تعديلات قانون الطوارئ.. هل تعد التفافا على حُكم الدستورية؟ (تقرير)
كتب – محمود السعيد وطارق سمير:
أثارت موافقة مجلس النواب على مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون الطوارئ بعد يومٍ من إعلانه في مصر، حالة من الجدل، بعدما اعتبره البعض التفافا على حُكم "الدستورية"، وعده آخرون تعديلات ضرورية لمكافحة الإرهاب.
وتضمنت التعديلات التي أحيلت إلى تشريعية مجلس الدولة، الثلاثاء الماضي، المادة 3 مكرر التي تنص على أنه "لمأموري الضبط القضائي في حالة الطوارئ واستثناء من أحكام القوانين الأخرى، ضبط كل من توفر فى شأنه دلائل على ارتكاب جناية أو جنحة وتفتيش مسكنه وكافة الأماكن التي يشتبه إخفاءه فيها أي مواد خطرة أو متفجرة أو أسلحة أو ذخائر أو حيازتها، ويجوز بعد استئذان النيابة العامة احتجازه لمدة لا تتجاوز 7 أيام لاستكمال جمع الاستدلالات.
وتتضمن كذلك المادة 3 مكرر (أ): "يجوز لمحاكم أمن الدولة الجزئية طوارئ بناء على طلب النيابة العامة احتجاز من توفر في شأنه دلائل على خطورته على الأمن العام لمدة شهر قابل للتجديد.
"مصراوي" تواصل مع فقهاء قانون للتعرف علي مدى دستورية المواد المعدلة من عدمه بعد حكم "الدستورية" الأول، والسيناريوهات المتوقع حدوثها، وكيفية الطعن إذا تم إقرار القانون.
وخلال جلسة بالبرلمان، قال المستشار بهاء أبو شقة رئيس اللجنة التشريعية والدستورية إن مصر فى حالة حرب ولابد من عمل هذا التعديل في قانون الطوارئ لتلافي حكم الدستورية في هذا القانون، مضيفا "نحن في حالة حرب ولابد من قانون الطوارئ".
وقضت المحكمة الدستورية في يونيو 2013 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثالثة والتي تنص على "تخويل رئيس الجمهورية الترخيص بالقبض والاعتقال، وبتفتيش، الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية"، وهو ما قيَّد سلطة الرئيس.
الفقيه الدستوري، طارق نجيدة، وصف التعديلات المتعلقة بإتاحة القبض والتفتيش لمأموري الضبط القضائي دون إذن بقانون الطوارئ، بأنها نصوص محفوفة بالمخاطر الدستورية وعلى حقوق الإنسان.
يقول نجيدة في تصريحات لمصراوي، إن موافقة مجلس النواب على التعديلات أعادت مرة أخرى العمل بالمادة المقضي بعدم دستوريتها في عام 2013، مضيفا أن قيام مأمور الضبط القضائي بالقبض والتفتيش دون إذن قضائي مسبب، مخالف تماما للدستور.
وعن المادة التي أجازت لمحاكم أمن الدولة طوارئ حبس من ترى دلائل على خطورته على الأمن العام، قال نجيدة إنه نص "شاذ" لأن المعيار الوحيد للاحتجاز هو ما تراه جهة الأمن فقط، لأنه في تلك الحالة قد يحتجز الأمن شخصا بداعي أن رأيه يمثلا خطرا على الأمن العام، وهو ما يخالف ما جاء بباب الحقوق والحريات في الدستور من أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، والعقوبة شخصية ولا يجوز أن يعاقب الإنسان لرأيه.
الدكتور فؤاد عبد النبي، الفقية الدستوري أيد رأي "نجيدة"، وقال إن نصوص العديد من مواد قانون الطوارئ والكيانات الإرهابية غير دستورية، مشيرا إلى أن القانون المنظم لحالة الطوارئ، يتعين أن يتسق مع الضوابط المقررة للعمل التشريعي، وأهمها عدم مخالفة نصوص الدستور الأخرى.
وأضاف "عبد النبي" لـ"مصراوي": حكم "الدستورية العليا"، مُلزِم وواجب تطبيقه، مستندا إلى ما نصت عليه المادة 54 من الدستور، بأنه "فيما عدا حالة التلبس لا يجوز حبس أو تفتيش الشخص إلا بإذن قضائي مسبب".
وعن المادة المتعلقة باحتجاز من تتوافر دلائل على خطورته، قال عبد النبي، إنها خالية من الضمانات الدستورية، لأن المقبوض عليه باعتباره يهدد الأمن القومي، أو يدعو للإرهاب، وفقًا لحالة الطوارئ يحاكم أمام محكمة أمن الدولة، لكنه يصطدم بمادتين من الدستور 204، و97 اللتين تحذران من محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية إلا بالجرائم ذات الصلة بالجيش ومؤسساته".
ويرى الفقيه الدستوري أن الخلافات بين مواد الدستور وقانون الطوارئ، ستكون نتيجتها براءة المتهمين عند تقديمهم للمحاكمة أو تخفيف الأحكام المقررة بنصوص "الطوارئ"، مطالبا مجلس النواب بإقرار قوانين متسقة مع مواد دستورية حتى لا يشوبها الخلل لاحقا.
من جانب آخر، قال الفقيه الدستوري، صلاح فوزي، إنه في حالة إعلان الطوارئ، يتم استدعاء قوانين الضرورة وتقوم الدولة بالمحافظة على النظام العام والحريات العامة في ذات الوقت عبر 3 أمور رئيسية منها اختصاص القضاء العسكري في محاكمة المدنيين لتسريع الإجراءات مع الحفاظ على ضمانات المتهم، ووضع بعض القيود على الحريات العاملة بالشكل الذي يقود إلى حماية الدولة، والسماح للقوات المسلحة بمساعدة الشرطة في حماية المنشآت.
وأكد فوزي أن التعديلات الأخيرة لا تخالف الدستور نهائيا، لأنها نصت على سلطة الضبط لمأمور الضبط القضائي والتي ترأسها النيابة العامة وهي حاضرة وفاعلة، لافتا إلى أن هذا الإجراء سيحافظ على النظام العام وأن الوقاية تأتي من المداهمة والقبض قبل وقوع التفجيرات، فلا يمكن مواجهة الإرهابيين وإيقافهم بدون إجراءات استثنائية.
وعن إقرار الدستور بوجود إذن النيابة، يرى الفقيه الدستوري أنه يمكن حلها باصطحاب عضو نيابة في المداهمات، مشددا على أنه "لا يمكن تقديس النص على جثث المواطنين".
ودلل صلاح فوزي في حديثه لمصراوي، بالقانون الفرنسي في حالة الطوارئ الذي أتاح لرئيس الوزراء إعلان الطوارئ وليس الرئيس، ومكنت الرئيس من تعليق العمل ببعض نصوص الدستور.
واتفق "نجيدة وفوزي" على أنه يمكن الاحتجاج على تعديلات قانون الطوارئ بعد نشرها في الجريدة الرسمية عن طريق الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية، وكذلك القضاء الإداري.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن في 10 ابريل الماضي حالة الطوارئ في البلاد عقب انفجارين استهدفا كنيسة مارجرجس بطنطا التابعة لمحافظة الغربية، والكنيسة المرقسية بالإسكندرية وأسفرا عن مقتل 44 شخصا وإصابة 104 آخرين.
فيديو قد يعجبك: