بعد موافقة البرلمان.. ما هو مصير أحكام مصرية "تيران وصنافير"؟
كتب - محمود الشوربجي وعمرو علي وطارق سمير:
بعد موافقة مجلس النواب على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، تجدد التساؤل حول مصير الأحكام القضائية الصادرة بأحقية مصر في جزيرتي "تيران وصنافير"، ليجمع عدد من الفقهاء القانونيون على أن قرار البرلمان بسعودية الجزيرتين جاء وفقًا لصحيح القانون استناداً إلى اختصاصه الأصيل في مناقشة اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية وإقرارها.
ووافق مجلس النواب في جلسته المنعقدة اليوم الأربعاء، برئاسة الدكتور علي عبدالعال، رئيس المجلس، على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي يتم بمقتضاها نقل تبعية الجزيرتين إلى السعودية.
في البداية يؤكد المستشار حسن بسيوني، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أن قرار البرلمان بسعودية الجزيرتين، جاء وفقًا لصحيح القانون، استناداً إلى ما أقره الدستور علنًا باعتبار توقيع المعاهدات الدولية من أعمال السيادة والتي لا يجوز لأية أحكام قضائية التدخل بها.
أوضح بسيوني في تصريح خاص لمصراوي، أن الحكم الصادر من الإدارية بمصرية الجزيرتين، " منعدم" ولا يمكن أن ينبع بشيء لفقدانه الحُجية، مشيرا الى أن توافر الحجية مرتبطًا بعدة شروط أبرزها أن تكون الأحكام القضائية صادرة من محكمة ذات اختصاص مباشر، لكن بالنسبة لاتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية فلا يوجد اختصاصًا لها بالمحاكم على الإطلاق باعتبار أن الاتفاقيات الدولية عمل من أعمال البرلمان ولا يختص به القضاء الإداري.
دلل عضو اللجنة التشريعية بنص المادة 51 من الدستور التي تمنع على المحاكم التدخل في أعمال السيادة، وأيضا قانون مجلس الدولة، والهيئات القضائية نص على الأمر ذاته.
وفيما يتعلق بالمنازعات المنظورة أمام المحكمة الدستورية العليا، يقول إن المنازعات لن تؤثر على ما أقره البرلمان مهما كان الحكم الصادر.
واتفق معه مصدر قضائي بالمحكمة الدستورية العليا، والذي أكد أن إقرار الاتفاقية بات أمرا واقعا، وأن الأحكام سواء المنتظرة من الدستورية العليا أو التي سبق وأن صدرت من الأمور المستعجلة والإدارية العليا، لن يكون لها تأثير على إقرار الاتفاقية بعد موافقة البرلمان.
أضاف المصدر الذي رفض ذكر اسمه "لمصراوي"، أن أعمال السيادة من الأمور التي لا يحق مناقشتها إلا من خلال السلطة التشريعية، ويمكن الطعن عليها ولكن بعد إقرارها رسميا وصدورها بالجريدة الرسمية، لكن لا يجوز للأحكام قضائية أن تعترض أعمال السيادة.
من جانبه، قال المستشار رفيق شريف، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، ومحامي الحكومة في قضية "تيران وصنافير"، إن إقرار مجلس النواب لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، سيكون واجب النفاذ باعتبار أن البرلمان هو صاحب الحق الأصيل في إقرار الاتفاقية.
أضاف في تصرح خاص لمصراوي، أن أحكام القضاء الإداري والإدارية العليا، بشأن مصرية الجزيرتين لن يكون لهما أي تأثير بعد إقرار البرلمان للاتفاقية وذلك لعدم اختصاصهما في الفصل في اتفاقيات ترسيم الحدود.
وأكاد المحامي أشرف فرحات، صاحب دعوى وقف وإسقاط حُكم الإدارية العليا، أمام الأمور المستعجلة، أن الدستور المصري أعلنها صراحةً، بأن البرلمان صاحب السيادة وأعلى سلطة تشريعية داخل الدولة، لذلك هو الأحق بمناقشة الاتفاقية، وقراره مُلزِم للجميع، ولا يمكن لأي أحكام قضائية أخرى أن تسقطه.
على النقيض، يقول المحامي الحقوقي طارق نجيدة، وعضو هيئة الدفاع في قضية تيران وصنافير، إن مجلس النواب خالف الدستور بنظره اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، مضيفًا أن الأحكام القضائية بمصرية الجزيرتين قائمة ولم تُلغي، وإن الأحكام القضائية هي عنوان الحقيقة لكن ما حدث اليوم هو عنوان الباطل، على حد قوله.
وأضاف نجيدة في تصريح خاص لـ"مصراوي"، أنه فور نشر قرار الموافقة على الاتفاقية في الجريدة الرسمية سيتم اللجوء إلى محكمة القضاء الإداري للطعن عليه.
وتساءل عضو هيئة الدفاع في قضية تيران وصنافير، هل سمعت عن أحكام قضائية لا تنفذ وتلغى؟
من جهته، قال الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق الأسبق، إن ما حدث بالجلسة العامة بالبرلمان اليوم هو خرج للقانون.
وأضاف "كبيش" لـمصراوي، أن مجرد عرض الاتفاقية على البرلمان بعد صدور حكم قضائي بمصرية الجزيرتين هو أمر مخالف للقانون من البداية، قائلًا: "نحن في دولة قانون ولابد من احترام أحكامها".
أشار إلى أن الفترة المقبلة ستشهد اتخاذ إجراءات قانونية لرفض تمرير الاتفاقية، باعتبار أن مناقشة الاتفاقية ليست عملا قانونياً.
اتفق معه الفقيه الدستوري شوقي السيد، الذي أكد أن الحكومة أخطأت بشكل كبير وساهمت في خلق تصادم بين السلطتين التشريعية والقضائية، وذلك تحت أنظار السلطة التنفيذية.
وأكد لـمصراوي، أن المحكمة الدستورية العليا، هي المحطة الأخيرة في ملف الاتفاقية بين مصر والسعودية، وأن حكمها سيكون نهائياً وباتاً وواجب النفاذ، ولا يجوز لمجلس النواب مناقشة الاتفاقية حال إقرار المحكمة بمصرية الجزيرتين.
أوضح "السيد" أن قرار الموافقة على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، أثار الرأي العام، وأصاب الشارع المصري بصدمة كبيرة، بسبب عدم الاعتداد بالأحكام القضائية الأخيرة، التي قضت بمصرية الجزيرتين.
وعن عرض الأمر لاستفتاء شعبي، أكد الفقيه الدستوري استحالته من الأساس، مؤكداً أن الموافقين على الاتفاقية لا يعتبرون أن ما حدث هو تنازل عن جزء من الأراضي المصرية، وأنها تابعة للسعودية.
وأيدت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، في 16 يناير الماضي، الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (أول درجة) ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المشتركة بين مصر والمملكة العربية السعودية، الموقعة في شهر أبريل الماضي، والمتضمنة نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.
وتنتظر المحكمة الدستورية العليا، تقرير هيئة مفوضي الدستورية، للبت فى منازعات الحكومة لوقف تنفيذ حكم "مصرية تيران وصنافير".
فيديو قد يعجبك: