دولة أزمة السكر تبطش بالمصانع.."مداهمات ووقف إنتاج ومحاولة احتواء واستنكار"
تقرير - إيمان منصور:
شهدت الفترة الأخيرة عددًا من الحملات الأمنية المكثفة التي قام بها مفتشو ومباحث التموين على الأسواق والمصانع لضبط محتكري السكر في ظل أزمة نقص السلعة التي يعاني منها المواطنون مؤخرًا.
وفي ظل هذه الحملات اشتكى عدد من الشركات والمصانع التي تعتمد في إنتاجها على "السكر" من تعرضها للمداهمة من قبل مباحث ومفتشي التموين، والتحفظ على مخزون السكر لديها ومصادرته، مما أدى إلى توقف بعض خطوط الانتاج الخاصة بهذه الشركات.
وأكد بعض الصناع أن هذه الإجراءات تسببت في توقف بعض خطوط الانتاج لعدد من الشركات المنتجة للصناعات الغذائية، واصفين إياها بأنها "إجراءات غير قانونية على الإطلاق"، خاصة وأن هذه الشركات قانونية وتعمل بشكل رسمي ولديها المستندات والتعاقدات التي تثبت قانونية إنتاجها، وتعطي لها الحق في امتلاك كميات السكر الخاصة بمستلزمات الإنتاج
إجراءات غير مبررة
وقال أشرف الجزايرلي رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن بعض الجهات الحكومية "وزارتي الداخلية والتموين" تقوم ببعض الإجراءات "غير القانونية وغير المبررة" تجاه العديد من الشركات والمصانع التي تستخدم سلعة السكر في إنتاجها.
وأضاف الجزايرلي خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن حملات التموين التفتيشية قامت بمصادرة كافة مخزون العديد من الشركات والمصانع من السكر الخاص بمستلزمات الإنتاج، مما أدى إلى توقف العديد من هذه المصانع.
ولفت إلى أن من هذه الشركات شركة "بيبسي كولا" والتي لم يصل إليها كمية السكر التي تعاقدت عليها، كما تمت مصادرة الكميات من مصانعها مما أدى إلى توقف بعض خطوط إنتاجها، وشركة إيديتا للصناعات الغذائية والتي أوقفت خطوط إنتاج مصنعها ببني سويف، وشركة مونوجيني، وشركة صولو للصناعات الغذائية.
ونوه إلى أن مداهمة هذه الشركات تتم بسرعة شديدة، ويتم سحب كافة كميات السكر الموجودة الخاصة بالإنتاج، دون معرفة أسباب.
وأشار الجزايرلي إلى أن هذه الحملات تقوم أيضًا بتوقيف السيارات المحملة بمستلزمات إنتاج الشركات من السكر بالشوارع وتقوم بمصادرتها وضبطها وكأنها سلع مخالفة، منبهًا إلى أن كافة هذه الشركات لديها الفواتير والتعاقدات مع الشركة القابضة للصناعات الغذائية، وشركة النيل للسكر، الخاصة بهذه الكميات المضبوطة.
وأوضح أن مثل هذه الإجراءات تمثل خطورة كبيرة على قطاع الصناعة بعد توقف خطوط إنتاجها والتي سيتبعها ارتفاع في الأسعار وتشريد آلاف العمالة إذا استمرت هذه الحملات، موضحًا أن هذه الحملات شملت أيضًا مصانع الحلويات والألبان وكافة القطاعات التي تستخدم السكر في مستلزمات إنتاجها.
وأكد أنه تم الاتصال بالجهات المسؤولة لإيقاف هذه الأزمة، مشيرًا إلى أن الجهات المسؤولة أبدت تفهمها لمخاطر هذه الإجراءات وتأييدها لدعم الاستثمار وتوفير مستلزمات الإنتاج الخاصة بالقطاعات.
استنكار
ومن ناحيته، استنكر اتحاد الصناعات المصرية، اليوم، "بشدة" ما وصفه بالإجراءات التعسفية والاستثنائية التي تعرض لها عدد كبير من المصانع المعتمدة في القطاع الرسمي.
وأوضح خلال بيان، أن هذه الإجراءات تحدث بالرغم من تقديم تلك المصانع للفواتير الدالة على مصدر هذه السلعة التي تتوافق مع احتياجات الإنتاج، وقدرة هذه المصانع على إنتاج هذه السلع بالأسعار المناسبة للسوق المصري.
وشدد اتحاد الصناعات على أن استنكاره لهذه الإجراءات يأتي حرصًا منه على توفير المنتجات للمستهلك المصري بالأسعار المناسبة، مع العلم بأن هذا خط لا ينبغي تجاوزه في حالة الرغبة في استقرار السوق وتشجيع الاستثمار المصري والأجنبي، والذي تعد مصر في أشد الحاجة إليه في ظل الظروف التي تمر بها البلاد.
الصناعة تسعى لاحتواء الأزمة
ومن جانبه، قال مصدر مسؤول بوزارة الصناعة والتجارة، إن الوزارة تسعى حاليًا لاحتواء هذه الأزمة الخاصة بالحملات على المصانع وضبط كميات السكر الخاصة بها لعدم تأثيرها على العملية الإنتاجية للمصانع.
وأضاف المصدر - الذي طلب عدم ذكر اسمه - لمصراوي، أن الوزارة بدأت المشاورات مع الأجهزة المعنية للعمل على تقليل هذه الإجراءات خاصة أن هذه الكميات خاصة بالإنتاج ولها أوراق رسمية، ولا يصح حدوث أي مداهمات لضبطها.
السكر للصناعة
ومن جانبه، أكد المهندس هاني برزي رئيس شركة إيديتا للصناعات الغذائية، أن حملة من التموين والشرطة قامت بمداهمة مصنع الشركة ببني سويف، وتكررت هذه الحملة مرتين خلال يومي الخميس والسبت الماضي، وقامت الحملة بالهجوم على المصنع بتهمة تخزين السكر.
وأضاف برزي خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "هنا العاصمة" على فضائية "سي بي سي" أمس الأحد، أنه من الطبيعي تخزين السكر لدينا للصناعة وليس للتجارة، حيث أن إنتاجنا السنوي يبلغ نحو 140 ألف طن، وطاقتنا الإنتاجية معترف بيها من هيئة التنمية الصناعية.
ولفت إلى أن احتياج المصنع من السكر يبلغ 34 ألف طن سنويًا وهذه الكمية ثابتة على مدار السنوات مع زيادة إنتاجية الشركة.
وأكد أن ما تم ضبطه في المصنع يبلع نحو 2000 طن سكر فقط تكفي لاستهلاك 3 أسابيع، فما الجريمة في ذلك خاصة أن هذه الكميات موردة من إحدى الشركات الخاصة وطبقًا لعقود تم توقيعها منذ مارس الماضي ،وهذه العقود مستمرة منذ سنوات عندما كان لا توجد أزمة في السكر.
وكانت شركة إيديتا للصناعات الغذائية، أعلنت في بيان أرسلته لإدارة البورصة المصرية اليوم، توقيف خطوط الإنتاج بمصنع إيديتا لصناعة الحلويات التابعة لها ببني سويف، بعد أن قامت إحدى الحملات التي تقوم بها الجهات الحكومية بشأن مخزون السكر في مصر، بالتحفظ على مخزون المصنع وذلك بموقع الشركة ذاته.
وأضافت أنه نتج عن ذلك عدم توافر السكر اللازم لمزاولة العملية الإنتاجية وبالتالي تم توقيف خطوط الإنتاج بالمصنع منذ 3 أيام وذلك بشكل مؤقت لحين الإفراج عن مخزون السكر بما يسمح بمزاولة الإنتاج، لافتة إلى أنها الآن بصدد استيضاح الموقف لدى الجهات الحكومية.
أمر طبيعي
وفي سياق متصل، استنكر رأفت رزيقة رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية، المداهمات التي تقوم بها بعض الجهات الحكومية لضبط كميات السكر الخاصة بإنتاج المصانع والشركات، لافتًا إلى أنه من الطبيعي أن يكون لدى هذه الشركات مخزون من السكر، فما هو الجديد في ذلك؟
وأضاف رزيقة خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن هذه الحملات غير قانونية خاصة أن هذه الشركات لديها مستندات سليمة، وهذه أخطاء إدارية ولابد من تصحيحها حتى تستطيع تلك الشركات استئناف عملها، موضحًا أن توقف هذه الشركات سيتسبب في وقوع أضرار كبيرة على الصناعة وعلى العمال الذين سيتم تشريدهم بعد وقف الإنتاج.
لا مصادرة
ومن ناحية أخرى، نفى اللواء حسني زكي رئيس الإدارة العامة لمباحث التموين، ما تردد عن مصادرة أي حملات تموينية لكميات السكر لدى الشركات والمصانع العاملة في مجال الصناعات الغذائية بتهمة تخزين هذه الكميات.
وأضاف زكي خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن الحملات التي تقوم بها أجهزة الرقابة التموينية تمر على كافة المنشآت التجارية، للتأكد من صحة المنتجات ومستلزمات الإنتاج ومعرفة مصادرها.
ولفت إلى أنه لم يتم مصادرة أي كميات سكر من الشركات والمصانع كما يشاع، خاصة أن هذه الإجراءات تحدث إذا وجدت مخالفات فقط ويتم عرضها على النيابة أولاً، ولم يحدث أي شئ من هذا خلال الأيام الماضية، فالسكر الخاص بهذه الشركات موجود لديها وتستطيع استخدامه.
فيديو قد يعجبك: