حكم نهائي بحظر استخدام المساجد لأهداف سياسية وحق الدولة في الإشراف عليها
كتب- محمود الشوربجي:
بشهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا، بعدم حصول طعن على الحكم التاريخي الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بتأييد قرار وزير الأوقاف بضم 42 مسجداً بمختلف مراكز وقرى محافظة البحيرة إلى وزارة الأوقاف.
ورفض إلزام وزير الأوقاف بقبول تعيين العمالة للمساجد المرشحين من المتبرعين ببناء المساجد بحسبان أنه بإقامة الصلاة يخرج المسجد من ملكية بانيه إلى ملكية رب العباد وتشرف عليه الدولة بأساليب إدارتها وأدواتها القانونية، وأصبح هذا الحكم نهائياً وباتاً .
قالت المحكمة برئاسة الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، أن الدولة إدراكا منها لرسالتها في دعم التوجيه الديني في البلاد على وجه محكم، وتأكيداً لمسئولياتها في التعليم والإرشاد وما يتطلبه ذلك من وضع مبادئ عامة لجميع المساجد في المدن والقرى تستهدف نقاء المادة العلمية وسلامة الوجهة التي يعمل بها الخطباء والمدرسون، بما يحفظ للتوجيه الديني أثره ، ويبقى للمساجد الثقة في رسالتها، وقد لوحظ أن عدداً كبيراً من المساجد لا يخضع لإشراف وزارة الأوقاف وهذه المساجد يسيطر عليها أدعياء الدين الذين لا يحملون مؤهلاً أزهرياً متخصصاً في العلوم الشرعية، فصار نهجهم الديني ليس نابعاً من دراسة شرعية بل من بواعث شخصية وأفكار متطرفة نبتت في بيئة بعيدة عن صحيح الدين وهو ما أدى إلى انعدام تحمل مسئولية التعليم والإرشاد من المتخصصين في علوم الدين، بما ينقص من قيمة التوجيه الديني ويضعف الثقة برسالة المساجد , ويفسح الطريق لشتى البدع والخرافات التي تمس كيان الوطن واستقراره , خاصة وأن ما يقال فوق منابر المساجد إنما يقال باسم الله، لذلك توجب وضع نظام لإشراف الدولة على هذه المساجد بحيث يكفل تحقيق الأغراض العليا من التعليم الديني العام وتوجيه النشء وحمايتهم من كل تفكير دخيل أو جهلي. فعهد المشرع مسئوليتها لوزارة الأوقاف بما تقوم عليه بحكم التأهيل من الفكر الوسطى المستنير وحماية الدعوة الإسلامية الصحيحة بالتعاون مع الأزهر الشريف في مجال رسالته العالمية للتبصير بشئون الدعوة الصحيحة .
وذكرت المحكمة أن المشرع قد عهد إلى وزارة الأوقاف مهمة إدارة المساجد والاشراف عليها بعد تسليمها وضمها إليها وذلك ضماناً لقيام هذه المساجد برسالتها في نشر الدعوة الإسلامية على خير وجه، وبهذه المثابة فإن ضم جميع المساجد لوزارة الأوقاف وإشرافها عليها، يعد احتراما لقدسية المنبر، وتطهيراً لأفكار الدعاة، وصوناً لجوهر الدعوة، باعتبار أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وقد ألزم الدستور المشرع بالرجوع لمبادئ الشريعة الإسلامية لجلالها وعظمتها وخلودها.
وأوضحت المحكمة أنه قد مرت على مصر فترات عصيبة لظاهرة استغلال المساجد من جماعات الإسلام السياسي، حيث كانت المساجد المكان الذي يروج فيه عناصر الجماعات المتطرفة أفكارهم وترويجها، خصوصًا بين الشباب والأميين والفقراء وهم غير مؤهلين للعلوم الشرعية وتلقوا أفكارهم من كتب تحرض ضد الأوطان تحت ستار الدين ، وشهدت المساجد على أيدى تلك الجماعات، مكانًا خصبًا لتربية وتنشئة أجيال جديدة تحمل أسفاراً للأفكار المتطرفة، بحسبان رواد المساجد من الشباب يزرعون في نفوسهم أنهم على عاتقهم حمل مبادئ الالتزام الديني، وهى في الحقيقة خلطا متعمداً بين المفاهيم السياسية والتعاليم الدينية.
فيديو قد يعجبك: