لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"البلابيش".. حكاية قرية في حضن الجبل احتلها المطاريد 6سنوات

11:21 ص الأحد 26 فبراير 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - فتحي عمر:

في 25 يناير عام 2011، كان الوضع مختلف في الجنوب عنه في التحرير وميادين القاهرة، حيث كان الثوار يتظاهرون لإسقاط إمبراطوريات الفساد، عكف خارجون عن القانون بقرية البلابيش ونجعيها (الشيخ امبادر والجوفة) بمركز دار السلام بسوهاج على إنشاء إمبراطورياتهم، وتكوين عصابات هرمية تزعمها بعض المطاريد، تخصصت تلك العصابات التي استعصت على الأمن طيلة 6 سنوات في الخطف والسرقة بالإكراه وتجارة السلاح والمخدرات والإثار، والاستيلاء على أملاك الدولة.

فشلت كل محاولات الأمن خلال السنوات الماضية في مداهمة تلك البؤر أو تحجيمها، والتي استغلت طبيعة الأرض والمغارات الجبلية وزراعات قصب السكر المتاخمة لضفاف نهر النيل، واتخذت منها أوكارا شيدت داخلها قصور وفيلات على طراز عالمي.

استغلت تلك العصابات ضعف الحالة الأمنية عقب ثورة 25 يناير، ومارست الدور التقليدي الذي سلكه أباطرة الإجرام على مدار التاريخ بدءً بمقاومة السلطات، وتوسيع دوائر النفوذ، وزيادة العمليات المشبوهة، والتوسع في تجارة السلاح والمخدرات والآثار، وارتبطوا بعلاقات وثيقة مع عصابات أخرى بحمرادوم والحجيرات في قنا، والغنايم والبداري وساحل سليم في أسيوط، ومافيا "السحر والجمال" بالإسماعيلية حتى أن ثلاثة منهم سافروا للسودان لجلب شحنتي سلاح خلال العامين الماضيين، بحسب تقرير الأمن الوطني الذي تم تقديمه إلى وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار.

زاد نفوذ المطاريد في القصور الجبلية، وتحولت المغارات إلى فيلات والكهوف لاستراحات فارهة، ومتاهات مزودة بكاميرات مراقبة، ومغازل خرسانية ودشم على غرار أجهزة الأمن، بينما تراقب قوات الشرطة في انتظار الفرصة للانقضاض والثأر حتى باتت المداهمة قريبة.

في 28 سبتمبر عام 2014، أعطى اللواء ابراهيم صابر، مدير أمن سوهاج آنذاك، شارة بدء عمليات التطهير، ونجحت في تصفية 16 من زعماء تلك البؤر، بينما لاذ بالهروب 4 من كبار البلطجية، وهم "ضاحي. ا"، و"معروف. ع"، و"البدري. ح"، و"سليمان. و"، الصادر ضدهم قرارات ضبط وإحضار في قضايا خطف وسرقات بالإكراه وقتل.

وقال اللواء حسين حامد، مدير مباحث سوهاج في ذلك الوقت، إن المطاريد اختبئوا في الظهير الجبلي للمنطقة هربا من الحملات الأمنية، لكن الرد كان سريعا من قبل العناصر الإجرامية، حيث تم شن هجمات منظمة ضد الشرطة، أسفرت إحداها عن مقتل النقيب أحمد فاروق زيدان، معاون مباحث مركز دار السلام، وإصابة آخر في 30 سبتمبر 2014.

في الوقت الذي زادت فيه حوادث القتل والسرقة والاستيلاء على الأراضي (العامة والخاصة)، راجت حركة تجارة السلاح بالقرية، وبات الفقراء يقضون أوقاتهم في رعب أزيز الرصاص لبنادق تجار "الكيف والسلاح".

سكان القرية الذين تجاوز عددهم 9 آلاف نسمة - بحسب الدكتورة عبلة الهواري عضو مجلس الشعب عن مركز دار السلام - يعيشون تحت خط الفقر.

"محاصرون اقتصاديا لذلك يلجأون للدفع بأطفالهم للعمل في زراعات القصب والموز التي تزيد مساحتها عن ألف فدان".. هكذا وصفت "الهواري" حال أهل القرية التي بلغت نسبة التعليم فيها 50 %، مشيرة إلى أن الموروثات الثقيلة لأهل القرية لا تهتم بالتعليم كما أن حالات الزواح المبكر أدت إلى عزوف الشباب عن التعليم، والبحث عن فرص عمل.

حكمت الخصومات الثأرية علاقات أهل القرية في ظل حالة الفراغ الأمني بعد الثورة، ووفقا لتصريحات حسام محمدين، رئيس مدينة دار السلام، فإن القرية لم يدخلها مسؤول منذ الثورة، ولا يعرف أحد ماذا داخلها؟.

فيما أوضحت النائبة البرلمانية، أنها حصدت جميع أصوات المرأة في الانتخابات الماضية من القرية التي تربطها علاقة وطيدة معهم منذ تزوجت عمدة القرية عز الدين عبد الشافي حتى بعدما توفيَّ عام 1995.

ومنذ 5 أيام، تحركت الشرطة واقتحمت القرية في سابقة هي الأولى منذ الثورة بعدما استفحل المطاريد فيها، وباتت تجارة السلاح والرصاص عنوان قاصديها.

زراعات القصب والموز تخفي معالم القرية التي تحيطها أفدنة الزراعات من كل الجوانب في وادٍ على مساحة كبيرة، شماله قرية البلابيش المستجدة، ومن الغرب نهر النيل، وفي الشرق طريق (قنا - سوهاج الشرقي) والترعة الفاروقية والجبل الشرقي، ومن الجنوب نجع القوصة.

وتتكون القرية من 5 نجوع هي العزبة القبلية، أبو عميرة، الحمايدة، أولاد موسى، والمناصرة، وعلائلات المناصرة 6، تتمركز داخلهم جميع العناصر الإجرامية في عائلات عبد الرحمن، وأولاد علي السيد، والعراعرة، والهلايلة، والفداوية، والوناتنة.

فاقت حكايات القرية عن سابقيها في الملف الإجرامي، واختلفت عن النخيلة، وقصص البؤر المختلفة من حيث تعد المحرمون، وزيادة نفوذهم، وانتمائهم لعائلات كبيرة، فقد لخصت تقارير الأمن الوطني والأمن العام، وأجهزة سيادية حكاية القرية في وجود 25 عنصرا إجراميا يتاجرون في الأسلحة، و43 محكوما عليهم بقضايا جنائية متنوعة بإجمالي 60 حكما (4 إعدام - 56 جناية متنوعة) وبها 300 هارب بقضايا (تبديد وشيك، ضرب، إتلاف، تموين، تعدي على أملاك الدولة، سرقة تيار كهربائي ومباني) بإجمالي 334 حكما قضائيا متنوعا.

ويوجد 25 متهما من أعتى تجار السلاح مطلوبون أمنيا في 25 قضية محددة إضافة إلى وجود 3 خصومات ثأرية ممتدة منذ عشرات السنين.

فيديو قد يعجبك: