إعلان

حكاية "طفل" قاد المباحث لحل لغز "الجثة الطائرة" في بولاق الدكرور (فيديو)

12:37 م الأحد 03 ديسمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد شعبان:

كعادته كل صباح، استيقظ "أحمد" مبكرًا للذهاب إلى مدرسته، سالكًا الطريق الذي اعتاده، لكن ثمة شيء طرأ على السيناريو اليومي، جعل منه مفتاح حل لغز سقوط شاب جثة هامدة من شرفة شقة، في واقعة أضحت حديث قاطني شارع مطر بمنطقة بولاق الدكرور.

صباح يوم الإثنين 20 نوفمبر الماضي، تلقى يحيى عبدالله، مهندس بترول، اتصالاً من صديقه "أحمد ح."، 25 سنة، طلب منه سرعة الحضور إلى شقته لتعاطي المواد المخدرة، مخبرًا إياه "تعالى في جلسة فرفشة هتعجبك"، فانطلق من مسكنه بمنطقة الدقي قاصدًا شقة زميله.

لم يدر صاحب الـ32 سنة أن صديقه أعد له كمينًا بهدف الحصول منه على أموال، لسابق علمه بأنه كان يعمل في السعودية لفترة، علاوة على أنه ينتمي لأسرة ميسورة الحال، إذ فوجئ به وآخر يحتجزانه داخل الشقة "مش هتمشي إلا لما أهلك يدفعوا 20 ألف جنيه".

داخل "بلكونة" الشقة بالطابق الرابع، حيث العقار رقم 13، نشبت مشادة كلامية بين مهندس البترول وخاطفيه، مطالبًا إياهما بتركه "أنا عملتلكم إيه علشان تفكروا في كل ده"، ليخبره صديقه بأنه يمر بأزمة مالية ويحتاج لـ"سيولة" بشكل عاجل.

أيقن المهندس الشاب ضرورة إيجاد حل للخروج من هذا المأزق، خاصة مع تهديده بإخبار والديه بأنه "مدمن هيروين"، فشخص ببصره نحو السماء لثوانٍ معدودة، كانت كفيلة لاتخاذه قراره الأخير في حياته، إذ قفز من الطابق الرابع ليسقط على الأرض جثة هامدة، وسط ذهول خاطفيه الاثنين.

خلال دقائق معدودة، اكتظ الشارع الضيق المتراص العقارات بالسكان الذين حاولوا إنقاذ الشاب العشريني، لكنه كان قد فارق الحياة، فتم وضع ملاءة سرير عليه، وإبلاغ الشرطة التي حضرت على الفور، وفرضت كردونًا أمنيًا بقيادة العميد طارق حمزة، مفتش مباحث غرب الجيزة، إذ وجّه بصرف الأهالي، ومنع أي تجمهر بمسرح الواقعة، بمن فيهم شاب كان يجلس بجوار الجثة وسط حالة من البكاء الهستيرية "صاحبي مات.. سبتني ليه يا صاحبي".

وسط حذر وترقب الجميع؛ وقف الأهالي يتهامسون فيما بينهم عن هوية الجثة، إلا ان اللافت للانتباه أن مالك الشقة كان يجلس بجوار الجثة باكيًا "صاحبي مات.. سبتني ليه يا صاحبي"، وراح يؤكد لرجال المباحث أن صديقه ألقى بنفسه من "البلكونة"، بعد تعاطيهما المخدرات، غير أن بعض الأهالي أكدوا أنه هو من قتل صديقه، وألقاه من الأعلى.

اصطحب رجال المباحث، صاحب الشقة إلى ديوان قسم شرطة بولاق الدكرور، وظل آخرون يجمعون الخيوط حول الواقعة، والتحريات، ويحرسون الجثة لحين حضور النيابة العامة للمعاينة، وذهب فريق ثالث إلى منطقة أخرى للاستعلام من شقيقة المتهم عن تفاصيل ما حدث.

"فراج ف."، أحد قاطني المنطقة، وصديق صاحب الشقة أكد "أحمد صاحبي، ومن 4 أيام رحت معاه مصحة لعلاج الإدمان عشان نعالجه، بس الفلوس قصّرت معانا، 3 آلاف جنيه".

وتابع: "البيت اللي ساكن فيه أحمد بيت عيلة، وكلهم متخاصمين مع بعض.. ونفسهم أحمد يموت من الإدمان عشان ياخذوا شقته".

وعكف الرائد طارق مدحت، معاون مباحث بولاق الدكرور، على سماع أقوال قاطني المنطقة، بحثًا عن إجابة للسؤال الأهم "هل انتحر ذلك الشاب، أم هناك شبهة جنائية؟"، وحرص على مراجعة المحلات التجارية عما إذا كانت هناك كاميرات مراقبة قد التقطت لحظة سقوط "مهندس البترول".

على مدار 3 ساعات كاملة، ظل معاون مباحث قسم بولاق الدكرور يجمع المعلومات، وتوصل إلى اثنين من شهود العيان أكدا سماعهما أصوات شجار واستغاثة من داخل تلك الشقة، وشددا على أن مالكها اعتاد دعوة أصدقائه لتناول المخدرات معًا.

لم يكتفِ الرائد طارق مدحت بهذه الرواية، واستكمل رحلة البحث عن دليل "يقطع الشك باليقين"، حتى توصّل إلى تلميذ يبلغ من العمر 11 سنة، كان بمثابة مفتاح حل اللغز، إذ أخبره "يا عمو أنا شوفت الراجل اللي مات وهو بيتخانق مع واحد تاني في البلكونة، وشدوا مع بعض، بعدها وقع من فوق".

أمام المقدم محمد الجوهري، رئيس مباحث بولاق الدكرور، أقر مالك الشقة بصحة التحريات، وادلى باعترافات تفصيلية لما دار صباح ذلك اليوم، وأرشد عن شريكه "ب. ا."، 28 سنة، الذي أمكن ضبطه بمأمورية ضمت الرائد أيمن سكوري، معاون المباحث.

وقال المتهم الأول إن "المجني عليه كان مدمن للمخدرات، ويتردد عليّ في الشقة لشرائها مني، وعرفت أن أهله ظروفهم حلوة، ففكرت مع شريكي في احتجازه بالشقة، حينما يأتي لشراء المخدرات وطلب فدية من أهله، أوهمناه بتعرضنا لبعض المشاكل مع تاجر مخدرات بسببه، واحتجزناه وأخبرناه أننا لن نطلق سراحه إلا بعد دفع أسرته مبلغ 20 ألف جنيه"، واختتم اعترافاته: "أنا معملتش فيه حاجة.. هو اللي رمى نفسه".

وحُرر محضر بالواقعة، أحاله اللواء إبراهيم الديب، مدير مباحث الجيزة، إلى اللواء عصام سعد، مساعد وزير الداخلية للقطاع، الذي أحال المتهمين إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسهما على ذمة التحقيق.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان