تفاصيل مذبحة إمبابة.. مدرب الكاراتيه قتل والدته وتوأمه على سجادة الصلاة
كتب - محمد شعبان:
يوم الثلاثاء الماضي، جلس مدرب الكاراتيه محيي الدين رمضان (31 سنة)، على سرير صغير داخل غرفة ضيقة، واضعا وسادة على ركبتيه، ممسكا بـ"كزلك" مرددا بعض التسابيح، بينما تغرق والدته نورا محيي الدين 67 عاما وشقيقه "رضا" في بركة من الدماء، تزامنا مع فرار والده رمضان محمد حسن (78 عاما) من نفس المصير.
قبلها بدقائق، أجهز محيي الدين على توأمه ووالدته، وطعنهما بالـ"كزلك"، داخل شقتهم بشارع أولاد الصغير الضيق متراص العقارات بمنطقة عزبة الصعايدة بإمبابة، فيما نجح الأب في الهرب من ابنه بعد أن أصابه بجرح قطعي في الرأس، لينجو من الأسرة، الأب وابنتيه "شيماء"، و"ولاء" التي تقطن بنفس الشارع.
قبل 3 أشهر، سيطرت حالة من الاكتئاب على "محي الدين"، الشاب النحيف ذو البشرة السمراء بلحية خفيفة، تسببت في تركه وظيفته كمدرب كاراتيه بنادي الزمالك، لينضم إلى قائمة أولئك الذين يعانون مرارة البطالة، لتتسرب الهواجس إلى مخيلته رويدا رويدا، حتى تحولت إلى يقين بأن عائلته تخطط لإصابته بمكروه فقرر حمل سكين بين طيات ملابسه طوال الوقت.
لم يلاحظ الجيران التغيرات التي طرأت على سلوكيات "محي"، يقول مالك مخبز بلدي قريب من منزلهم: "كان في حاله ومش بتاع مشاكل، وكان ملتزم دينيا يؤدي الصلوات الخمس بزاوية أسفل العقار سكنه، وكان بيصلي بينا إمام أوقات كتيرة".
بعد 17 ساعة من الصيام، أعدت الأم وجبة الإفطار، الجميع في انتظار آذان الغرب، وبدلا من سماع صوت مدفع الإفطار سمع الأهالي أصوات صراخ وعويل من العقار رقم (20): "مالحقناش نفطر، لقينا صوت صراخ من العمارة"، يقول عم محمد، صاحب ورشة نجارة بالشارع.
حالة من الهرج والمرج سادت الشارع، رجال ونساء شيوخ وأطفال، الجميع يهرول نحو مصدر الصراخ: "أنا كنت لسه هنزل ألعب بالعجلة"، يوضح الطفل عبده، الذي أصر على نزول الشارع لتفقد الأمر رغم رفض والديه: "أبويا كان خايف عليا".
دقائق معدودة اكتظ خلالها الشارع بالأهالي، قبل أن يقرر ساكن شقة بالطابق الثالث المخاطرة بحياته وشقيقه، والصعود إلى الشقة بالطابق الرابع -مصدر الصراخ-، ليكتشف الفاجعة داخل إحدى غرفتي الشقة: "لقينا محيي قاعد على السرير في هدوء، وأمه وأخوه غارقانين في دمهم على الأرض، وكان بيردد تسابيح"، والأم كانت لاتزال على قيد الحياة فحاول الجيران الذين صعدوا تباعا إنقاذها.
بعد مرور ساعة كاملة على تلقيهم بلاغ الاستغاثة، وصلت سيارة إسعاف إلى الشارع الذي تحول إلى أشبه بـ"سيرك"، لكن قائد السيارة بادر بسؤال الأهالي: "الشرطة جات؟"، فكان الجواب بالنفي، ليمتنع ومساعده عن الصعود إلى الشقة "الأم كان فيها الروح لكن الإسعاف وصل متأخر"، تقول إحدى أهالي المنطقة.
فور علم "محيي" أن جيرانه أبلغوا الشرطة، أغلق باب الغرفة (مسرح الجريمة) عليه وعلى جثتي أمه وشقيقه، واستخدم محتويات الغرفة كمانع خلف الباب يعوق دخول قوات الأمن التي حضرت بقوة يترأسها العقيد أيمن الحمزاوي، مفتش مباحث شمال الجيزة.
بصوت جهوري على بعد خطوات من باب الغرفة المغلق بإحكام، طالبت الشرطة المتهم بتسليم نفسه "المكان كله محاصر، مش هتعرف تهرب يا محيي"، لكن الشاب صاحب الـ31 عاما، تمسك بالبقاء داخل الغرفة مهددا بقتل أي شخص يفكر في اقتحامها.
وقرر رجال المباحث بقيادة المقدم محمد ربيع، رئيس مباحث إمبابة، استخدام "سيلف ديفينس" لشل حركة المتهم، ومن ثم السيطرة عليه "الولد متأثرش بأي حاجة"، يؤكد مصدر أمني بمباحث الجيزة، أن محاولات ضبط المتهم استمرت قرابة الثلاث ساعات ما بين مفاوضات ومحاولات الاقتحام التي كان آخرها عبر نافذة خلفية "المنور".
"كنا ممكن نمسكه في أقل من كده، بس عاوزين نحافظ على حياته"، يوضح المصدر، في تصريحات لمصراوي، أن العقيد أيمن الحمزاوي، وجه القوات بسحب المنقولات المنزلية التي وضعها المتهم خلف الباب، وانتظار الفرصة الجيدة للاقتحام "المتهم كان أي حد بيحاول يدخله بيكسر الأنوار ويهدده".
هدوء ساد المكان حتى ظن المتهم أن قوات الشرطة أيقنت بعدم جدوى اقتحام الغرفة، لكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، وفي ثوان اقتحم 4 ضباط الغرفة، وتمكنوا من السيطرة على المتهم، وضُبط بحوزته على كزلك وشوما، ليتم اقتياده إلى ديوان قسم شرطة إمبابة وسط ذهول الأهالي، لتؤكد سيدة ثلاثينية: "محدش مصدق، عمرها ما حصلت في المنطقة".
داخل قسم شرط إمبابة الواقع بكورنيش النيل، وقف المتهم أمام اللواء إبراهيم الديب، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، ليروي تفاصيل جريمته: "أنا كنت بصلي بعد الفطار في أوضتي، وأخويا دخل عليا وخبطني"، مما تسبب في نشوب مشادة كلامية حادة بينهما، تطورت إلى مشاجرة، أخرج على إثرها "محيي" سكين من طيات ملابسه وتعدى بها على شقيقه "رضا" الذي يعمل بشركة سمارت للأدوات الكهربائية، محدثا إصابته بطعنتين في الظهر والكتف أودت بحياته في الحال.
وبينما حاولت الأم إنقاذ نجلها، باغتها المتهم بعدة طعنات بالظهر، لتسقط غارفة في بركة من الدماء، بالتزامن مع دخول والده الذي "بصق" عليه فور مشاهدته للجريمة، فبادله نجله بالبصق عليه ثم وجه له ضربة تسببت في إصابته بجرح قطعي بفروة الرأس، لكنه لاذ بالفرار بينما سيطر الذهول على الجاني، الذي أمرت النيابة العامة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق.
فيديو قد يعجبك: