اقتصاديون: القرارات الجديدة للحكومة تمس الفقراء وتهدد بغضب شعبي
كتبت – هبه محسن:
أثارت القرارات الاقتصادية الأخيرة بشأن تحريك بعض الاسعار في السوق والتي أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها اتخاذها قبل انتخابات الرئاسة حالة من الجدل في الشارع المصري.
فالبعض يرى أن هذه القرارات حتمية من أجل تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة والذي بلغ حدود ''خطرة''، وعلى الجانب الأخر هناك من يعارضون هذه القرارات ويرون أن تكلفتها السياسية ستكون مرتفعة جداً، خاصة في ظل تراجع الوضع الاقتصادي للبلاد والذي أثر سلباً على قدرة الاقتصادية للمواطنين من محدودي الدخل والفقراء.
ترشيد الدعم
قام الدكتور خالد حنفي وزير التموين بتحديد حصة للمواطن المصري في رغيف الخبز، قدرت بـ150 رغيف شهرياً بواقع 5 أرغفة شهرياً، في إطار سعيه لإصلاح منظومة الخبز وترشيد الدعم المخصص لها والقضاء على الهدر فيها.
وبدأ الوزير في تطبيق المنظومة الجديدة في محافظة بورسعيد على أن تطبق في باقي محافظات القناة قريباً ومنها تنتقل إلى بعض المناطق في القاهرة الكبرى.
وفي نفس الإطار أعلن الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط والتعاون الدولي عزم الحكومة رفع أسعار الكهرباء لأغنى 20 في المئة من المواطنين قبل انتخابات الرئاسة المقبلة.
وأضاف ''العربي'' أن قرار رفع أسعار البنزين سيتخذ هو الأخر في وقت قريب، وهذا في إطار إصلاح منظومة الدعم والاتجاه لخفضه تدرجياً.
وأكد الوزير في تصريحاته أن الدولة لابد ان تبدأ في إصلاحات اقتصادية عاجلة ولم يعد أمامها الكثير من الوقت لتضيعه، وأن ما سيتم توفيره من الدعم سيتم تخصيصه لصالح البرامج الاجتماعية والفقراء.
وقد جاءت تصريحات وزير التعاون الدولي على هامش اجتماعاته بمسئولي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، وهو الأمر الذي أثار حفيظة كثيرين واعتبروا أن الحكومة اتخذت هذه الإجراءات تحت ضغط من صندوق النقد الدولي.
قرارات متأخرة
بداية، ترى الدكتورة نوال التطاوي وزير الاقتصاد الأسبق، أن هذه القرارات جاءت ''متأخرة''، مؤكدةً أنه كان يتعين على الحكومات السابقة اتخاذ هذه القرارات في وقت سابق لتلافي الأضرار الاقتصادية التي شهدتها البلاد مؤخراً جراء ارتفاع فاتورة الدعم بشكل غير مسبوق.
وأكدت ''التطاوي'' في حديثها لمصراوي أن تأجيل اتخاذ هذه القرارات إلى ما بعد انتخابات الرئاسة ليست فكرة جيدة لأن التأجيل سيعقد المشكلة، خاصة وأن الاقتصاد المصري في وضع ''صعب'' وبحاجة لإجراءات إصلاحية عاجلة.
وأضافت أن الإصلاح الاقتصادي أمر مهم ولكنه مشروط بمراعاة البعد الاجتماعي وعدم المساس بمحدودي الدخل والفقراء، وهذا ما تسعى الحكومة لتحقيقه من خلال تطبيق هذه القرارات على الشرائح الاقتصادية الأعلى.
وعن ما يتعلق بتحديد حصص المواطنين من الخبز، فقد أوضحت وزير الاقتصاد الأسبق أنه لا يجب المساس بدعم الخبز مطلقاً، والمنظومة الجديدة مازالت في طور التجربة وقد يتم العدول عنها في أي وقت إذا لم تثبت جدواها.
ضغوط صندوق النقد
واعتبر محمود العسقلاني منسق حركة مواطنون ضد الغلاء، أن القرارات الأخيرة برفع الأسعار في إطار خطة تخفيض الدعم اتخذت تحت ضغوط من صندوق النقد الدولي، معللاً ذلك بأن الحديث عن رفع أسعار الكهرباء والبنزين جاءت على هامش اجتماعات وزير التعاون الدولي بمسئولي صندوق النقد.
وأضاف في تصريحاته لمصراوي أن هذه الحكومة لديها مشكلة كبيرة تكمن في أن عقول وزرائها أمريكية فهم يفكرون ويتخذون قراراتهم بطريقة أمريكية وهم يستجيبون للضغوط الأمريكية بصرف النظر عن مدى ملائمة هذا للواقع المصري، كما أن بعض هؤلاء الوزراء جاءوا في مناصبهم لخدمة مصالح الأغنياء وعلى رأسهم وزيري الصناعة والتموين.
وانتقد ''العسقلاني'' منظومة الخبز الجديدة حيث يرى أن مسألة تحديد حصة المواطن من الخبز شهرياً أمر جديد على المجتمع المصري كما أن هذه المنظومة نزلت قللت وزن رغيف الخبز من 130 جرام إلى 90 جرام وهو أمر غير مفهوم.
وتابع ''لا أمانع مطلقاً في إعادة هيكلة منظومة الدعم بما يضمن وصول الدعم لمستحقيه ولكن ما يحدث الآن سيرهق الفقراء ومحدودي الدخل وسيزيد من أعبائهم الاقتصادية، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد''.
وأعرب منسق حركة مواطنون ضد الغلاء عن قلقه من تأثير هذه القرارات على المواطنين؛ حيث أكد أن صمت المواطنين على قرارات الحكومة ''مؤقت'' ولا داعي لاستفزازهم أكثر من ذلك.
ومن جانبه، يرى الدكتور حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات الأسبق، أن الحكومة اتخذت هذه القرارات بعد طلب صندوق النقد الدولي بتخفيض عجز الموازنة.
وأكد في تصريحاته لمصراوي إلى أن صندوق النقد الدولي طالب مصر بتخفيض الدعم على الطاقة بصورة عامة ورفع أسعار السلع من خلال ضريبة القيمة المضافة التي ستعمل على رفع الأسعار.
وأردف قائلاً: ''قرار تحديد حصة المواطن من رغيف الخبز يأتي في نفس الإطار لتخفيض الدعم على الخبز، وللأسف هذه القرارات سيدفع ثمنها المواطنين من الفقراء ومحدودي الدخل''.
وعن توقيت اتخاذ القرار، أوضح الدكتور حمدي عبد العظيم أن الحكومة كانت مجبرة على اتخاذ هذه القرارات قبل البدء في تحضير موازنة العام المالي الجديد الذي سيبدأ من يوليو المقبل، ولذلك لم يكن بمقدورها إرجاء اتخاذ القرارات إلى ما بعد انتخابات الرئاسة.
خسارة للحكومة
أما عن التأثير السياسي لهذه القرارات فتحدث عنه أبو العز الحريري البرلماني السابق، والذي وصف هذه القرارات بأنها قرارات ''خاطئة'' وستؤدي في النهاية إلى ذهاب الدعم للأغنياء على حساب الفقراء.
وأضاف لمصراوي أن الحكومة كان بإمكانها اتخاذ إجراءات أخرى لتخفيض العجز في الموازنة وزيادة مواردها دون تحريك الأسعار أو المساس بالفقراء ومحدودي الدخل، ومنها تعديل أسعار تصدير الغاز للخارج، وإضافة 97 مليار جنيه من أموال الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة.
ولفت ''الحريري'' إلى أن الحكومة تدعم الصناعات كثيفة استخدام الطاقة بحوالي 70 مليار جنيه وقود وطاقة و15 مليار جنيه مواد خام، وهذه الأموال إذا تم ترشيدها فسيكون هناك فائضاً في الموازنة وليس عجزاً، ولكن الحكومة فضلت أن تأتي على حقوق فقراءها لصالح الأغنياء.
وأكد أن هذه القرارات ستؤدي إلى زيادة حدة الغضب لدى المواطنين، وستخسر الحكومة كثيراً من تأييد الشارع لها.
يذكر أن الدكتور أشرف العربي وزير التعاون الدولي أكد أن أسعار الكهرباء سيتم رفعها على الشرائح العليا بداية من مايو المقبل، ولم يذكر أي تفاصيل فيما يتعلق برفع أسعار البنزين الذي من المتوقع أن يطبق هو الأخر من مايو المقبل.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: