لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"الديون مبترحمش ضعيف".. حكاية بسمة وزوجها باعوا أعضائهم البشرية للهروب من السجن

01:36 م الجمعة 30 ديسمبر 2016

حكاية بسمة وزوجها

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - فتحي عمر:

في غرفة 4X 5 داخل حارة ضيقة بمنطقة العسال تخلو من كل شيء إلا آثاث بسيط عبارة عن بوتاجاز وسرير، تقطن بسمة وزوجها محمد وثلاثة أطفال رفقة والدتها المريضة، أرهقتهم الديون وأعجزهم المرض، فصاروا يهربون من قرض لآخر، يستدينون من شخص لتسديد أموال الثاني حتى سقطوا في يد عصابة استغلت حاجتهم للمال، فاضطروا لبيع أعضائهم البشرية "كليتهما" لسد الديون والهروب من السجن.

في 2013 تعرفت بسمة على جارتها سعاد، وعرفت من جيرانها بمنطقة العسال أنها تقوم بإقراض المساكين والغلابة بالأموال مقابل فوائد مالية كبيرة: "مكنتش لاقيه آكل وجوزي مش لاقي شغل فاستلفت منها عشان مش لاقيين ناكل أنا وعيالي، ومكنتش لاقيه شغل ".. تحكي بسمة عدلي، 28 عامًا، أول خيط لمأساة أسرتها الصغيرة.

وتقول: "اقترضت 2500 جنيه في 2011 من سعاد، وعرفت بعدها أن ده يستلزم أن أقوم بدفع 20 جنيه يوميا كغرامة إضافية حتى سداد أصل المبلغ بفائدة 60 %، ولم يكن بإمكاني الاعتراض لأن زوجها "مسجل خطر" هددني أنا وزوجي بالقتل، وخطف نجلي معاذ "4 سنوات"، قبل ذلك بمجرد تأخرنا عن السداد".

"4 سنوات وأنا بسدد في الفلوس، كل شهر أدفع 600 جنيه ده غير إن فوايد المبلغ الرئيسي تخطت 13 ألف جنيه بحسب شروط حددها زوج سعاد الذي يُدعى، محمد، عقب خروجه من السجن، معرفناش نعمل أي حاجه، كل شوية يهددونا، وفضلت أنا ومحمد جوزي مش بنعمل أي حاجة غير إننا نشتغل وندفع كل يوم 20 جنيه والمبلغ يتضاعف، ولما قررنا مش هندفع تاني وهربنا من الأوضة اللي كنا ساكنين فيها، خطفوا ابني ومرجعهوش غير لما محمد راح توسلهم عشان يرجعوه".

بجوارها فوق "كنبة" مجاورة للسرير الوحيد بالغرفة جلس زوجها محمد، 32 سنة، سائق توك توك، واضعا يده فوق خده، لاحول له ولا قوة، مُنهك الجسد، وتظهر في وجهه عظمتين بارزتين، وثياب ثقيلة وقديمة التحفها للتخفي من برودة الطقس، قال "لما استدانت مراتي من سعاد، وقعت على إيصالات أمانة على بياض، وده اللي خلانا مش راضيين نبلغ عليهم، وقبلنا كل شروطهم رغم إننا عجزنا عن الدفع ولما قررنا نتمرد على الأمر ونهرب لاحقونا، وهددوني بقتل ابني ما اضطرني للاقتراض من آخرين لتسديدهم".

ويضيف "معرفتش أعمل ايه فكرت في أي حيلة للهروب منهم، لكنني فشلت، فقررت زوجتي أن تبيع كليتها، لما عرفت من واحدة صاحبتها إن فيه إعلان في جريدة كبرى بإعلان نازل يطلب فيه مستشفى بالدقي شراء كلية، وتعرفت من خلال الإعلان على سمسار يدعى محمود، عرف حكايتنا وعرضت عليه استعدادها لبيع أي عضو من جسدها مقابل الحصول على الأموال، فتوسط لدى المستشفى، وأعطاها 23 ألف جنيه، وحصل على ألفين جنيه مقابل ذلك".

تخرج من عيني بسمة عبرات تسبقها حسرات على "حيلها اللي اتهد" هكذا وصفت- بسبب الديون والمرض والفقر، لتؤكد بعدها أن زوجها قرر ان يشترى من المبلغ توك توك من منطقة شبرا، كي يعمل عليه لتسديد الديون، لكن جارتها وزوجها حينما عرفا بأنها باعت كليتها وحصلت على الأموال اقتحما المنزل واستولوا على مبلغ 20 ألف جنيه بالقوة بحجة أنه باقي عليهما من فوائد المبلغ الأصلي.

يستطرد محمد "لم أجد حلاً سوى بيع كليتي أنا، واتصلنا على نفس السمسار "محمود"، وعملت العملية، ولما أخدت المبلغ اشتريت توك توك اشتغلت عليه كام شهر، لكن "قليل البخت يعضه الكلب في السوق" قالها ضاربا كفا بكف، فبمجرد عمله على التوك توك بعد أسبوع وجد قوة من المباحث تخبره بأنه مسروق، فقام بتسليمه لأصحابه ولكن بعد فوات الأوان، وهروب البائعين.

تخرج الأم التي تجلس في أحد أركان الغرفة متكئة الرأس، تملأ نظراتها الألم عبر آهات للوجع الذي خيم على حال ابنتها وأحفادها: "والله أنا كمان لو أقدر أبيع كليتي وأضمن ان ابني ومراته يعيشوا مستورين لعمل، أنا مش قادرة أصرف الدوا ولا عارفه أنام على ضهري بسبب المرض، الناس دول مفتريين، ومربيين كلاب بيهددونا بيها، خطفوا حفيدي ولما عرف أبوه، وراح يجيبه، هددوه بقتله وسحلوه، والقانون مش عارف يحمينا بسبب الشيكات اللي واخدينها علينا".

وطالبت الأم وابنتها تدخل الجهات المعنية لإنقاذهم من المعاناة "إحنا بنموت ألف مرة كل يوم بسبب الاحتياج الشديد وعدم القدرة على العيش"، الزوجين باعا كليتهما ولا يستطيعان القيام بأي أعمال شاقة أو مجهود.

وكان رجال مباحث الأموال العامة بالقاهرة بقيادة اللواء أيمن لقيه، رئيس المباحث، والعميد هشام والي، والنقيب محمد صلاح النويشي، تمكنوا من إلقاء القبض على مسجل خطر وزوجته وأمها لاستغلالهم حاجة البسطاء وإقراضهم أموال بفائدة كبيرة تخطت 60 %.

وقالت مصادر أمنية بمديرية أمن القاهرة إن "عصابة القروض" تاجروا بأحلام الفقراء وأموالهم واستغلال حاجتهم الماسة للمال، وكشفت التحريات أن سيدة تدعى "نادية.ا"، 55 عامًا، ربة منزل، تُقيم بمنطقة العسال في شبرا، وتتزعم عصابة برفقة زوج ابنتها "محمد.ع"، 48 سنة، عاطل، سبق اتهامه في 48 قضية، وزوجته "سعاد.ع"، 28 عامًا.

أكدت تحريات رجال المباحث أن المذكوران كونا عصابة تخصصت في القيام بعمل من أعمال البنوك ودلت أنهما كانا يحصلان على فائدة تمثل 2% يوميًا من أصل المبلغ تمثل 60% شهرياً.

أمرت النيابة العامة بحبسهم جميعا وحرزت 162إيصال أمانة و54 صور بطاقات الرقم القومي بأسماء أشخاص مختلفة.

ويخضع المتهمون للمسائلة القانونية وفقاً للمادة رقم 339 من قانون العقوبات التي تنص على: "كل من انتهز فرصة ضعف أو هوى نفس شخص واقرضه نقودًا بأي طريقة كانت تزيد عن الحد الأقصى المقرر للفوائد الممكن الاتفاق عليها قانونًا، يعاقب بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه فإذا ارتكب المُقرض جريمة مماثلة للجريمة الأولى في الخمس سنوات التالية للحكم الأول تكون العقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز سنتين أو غرامة لا تتجاوز الخمسمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين فقط وكل من اعتاد على إقراض نقود بأي طريقة كانت بفائدة تزيد عن الحد الأقصى للفائدة الممكن الاتفاق عليها قانونا يعاقب بالعقوبات المقررة بالفقرة السابقة".


اقرا ايضا :

عصابة ''القروض'' في قبضة الأمن.. أحد ضحاياها سروجي وزوجته باعا كليتهما

فيديو قد يعجبك: