأعباء زادت على الفلاح والأسعار ارتفعت".
أزمة سكر
بحسب وزير الزراعة، بلغ إنتاج مصر من سكر القصب والبنجر، خلال العام الحالي 2.2 مليون طن، بينما يبلغ إجمالى الاستهلاك من السكر نحو 3.1 مليون طن سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة في الاستهلاك قدرها حوالي 900 ألف طن من السكر يتم الاعتماد على الاستيراد لسدها.
وشهدت مصر خلال الشهور الأخيرة أزمة في توافر سلعة السكر في الأسواق بعدما امتنع مستوردون عن استيراد حصص كانوا يقومون باستيرادها سنويًا من قبل بعد ارتفاع سعر الدولار وعدم توفره، مما دفع الحكومة إلى تعويض السوق عبر ضخ الكميات للقطاعين الصناعي والتجاري إلى جانب توفير الاحتياجات التموينية.
ورغم الضخ الذي قامت به وزارة التموين متمثلة في الشركة القابضة للصناعات الغذائية - حيث اعتمدت على الاستيراد بشكل أساسي -، إلا أن أزمة نقص السلعة مازالت مستمرة، ويخضع السعر أحيانًا لأهواء التجار واحتياجات المستهلكين.
وقامت التموين خلال الفترة الماضية برفع سعر السكر عدة مرات، سواء لاحتياجات الدعم التمويني حيث وصل سعر الكيلو إلى 7 جنيهات مقابل 5 جنيهات من قبل، إلا أن الزيادة وصلت بعد عدة ارتفاعات من 5 إلى 10.5 جنيه للقطاع التجاري، وإلى 11 جنيهًا للقطاع الصناعي.
وارتفع سعر الدولار بأكثر من 100 بالمئة أمام الجنيه خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السكر العالمية مما زاد من تكلفة السلعة على الحكومة وتسبب في قراراتها برفع أسعار السكر في الأسواق.
دعم المزارع الأجنبي
ويرى مزارعون، أن الدولة تدعم المزارعين الأجانب على حساب نظرائهم المصريين من خلال استيراد السكر من الخارج رغم ارتفاع الأسعار عالميًا إلى أكثر من 500 دولار للطن.
وقال نقيب الفلاحين: "عندما يصل سعر كيلو السكر المستورد في الأسواق فالدولة تدعم هنا تدعم المزارع الأجنبي على حساب المصري".
ولفت إلى المزارعين في محافظات قنا والأقصر وأسوان يرفضون مطالبات شركات السكر بتوقيع تعهدات بتوريد المحصول بقيمة 500 جنيه للطن ولكن المزارعين ممتنعون عن التوقيع.
وتابع: "قدمنا مذكرة من قبل للجنة الزراعة بمجلس النواب ولرئيس الحكومة.. ووزارة المالية وراء عدم ارتفاع السعر وتتعلل بزيادة الإنفاق في الموازنة العامة للدولة".
وحذر من اتجاه المزارعين لزراعة محاصيل أخرى بخلاف القصب إذا لم تعدل الحكومة السعر لمستوى يتناسب مع الأوضاع المعيشية الحالية للفلاحين.
ليس كافيًا لحل الأزمة
ومن ناحيته، يرى رأفت رزيقة رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية، سعر التوريد الذي حددته الحكومة للمزارعين مناسبًا بعد الارتفاعات التي شهدتها تكاليف الزراعة.
وقال رزيقة خلال اتصال مع مصراوي: "الزيادة التي حددتها الحكومة بـ 100 جنيه في الطن سترفع تكلفة الطن المنتج بنحو ألف جنيه، فكل 10 أطنان من قصب السكر ينتجون طن سكر".
وأضاف أن رفع سعر التوريد ليس كافيًا لحل أزمة السكر مع بدء تحويل حصاد القصب والبنجر خلال الشهور المقبل إلى إنتاج في الشركات التابعة للحكومة، بسبب الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج، مطالبًا بزيادة الطاقة الإنتاجية لمصانع السكر، والتوسع في زراعة البنجر.
ونبه رزيقة إلى أن الحكومة تعتمد بشكل أساسي على محصول قصب السكر في إنتاج الشركات التابعة لها، ولكن وزارة التموين تتحكم حاليًا أيضًا في توزيع إنتاج الشركات غير التابعة لها والتي تعتمد على محصول البنجر في إنتاجها.
عودة المستوردين
وأوضح أن الإنتاج السنوي لشركة السكر والصناعات التكاملية التابعة للتموين ثابت تقريبًا وبالتالي لن يزيد رفع السعر من توريد القصب للحكومة، ويجب على الحكومة مراقبة توافر الكميات بالأسواق حتى يعود المستوردون مع توافر العملة للقيام بعمليات استيراد السلعة إذا وصل سعرها في الأسواق للمستوى الذي لا يعرضهم للخسارة.
ولفت رزيقة إلى أن هناك القليل من المستوردين الذين بدأوا للعودة لاستيراد السكر "حوالي 2 أو 3 مستوردين"، ويعرضون السكر بسعر 11.5 جنيه للكيلو.
وقال إن شركات السكر الأخرى "سكر البنجر" تبيع الطن للحكومة بحوالي 4500 جنيه للشركة القابضة للصناعات الغذائية، بينما تبيعه الشركة للقطاع التجاري بسعر 10.5 ألف جنيه، وللقطاع الصناعي 11 ألف جنيه، وتسائل: "أين يذهب هذا الفارق؟"
وأضاف أن وجود سعرين للسكر أمر غير مرغوب فيه وقد يترتب عليه عمليات فساد.
فيديو قد يعجبك: