3 كوارث اقتصادية لحكومتي المجلس العسكري
كتب - محمد سليمان:
دائما ما يواجه المجلس العسكري اتهامات سياسية تختص بالقرارات والأفعال التي يتخذها خلال إدارته لشئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت تنحي الرئيس السابق حسني مبارك وحتي الانتخابات الرئاسية المقررة فى مايو المقبل.
ولكن.. الواقع يظهر أن أخطاء العسكري وحكومتيه (شرف والجنزوري) قد شملت الجانب الاقتصادي، حيث ارتكبت عدد من الكوارث الاقتصادية، التي ساهمت فى تعميق الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد المصري عقب سقوط نظام الرئيس السابق.
ومع حصول قرار الشركة المصرية المصدرة للغاز لإسرائيل، إلغاء العقد، على تأييد أغلب المصريين، الإ أن الحيادية تستدعي توضيح الأخطاء الاقتصادية الفادحة التي قام بها بها المجلس العسكري عن طريق حكومتيه المتعاقبتين.
فبعيدا عن الازمات التي لا دخل للمجلس العسكري وحكومتيه بها، مثل هروب الاستثمارات الأجنبية وانخفاض السياحة - رغم مسئوليتهم الضمنية بسبب غياب الأمن والتطمينات التي لم تقدم للمستثمرين الاجانب - الإ ان هناك عدد من الأفعال والقرارات التي أثرت بالسلب على الوضع الاقتصادي.
القروض والديون
كانت الكارثة الاقتصادية الأولي للمجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية، هي الاتجاه الواضح نحو الاقتراض سواء الداخلي أو الخارجي، بعد أن بدأ فترة حكمه بالرفض التام للقروض الخارجية.
فبعد أن رفض المجلس العسكري الموافقة على الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي فى أغسطس الماضي، عاد ووافق عقب تولي الدكتور كمال الجنزوري رئاسة الوزراء، على الدخول فى مفاوضات مع الصندوق للحصول على 3,2 مليار دولار ككقرض بفائدة 1,2%.
كما توسعت وزارة المالية خلال العام الماضي فى إصدار أذون خزانة (سندات قصيرة الأجل)، لتصبح بشكل شبه يومي، بشكل زاد من الديون الداخلية لتقترب من تجاوز 100% من الناتج القومي الاجمالي.
والواقع أن الديون الخارجية المصرية وصلت إلى 36 مليار جنيه، بينما تجاوز الدين الداخلي التريليون جنيه للمرة الأولي فى تاريخ مصر، حيث بلغ 1,13 تريليون جنيه، مع وجود مؤشرات بإن الديون المصرية تزيد بمعدل 13% سنويا.
ورغم أن اللجوء إلى القروض والاستدانة سواء داخليا أو خارجيا هو أمر مبرر لدي الكثيرين، بسبب العجز الواضح فى الايرادات والانهيار الملحوظ فى الاحتياطي النقدي، الإ أن الأزمة تتمثل فى تأثير الديون المستقبلية على الاقتصاد المصري.
فالاستدانة الخارجية، رغم انخفاض نسبة الفائدة عليها ( ما بين 1: 3%)، الإ أنها تمثل خطرا يتعلق بفرض برامج اقتصادية بعينها على مصر، ناهيك عن أن الفشل فى تسديد الفوائد أو القرض يعرض مصر لتخفيض تصتيفها الائتماني وبالتالي إلى مزيد من الضغوط على العملة المحلية والاستثمارات الوافدة.
إما القروض الداخلية، فخطرها يتمثل فى الفوائد المرتفعة للغاية (تصل إلى 17% فى بعض الحالات)، إضافة إلى أنها تسحب السيولة من البنوك التي من المفترض أن تتوجه إلى مشروعات استثمارية أو تنموية.
البديل؟.. قد تكون القروض أسهل الحلول على المدي القصير لعلاج أزمات الاقتصاد المصري، الإ أنها على المدي الطويل - وحتي القصير بعد أن تجاوز الدين الداخلي التريليون جنيه - قد تدفع البلاد إلى خطر الافلاس التام، وهو ما يفتح الباب لضرورة تخفيض الانفاق العام بشكل تقشفي صارم ومحاولة ايجاد مصادر تمويلية أخري وإنعاش المصادر المعروفة ( سياحة - قناة السويس - بترول - صادرات - تحويلات مصريين بالخارج).
سيولة البنوك
تمثلت الأزمة الاقتصادية الثانية، فى أثر الاتجاه الحكومي - الذي من المؤكد أنه بناءا على موافقة من المجلس العسكري الحاكم للبلاد - للاقتراض الداخلي من خلال إصدار أذون خزانة بشكل شبه يومي، وبنحو يسحب السيولة من البنوك العاملة بالسوق.
فقد أوضحت عدة تقارير شهرية للمركزي المصري، أن نسبة السيولة للودائع بلغت نحو 50%، وهو ما يمثل أزمة حقيقة عكس ما قد يروجه البعض بأن هذه النسبة تعد جيدة من المعايير المصرفية.
وتوضح نسبة السيولة بالبنوك للودائع التي تلقتها، أنه بعد استبعاد الاحتياطي الذي يلزم القانون بتجنيبه، واستبعاد الحصة التي يجب وضعها لدي البنك المركزي الضامن للودائع، أن معظم سيولة البنوك توجه إلى سد عجز الحكومة عن طريق شراء أذون الخزانة والسندات.
وتؤثر جفاف السيولة المصرفية، على الدخول فى مشروعات استثمارية، أو المساهمة فى التنمية فى المجتمع، مع توضيح مصادر مصرفية أن البنوك أصبحت تتحفظ بشكل كبير عن تقديم قروض وتسهيلات بنكية، عدا قطاع التجزئة المصرفية.
التضخم وطبع متزايد للعملة
شهت الفترة التي تلت تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، طبع البنك المركزي لأوراق نقدية بشكل غير مسبوق، ما رفع من درجة التضخم فى مصر، وخفض من قيمة الجنيه وبالتالي مدخرات المصريين.
فمفهوم التضخم فى علم الاقتصاد يعني الارتفاع فى متوسط الأسعار السائدة بالسوق، أو بعبارة أخري ( أموال كثيرة تطارد سلع وخدمات أقل)، فزيادة أوراق النقد، مع عدم وجود تغطية تماثلها من السلع والخدمات والنمو الاقتصادي بالمجتمع، يرفع من المستوي العام للأسعار بشكل كبير، ويخفض من قيمة العملة.
فطبقا لدراسة حديثة للخبير المصرفي أحمد آدم ، ''فأن المركزي كان يطبع خلال عامي 2003 - 2004، نحو 59,7 مليار جنيه، ليقوم بزيادة طباعة الأوراق النقدية بعد ثورة 25 يناير، ففي شهر فبراير فقط تم طبع 22 مليار جنيه ويستمر النقد المصدر والمطبوع في الزيادة وبشكل كثيف حتى بلغ بنهاية ديسمبر الماضي 190,1 مليار جنيه، بينما بلغ في يناير 2011 نحو 156.2 مليار جنيه (26 مليار دولار) أي أن طباعة البنك المركزي لأوراق نقد ومن دون غطاء قد زادت معها النقدية المصدرة والمتداولة خلال عام 2011 (عام الثورة) وبمقدار 34 مليار جنيه ''.
ويري '' أدم''، أن هذا أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع شكلت ضغطا على كافة المواطنين بصفة عامة وعلى المواطن البسيط بصفة خاصة، ووفقا لدراسة آدم فزيادة طباعة النقود أدت إلى ضياع الاستفادة من الفوائض المالية التي كانت موجودة بالبنوك المصرية وحتى نهاية عام 2008 في تمويل عجز الموازنة، وبالتالي فأي طلب على تمويل يقابل بطبع نقدية من قبل البنك المركزي.
اقرأ ايضا:
''بايونيرز'' يرتفع 21% فى 3 جلسات.. و''أوراسكوم للاتصالات'' الأكثر تداولا
فيديو قد يعجبك: