لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالفيديو.. حكاية مهندس المطاريد الذي سلم شقيقه للشرطة

09:24 م الأربعاء 08 مارس 2017

قرية البلابيش

كتب - فتحي عمر:

لكل قصة جانب مضئ، وحكاية نجاح تتجاوز حدود التخيلات التي يتناقلها الجميع، فقرية البلابيش التي صارت مرمى نيران الداخلية ضمن حملة مكبرة استمرت 20 يوماً، ومازالت تمشط زراعات القرية والمنطقة الجبلية المتاخمة لها، مليئة بالنماذج الناجحة والمحفزة للنجاح في أحلك الظروف واسوأها على الإطلاق.

وسط آزيز الرصاص، وصفقات السلاح، ونار الخصومات الثأرية يحكي المهندس محمد وهو رجل ستيني أحد أبناء القرية ومسؤول بالمعاش، تفاصيل حياته التي نجح خلالها في تربية 6 من أبنائه في مستويات تعليمية مختلفة بدءأ من كلية الطب والصيدلة والهندسة وفتياته الثلاثة اللاتي حصلن على شهادات عليا في علم الهندسة واللغة الإنجليزية والحاسبات والمعلومات.

رفض المهندس محمد الإفصاح عن هويته خوفاً من بطش عائلات البلطجية، ورجالهم المنشرون في كل عائلات القرية، لكنه فتح قلبه وتحدث هامساً، بعدما هنأنا على تواجدنا بينهم، لتسليط الضوء على معاناة الأهالي هناك.

بعدما أخبرنا خوفه من جبروت البلطجية وطغيانهم حتى بعد القبض على بعضهم أشار لنا بأنه من عائلة ليست في خصومة ثأرية مع أحد ولا يريد الدخول في عداوة مع أحد، واشترط عدم الإفصاح عن هويته شريطة اكمال الحديث.

"هل شاهدتم فيلم شىء من الخوف، هنا فى البلابيش الخوف كله وليس جزءاً منه فالأهالى يعيشون فى خضوع وذل تام لفئة طاغية ابناء القرية على رأسهم ضاحى ووحيد ومعروف، وآخرين، من أعتى تجار السلاح، وعقدوا صفقات شراء وبيع للسلاح خلال سنوات ما بعد الثورة والانفلات الامنى حتى صاروا من الأثرياء واصبحت القرية عبارة عن مخازن للسلاح الثقيل مثل الجرينوف والرشاشات نصف بوصة والرشاشات الاسرائيلى والمدافع".. بهذه الكلمات بدأ المهندس محمد حديثه إلى مصراوي.

قال :" كنا بنسمع إطلاق النار بعد الخامسة مساء كل يوم وتبادل إطلاق النار بصورة كثيفة دون أن نعرف الأسباب واعتاد أهالي القرية والقرى المجاورة الالتزام بالبيت بعد العصر ولا احد يجرؤ على الخروج حتى لصلاة المغرب أوالعشاء في بعض الأحيان".

يضيف:"التلاميذ هجروا المدارس، والأطباء تركوا الوحدة الصحية ولا أحد يريد العمل فيها، ومحصلو الكهرباء والمياه لم يعد بإمكانهم التجول في القرية لجمع تكلفة الخدمات فكل شئ أصبح بالقوة وتحت تهديد السلاح".

وأشار المهندس بأن الوحدة الصحية بالقرية لم يدخلها طبيب منذ منذ 5 سنوات وهي مغلقة منذ ذلك الحين فالأهالى أٌجبروا أن يعيشوا فى ذل تحت سطوة اللصوص، وتجار السلاح والمخدرات.

يستطرد المهندس الذي ضرب كفاً بكف حزنا على ما وصل إليه حال بلدته قائلاً :"رجال الشرطة كانوا السبب الرئيسى فى استفحال خطر هؤلاء المجرمين، منذ اندلاع الثورة فبعض المجرمين عملوا تحت رعاية وسمع وبصر من رجال الشرطة وأحدهم محبوس حالياً كان يعمل رئيساً لمباحث دار السلام، وبعض المتعاونين مع المطاريد يفشون أسرار حملاتهم الأمنية للصوص مما أتاح لهم الهروب أكثر من مرة".

وحينما سألناه عن عائلته انفرجت أساريره وظل يسرد تفاصيلاً مغايرة تماماً لموروثات القرية وساكنيها، وروى:" معايا 6 أولاد بنتي الكبرى طبيبة وابني خلص كلية هندسة وأبني التاني في كلية صيدلة والتالت في أنهى دراسته في كلية حاسبات ومعلومات وبنت في كلية تربية والتالتة في كلية آداب دراسات إسلامية"

تحدث الباشمهندس محمد عن أولاده بكل فخر، مشيراً إلى أنه بذل كل غال ونفيس للإنفاق عليهم والاستثمار فيهم، مؤكداً أنه كان لديه شقيق سلك طريق الإجرام فنصحه أكثر من مرة كي يلتزم وعندما رفض سلمه للشرطة بنفسه في عام 2013".

أوضح المهندس أن انتبه الكبرى تقدم لخطبتها طبيب زميلها يعمل في مستشفى دار السلام وكان نجل أحد أعيان المنطقة لكنه فور علمه بسلوك شقيقي الإجرامي رفض إكمال الارتباط وفشلت زيجة أبني دون أن يكون لها ذنب فيما حدث، لذلك قررت أن اطهر العائلة من تصرفاته وسلمته للشرطة.

"قريتنا ناسها زينة وكبيرة وأصيلة لكن كثرة المطاريد والبلطجية فيها بعد الثورة شوه صورتها وصورة الناس اللي فيها حتى الشرطة والبلاد أصبحت تطلق عليها لقب قرية المطاريد، احنا فرحانين بحملة التطهير دي ويارب يسترها وتستمر".

من هي البرلمانية التي حولت منزل زوجها العمدة إلى نقطة شرطة؟

في الجنوب، ووسط منازل ليست شاهقة البنايات، يستدفئ أهلها بقربهم، وتجاورهم، وصلات الدم التي تربطهم، توجد نقطة شرطة البلابيش قبلي في مركز دار السلام شاهقة مازالت شاهدة على أروع قصص الحب والوفاء في صعيد مصر .

نقطة الشرطة كانت في الأصل عبارة عن مبنى ملك العمدة عز الدين عبد الشافى ينتمى إلى قبيلة هوارة، وارتبط بعلاقة حب مع إحدى بنات عمومته الدكتورة عبلة محمد عمر الهواري، وكان حفل زفافهما حديث الساعة في الشارع السوهاجي وظل تاريخ يحكيه كل أهالي القرية حتى هذه اللحظات رغم مرور أكثر من 35 سنة، ورغم وفاة زوجها عام 1995 في ربعان شبابه.

كانت وفاة الزوج صدمة كبيرة لقريته والقرى المجاورة وصاعقة لشريكة حياته، التي رفضت الارتباط بأحد بعده حتى هذه اللحظات ورفضت أيضاً أن يتولى أحد منصب "العمدة" مكان زوجها وحولت منزله إلى نقطة شرطة.

تقول الهواري إنها بدأت حياتها موظفة فى الشؤن القانونية بديوان عام محافظة سوهاج ثم أصبحت نائبة فى مجلس النواب وشغلت منصب أمينة المجلس القومى للمرأة بسوهاج.

أكدت أن وفاة زوجها عمدة البلابيش كانت صدمة لا حدود لها فلم يكن مجرد زوج ووالد لأبنائها لكنها وصفته بالسند والضهر، وقالت:"لم أتصور أن يتولى أحد منصب العمدة مكانه فتقدمت بطلب إلى وزارة الداخلية كي يتم تحويل منزله إلى نقطة شرطة، وتبرعت بالمنزل الذي شهد أعلى أيام عمرها وأجملها على، كما أنها اهدت منزلها الخاص أيضاً ليكون استراحة للضباط".

وعن انتشار عصابات السلاح والبلطجية أشارت أن الانفلات الأمني بعد الثورة كان أحد أهم أسبابه، وتجرأ قطاعات من البلطجية والخارجين عن القانون، وصعودهم جراء صفقات الأسلحة دفع كثير من الشباب إلى حلم الثراء عبر الطريق الممنوع فتحول معظم الشباب إلى مجرمين وتجار أسلحة.

ولفتت الهواري أن قرية البلابيش بها أكثر من 9 الاف نسمة ومعدلات التعليم بها تصل إلى 50% وبها مدرستين ابتدائى واعدادى غير أن العادات والتقاليد مازالت تسيطر على عقول الناس فيها حيث يمتنع الكثير من الرجال عن تعليم بناتهم".

ودفع الفقر معظظم شباب القرية إلى ترك التعليم، والالتحاق بالأعمال الخاصة في مزارع القصب الكبيرة، وجني محصول الموز، كما أن الزواج المبكر أحد أهم أسباب الفقر في القرية فالشاب يبحث عن قوت يومه دون التفكير في مستقبله، أو الأهتمام بتطوير نفسه، لكن حتى لا ننسى أن القرية بها أطباء وقضاة وأطباء وفئات اجتماعية مرموقة لكنها هاجرت كي تستقر في أماكن عملها ولا تعود إلا على فترات متباعدة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان