لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"أمال إحنا دفنا جثة مين!" ..القصة الكاملة لـ"ميت" حلوان الذي حضر عزاؤه (فيديو وصور)

09:45 م الخميس 09 مايو 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب ـ محمد الصاوي:

تصوير - أحمد حسين:

مساء الإثنين الماضي فوجئ أهالي شارع محمد السراج بمنطقة عرب غنيم بتاكسي يشق الشارع مسرعا لا يأبه بالمارة والأطفال التي تلهو به، بناء على تعليمات مستقل التاكسي "أجري بسرعة يا أسطى.. مش عايز حد يشوفني"، كان ذلك في الوقت الذي ينتهي فيه الأهل من جنازة الشيف "محمد" وتوديع المواسين والأقارب، إلا أن صوت زغاريد قادم من منزل المتوفى وضكات متعالية قطعت الدموع والعويل، وجعل المارة والمعزيين يهرولون للبيت في محاولة لفهم ماذا يحدث!.. وكانت المفاجأة "الشيف محمد يقف في مدخل البيت بشحمه ودمه في اليوم الأخير من جنازته".

"مقدرتش أستوعب اللي بيحصل .. لوهلة فكرته شيطان ومقدرتش أقرب منه أو ألمسه" يصف محمد رضا نجل عم الشيف محمد مشهد رؤيته لـ"المرحوم" بحسب وصفه، من الصعب أن تدفن شخص بإيديك ثم تراه واقفا أمامك بعدها بأيام "ده جنون.. مفيش أي جهاز عصبي يقدر تحمله"، ظلت الأسئلة تراود "رضا" لمدة 3 ساعات حتى أستوعب الموضوع.

كان الشيف محمد يقف في مطبخ أحد مطاعم الأسكندرية -التي هرب إليها بعدما ضاق بأهل القاهرة وزبائنها ذرعا وبحثا عن عمل جديد- إلى أن جاءه صاحب المطعم "ألحق يا محمد.. أهلك ناشرين صورتك وكاتبين إنك ميت"، للحظات توقع الشيف ان يكون هذا مزاحا ثقيلًا من صاحبه، قبل أن تقع عينيه على المنشور المصحوب بصورته، لُيفجع بما يراه ويقفز في أول أتوبيس عائدًا إلى منزل أهله تاركا ماله وأغراضه.

"أنا حي"

أستقل محمد تاكسي إلى المنزل رغم أن الترجل خيرًا له لضيق الشارع الذي يقطن به -الذي بالكاد يسع المارة، لكنه كان مجبرًا بالسير على الأقدام هذه المرة خوفا على أهله وجيرانه، "مش من الطبيعي وهما بيخصلوا العزاء يلاقوا المرحوم داخل عليهم بنفسه"، نزل أمام باب منزله وطرق الباب ففتحت له أمه وأخواته، ليصاب الجميع بالذهول والخرس، العقول أُلجمت قبل الألسنة.

"أنا حي والله.. ممتش".. ظل محمد يرددها لوالدته وشقيقاته وأبناء عمومته لوقت طويل إلا أن البعض تعرض للإغماء جراء الصدمة، فأعاد محاولات الإقناع لمرات عديدة، حتى بدء بعضهم استيعاب ما جرى؛ فيما عبرت الأم عن فرحتها بالزغاريد والبكاء، إلى أن قدم الأب ومعه عدد من الجيران وبدء الجميع يربط خيوط الواقعة الخيالية.

البداية

يقول "محمد" لمصراوي إنه يعمل شيف في مطعم فلافل ويعد من الأوائل في مهنته بالمنطقة، إلى أن وقع الحادث الأليم الذي غير مجرى حياته، حيث سقط على وجهه وجسده مياه مغلية، وسبب له تشوهات وحروق بالغة لم تعالج إلى الآن، ما تسبب له في أزمة نفسية خاصة وأن صميم عمله هو المظهر الذي خسره بسبب الواقعة، وفي منتصف فبراير الماضي كان الإحباط قد تمكن منه بشكل كبير، يستكمل: لم أعد أعمل أو بالأحرى لم أجد من "يشغلني" بدوام ثابت في وقت كنت أستعد فيه لدفع مصاريف طفلي في الدراسة، فقررت تغيير كل شئ المكان والناس والعمل، كما تمنيت ان أعيد اكتشاف نفسي في مكان لا يعرفني به أحد، وهنا جاء قرار السفر إلى الإسكندرية، حينها لم أخبر أحد بأمري وتركت كل شئ حتى هاتفي.. لم أكن أريد التواصل مع أحد.

يسرد "محمد" لمصراوي كواليس قراره: انكفأت على نفسي .. لا أفعل شيئًا إلا "العمل"، لا أريد معرفة شيئا عن أحد.. ولا أن يعرف أحد شيئا عني حتى زوجتي وطفلي؛ " عايز بس اتلم على روحي.. اللي راحت مني من يوم الحادثة" إلى أن جاءني صاحب العمل بالخبر المشئوم فقررت حينها النزول لأفهم ماذا يجري.

خلال الفترة التي اختفى فيها محمد كان شقيقه عبد الله يذهب إلى قسم شرطة حلوان بشكل يومي بصحبة والديه ليتابع بنفسه ما يستجد في البلاغ الذي قدمه بتغييب أخيه عن المنزل منذ منتصف فبراير، إلى أن جاءت إشارة من قسم شرطة دار السلام لقسم شرطة حلوان نهاية الأسبوع الماضي تفيد بعثورهم على جثة لشاب غريق طافية على مياه النيل بالكورنيش تشبه مواصفاتها إلى حد كبير مواصفات "الشيف محمد"، فسارعوا إلى محل العثور على الجثة وكانت المفاجأة 11 علامة مشتركة بين الجثة والشيف محمد، بينهما الحروق وسنة مكسورة وخلع بالكتف الأيسر بحسب شقيقه عبد الله.

"طلبنا نعمل تحليل DNA.. زيادة تأكيد فبلغونا أن النتيجة هتظهر بعد 45 يوم" يقول عبد الله، شاور شقيق "الشيف" العائلة فاستقر رأيهم على ضرورة سرعة الدفن "دي أمانة وإكرام الميت دفنه"، بالفعل حصل عبد الله على تصريح بالدفن واستقبلت العائلة العزاء لمدة 3 أيام حتى ظهر "المرحوم" يقولها عبد الله ساخرًا وهو يشير إلى شقيقه.

جثة مين اللي دفناها !!

السؤال الذي مازال يشغل أذهان أهل منطقة عرب غنيم حتى الآن، "أمال إحنا دفنا جثة مين!!، فيما يقول محمد كمال أحد أصدقاء العائلة من الواضح أن الرجل الذي توفى لم يبلغ أحد بغيابه "وربنا كتبله أنه يتكرم ويتدفن على أيدينا.. إحنا لو في فيلم هندي مش هيحصل كده".

فيما يقول مصدر أمني بمديرية أمن القاهرة؛ لمصراوي؛ إنه جار فحص جميع بلاغات التغييب التي تشبه مواصفات الجثة المجهولة إلى الآن، لمحاولة الوصول إلى أي معلومات عنها أو الوصول لأهليته.

ويروي محمد مازحا تفاصيل أخرى في واقعته الغريبة؛ اول ما رجعت البيت والدي وشقيقي ذهبوا بي إلى القسم لإثبات الحالة ووقف إجراءات الوفاة، كنت رايح معايا البطاقة في أيد وتصريح دفني في الأيد التانية، وتم احتجاز والدي وشقيقي على ذمة التحقيق لمدة 48 ساعة إلى قررت النيابة العامة إخلاء سبيلهم على ذمة القضية.

وبخصوص مصير الجثة المجهولة التي دفنت بالخطأ بدلا من الشيف محمد، يقول مصدر قضائي لمصراوي إنه لابد من استخراج الجثة من قبرها، بقرار من النيابة العامة، وإرسالها لمصلحة الطب الشرعي لعمل تحليل DNA، ومعاينتها ظاهريا للوقوف على وجود أي علامات تشير إلى القتل من عدمه، وسحب عينات من الجسد لبيان تعرض صاحبها للتسمم أو ماشابه، وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنه سيتم التحفظ على الجثة بثلاجة الطب الشرعي، وفي هذه الحالة تراجع النيابة تحريات المباحث وتطلب فحص بلاغات التغييب بمحيط محل العثور على الجثة.

ويختتم "الشيف" حديثه: "نفسي أخلص من أزمتي اللي بقت مزمنة وأعمل عملية تجميل ترجع لي شكلي وروحي اللي ضاعت".

فيديو قد يعجبك: