هل تتمكن حكومة الببلاوي من فرض حد أدنى للأجور على القطاع الخاص؟
تقرير أحمد عمار:
أظهر تقرير للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عن مصر والتحكيم الدولي، أن إحدى الشركات الفرنسية متعددة الجنسيات، أقامت دعوى دولية ضد مصر، وأنه من بين ادعاءاتها العديدة، أن تطبيق الحد الأدنى للأجور في مصر سيضر باستثماراتها، وأنه سيمثل خرقاً لتعهدات مصر في اتفاقيتها الثنائية مع فرنسا.
وتثير الدعوى تساؤلات بشأن مدى إمكانية الحكومة فرض الحد الأدنى على القطاع الخاص، والذي من المنتظر أن يتم تطبيقه على القطاع العام شهر يناير المقبل، وهلى تتيح الاتفاقيات الثنائية مع الدول الأجنبية، لمصر إجبار الشركات على تحديد حد أدنى، خصوصاً أن الجزء الأكبر من الأيدي العاملة في القطاع الخاص.
وبحسب تقرير المركز المصري للحقوق الاقتصادية ''بحكم اتفاقيات مصر الثنائية والتي تفوق 100 اتفاقية، يجب على مصر أن تستأذن من أي مستثمر أجنبي ينتمي للدول التي تربطها بمصر اتفاقيات استثمار قبل أن تعدل أي تشريع أو تطور من سياستها المحلية''.
وقال المركز، في تقريره، ''إن مصر تأتي في المركز الثالث عالمياً، من ضمن أكثر الدول المقام ضدها دعاوى قضائية في المحاكم الدولية للاستثمار، وأنه يوجد على الأقل 10 دعاوي قضائية ضد مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، مما يضع مصر من ضمن أول 4 دول مقام ضدها دعاوي قضائية، منذ 2011 حتى 2013''.
وأوضح أن من بين الدعاوى الهامة بعد 25 يناير ضد مصر، هي دعوة شركة فيوليا الفرنسية متعددة الجنسيات، حيث أن من بين ادعاءاتها العديدة، أن تطبيق الحد الأدنى للأجور في مصر سيضر باستثماراتها، وأنه سيمثل خرقاً لتعهدات مصر في اتفاقيتها الثنائية مع فرنسا.
مخاوف القطاع الخاص
من جانبه، استبعد محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، أن تكون مصر قد وقعت على أي وثيقة تمنعها من رفع الأجور، فهي سلطة سيادية للدولة، لها الحق في تحديد حد أدنى، ولكن بالتوافق مع منظمات الأعمال والمجتمع المدني، قائلاً ''لا توجد مخالفة في تحديد الحد الأدنى، فلا يوجد دولة في العالم توقع على أي شئ يحدد حد أقصى للعامل".
وتابع: "ولكن من الممكن أن ما تعنيه الشركة الفرنسية في دعوتها، شئ آخر، فهناك استثمارات تقوم في بعض المناطق في مصر اعلى أساس انخفاض أجر العامل، وهو من الأشياء الأساسية التي تعتمد عليه الشركة في حساب تكلفة الإنتاج، بالإضافة إلى أن تطبيق الحد الأدنى قد يتسبب في تسريح عمال، دون البحث عن إعادة صياغة العقود ورفع سعر المنتج بالتوزاي مع رفع الأجر، وتوفير عامل متدرب والبحث في تنشيط الاقتصاد''
وأضاف عضو اتحاد الصناعات، خلال اتصال هاتفي بمصراوي، إنه ليس من مصلحة العمال أن يكون هناك حد أدنى واحد لكل القطاعات والفئات، فهناك استثمارات قائمة على أساس انخفاض سعر العمالة في بعض الاماكن مثلاً، كالصعيد، والذي تتميز بطبيعة خاصة، وتعتبر كلفة الحياة هناك أقل من القاهرة، وقد يرتضي براتب الـ700 جنيه، فمع إقرر الحد الأدنى الـ1200 جنيه على القطاع الخاص قد تتجه بعض الشركات إلى توفير عمالة مما يؤدي إلى زيادة معدل البطالة، لأن بعض الشركات أقامت استثماراتها بناءً على انخفاض أجر العامل، وهي لن تستطيع أن تتخمل رسم تأمينات لكل عامل 500 جنيه في حال رفع الحد الأدنى.
وشدد على ضرورة ربط الأجر بالعمل، قائلاً'' ليس من المعقول أن يتقاضى العامل 1200 جنيه وهو غير مؤهل، ولذلك لابد من أن يكون مدرب، فالعامل المنتج في الغالب الحد الأدنى له ضعف ماأعلنته الحكومة بعد فترة التدريب بـ6 أشهر''.
عوامل مؤثرة
وطالب ''البهي'' من الحكومة في حال رغبتها بتطبيق الحد الأدنى على القطاع الخاص، أن تدرس كل شريحة داخله على حده، فالصناعي أو السياحي أو الملابس، كل منهما له ظروفه الخاصة ويختلف عن الآخر، ولذلك من الصعب تطبيق عليه قانون واحد، مؤكداً على أن أقل عمال في القطاع الصناعي الخاص، إجمالي ما يتقاضه ضعف ما حددته الحكومة من الحد الأدنى، ولذلك هو ليس لديه مشكلة في ذلك، ولكن تظهر مشكلة الحد الأدنى لدى القطاع السياحي والخدمات، لأن المكون الأساسي من الاكراميات غير الدخل الاساسي، فهنا تظهر مشكلة حساب الاجر، إلى جانب مشكلة عائد العامل من مكافآته عن العمل كالمطاعم مثلاً والتي تقدر أحياناً بـ300 أو 400 جنيه، ولذلك من الصعب أن تساوي مرتب العامل في المنشأة.
كما دعا الحكومة في رغبتها تطبيق الحد الأدنى على شركات القطاع الخاص، أن توفر عامل متدرب، لزياده أجره، فعندما يكون هناك مراكز تدريب، عندها للدولة أن تتكلم عن حد أدنى، وهذا ما يحدث في الدول الآخذة في النمو، مثل ماليزيا والبرازيل.
واعتبر عضو اتحاد الصناعات أن الحد الأدنى الذي فرضته الحكومة على موظفي الجهاز الاداري متواضع، نظراً لمعدلات التضخم، فالأسعار آخذه في الارتفاع منذ عقود، دون النظر إلى رواتب الموظفين.
واستبعد البهي أن تستطيع الحكومة تطبيق الحد الأدنى على الجهاز الاداري كما وعدت أوائل العام، قائلاً''إن كل 100 جنيه زيادة للعامل الواحد يكلف الدولة 8 مليار جنيه، فلا يعقل يتم رفع الحد الأدنى مرة واحدة إلى 1200 جنيه، بالإضافة إلى أن الحكومة لم تحدد الحد الأدنى لكل وظيفة على حدة فهل من المعقول أن يتساوى المهندس أو الطبيب مع العامل العادي أو الفراش؟، فهذا لن يحقق العدالة، ولذلك من المتوقع أن يرفع مجموعة من الموظفين قضايا على الدولة بسبب ذلك وبالأخص من قضى عشرات السنين داخل الجهاز الإداري، في الوقت التي لاتستطيع الدولة تغطية الموارد''.
وكانت الحكومة أعلنت أنها بدأت في اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتطبيق زيادة الحد الأدنى للأجور، حيث تعد المالية منشور عام بهذه القواعد تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء، بزيادة قيمة الحد الأدنى إلى 1200 جنيه، بداية من يناير المقبل.
وكان الدكتور أحمد جلال وزير المالية، إن المبادئ الأساسية، بمنح علاوة الحد الأدنى، هى أن الأجر الشامل هو الأساس في حساب تكاليف الحد الأدنى، بحيث يشمل الراتب الأساسي والمكافآت والبدلات والمزايا النقدية، وحصة الحكومة في المزايا التأمينية للموظف، مع استبعاد مكافآت جذب العمالة وبدلات التفرغ ورواتب الإقامة في المناطق النائية، وبدلات وظروف المخاطر الوظيفية وقيمة أية مزايا عينية يحصل عليها العاملون بالجهات العامة المختلفة، حيث لن يتم إدخالها في حساب قيمة علاوة الحد الأدنى.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: