مصراوي في موقع انهيار عقار "المنشية": صرخات الخوف من تحت الأنقاض - (صور)

كتب- سامح غيث وطارق سمير:

تصوير - أحمد النجار:

داخل زُقاق لا يتخطى عرضه الـ3 أمتار، وقف أهالي منطقة منشأة ناصر بمحافظة القاهرة، يتابعون رجال الإنقاذ البري خلال انتشال مصابي العقار المنهار من أسفل الركام الذي تسبب في تصدع عقارات وانهيار شرفات مجاورة، فضلًا عن وفاة طفل وإصابة 16 آخرين، حسب بيان وزارة الصحة، اليوم الخميس.

"مصراوي" انتقل إلى شارع النجيري أمام كوبري منشأة ناصر؛ للوقوف على ملابسات الواقعة، ورصد لحظات الخوف والرعب.

كخلية نحل، بذل رجال القوات المسلحة والحماية المدنية مجهودًا مٌضنياً لإنقاذ أرواح قاطني العقار، وسط مساعدات الجيران، احتبست أنفاس أقارب سكان العقار، تسيطر عليهم حالة من الحزن والرعب، ينتظرون استخراج ذويهم أحياءً من تحت الأنقاض.

قبيل الثانية والنصف ظهرًا، الهدوء يسود منطقة منشأة ناصر قطعه صوت صرخات قاطني عقار مكون من 5 طوابق، يقول أحد سكان عقار مجاور إنه استيقظ على صوت ضخم ظن أنه انفجار، هرع لاكتشاف حقيقة الأمر ليجد صرخات جيرانه من تحت الأنقاض "إلحقونا أغيثونا"، وتمكن الأهالي من انتشال أحدهم قبل وصول رجال الحماية المدنية الذين فرضوا كردونا أمنيا حول المنطقة، ومنعت قوات الشرطة الأهالي من الاقتراب؛ خشية تعرضهم لمكروه.

على بعد أمتار قليلة من العقار، اتخذ رجال الإسعاف وضع الاستعداد للتدخل السريع، وفي الجهة المقابلة تراصت أربعة سيارات إطفاء أسفل كوبري الأوتوستراد.

بين فرحة انتشال ابنتها وزوجها والخوف على تعرض حفيدتها لمكروه، جلست السيدة الستينية "أم محمود" وبناتها بجوار الكردون الأمني، تتمتم بكلمات غير مفهومة، تستجدي عطف القوات "والنبي طلعوهم عايشين متسيبوهمش يموتوا".

"قولي يارب اللي حافظ حاجه من القرآن يقولها" كلمات حاول بها لواء بالعمليات الخاصة طمأنة الأهالي حال انتظارهم استخراج ذويهم من تحت أنقاض العقار المنهار "من فضلكم ساعدونا ماحدش يعيق عمل القوات، لحد دلوقتي كل اللي خرج صاحي".

على مقربة من "أم محمود" جلست شقيقة "إيمان. ف" تترقب خبر استخراج شقيقتها وزوجها وأطفالهما الثلاثة، حالة من الحزن سيطرت عليها مصحوبة بصراخ متقطع حتى سقطت مغشية عليها، قبل إفاقتها ونقلها إلى المستشفى.

وخشية تعرضهم لكروه، غادر سكان العقار المجاور مساكنهم بعد تأثره بالانهيار، واستعان بعض الشباب بسلالم خشبية للصعود إليه ونقل بعض محتويات ومستلزمات ساكنيه.

"هعمل إيه وهبات فين؟".. وقفت سيدة أربعينية تنتظر أحد شباب المنطقة يجلب لها الملابس من مسكنها، محاولة استيعاب ما حدث، بعدما فقدت منزلها ليرد أحد الحضور "إحنا معاكي.. كلنا إخواتك" بينما يتلقى فوزي محمد علي مكالمة هاتفية من زوج ابنته من أسفل الأنقاض "أنا في حتة واسعة.. إلحقونا"، ليسارع بإبلاغ القوات "في ناس تحت يا باشا كلمونا على التليفون".

"ابن سعيد عايش، الإسعاف خدته للمستشفى" صرخ بها أحد الشباب المشاركين في الإنقاذ، أعقبها مغادرة بعض المتواجدين متوجين للمستشفى للاطمئنان على المتواجدين بداخلها.

انتقلنا إلى مستشفى الشيخ زايد لسماع روايات المصابين، إلا أن قوات الشرطة وأفراد الأمن الإداري رفضوا السماح دخول أحد "كل حالة معاها واحد بس".

بدورها، انتقلت نيابة منشأة ناصر الجزئية، لمعاينة موقع انهيار العقار، واستعلمت عن حالة المصابين؛ لسماع أقوالهم، وأمرت بتشكيل لجنة هندسية من الحي، لفحص العقار، وإعداد تقرير حوله، والعقارات المجاورة.

وخاطبت النيابة حي منشأة ناصر؛ لتحديد ما إذا كان العقار صادر له قرار إزالة من عدمه، والكشف عن العقارات المجاورة، فيما أخلت أجهزة محافظة القاهرة وقوات الحماية المدنية عددًا من المنازل المجاورة للعقار المنهار؛ خشية تصدعها وانهيارها.

محمد عبدالجليل، رئيس حي منشأة ناصر، أكد تماثل 10 حالات للشفاء، وتخضع حالة للعلاج إثر إصابتها بكسر في الحوض، مشيرًا إلى أن هناك حالة وفاة واحدة لطفل يبلغ 3 سنوات.

وقال "عبدالجليل" إنه سيتم توفير وحدات سكنية لأسر العقار المنهار، لافتاً بأن العقار قديم تم إنشاؤه منذ السبعينات، وليس له بيانات بالحي، مشددا على عدم تلقي الحي أية شكاوى بشأن وجود مشاكل إنشائية به من قبل السكان، كما أنه لا يقع في منطقة خطرة جيولوجيا.