من فرحة الولادة لاستئصال الرحم.. مأساة سيدة مع مركز خاص بالجيزة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
كتب - محمد شعبان:
لم يفارقها حلم رؤية مولودها طوال 9 أشهر كاملة، وراحت تجهز كافة متطلباته خلال أيامه الأولى بفرحة عارمة، تتخيل سيناريوهات تغمرها السعادة لما ستقدمه له من مشاعر الأمومة، لكنها لم تكن تدري أنه سيكون الأول والأخير بسبب إهمال الطبيب.
في 19 يناير الماضي؛ شعرت "سوسن ب."، بدوار وآلام شديدة في المعدة، مصحوبة بحالة قيء مستمر، لتقرر وقتها الذهاب إلى الطبيب، ليخبرها بالخبر السعيد الذي طال انتظاره بأنها "حامل"؛ لتسيطر عليها حالة من السعادة التي لا توصف.
وبحثت صاحبة الـ21 عاما عن طبيب تتابع معه طوال أشهر الحمل، لتجد الأهل والجيران يرشدونها عن مركز خاص للولادة بمنطقة وراق الحضر بالجيزة، لكن مع الخطوات الأول التي تطأ قدماها المركز، انتابها شعور غريب من شدة الزحام، أصوات صراخ الأطفال الرضع تدوي بالمكان، بينما تتسابقن الأمهات على أولوية الحجز لضيق وقت الدكتور (ف. ح).
"ده بيعمل 10 عمليات ولادة في اليوم بخلاف الكشوفات".. سقطت تلك الكلمات على أسماع "سوسن" كالصاعقة، لتحدث نفسها بحالة من الوجوم "إزاي بيقدر يعمل كل ده!"، لكن فور خروجها من العيادة - ولقاء لم يستمر سوى دقائق مع الدكتور - لتبدأ في تطبيق الإرشادات الطبية والاهتمام بنظامها الغذائي وعدم بذل مجهود بدني من أجل رؤية مولودها الأول بسلام.
رويدا رويدا يقترب الحلم المنتظر مع مرور الأيام والشهور، ليعلن يوم 9 أكتوبر الماضي، اقتراب ولي العهد من تسجيل ظهوره الأول بالدنيا، بعدما شعرت بآلام شديدة، أيقنت أنها علامات الوضع، لتهرول رفقة أسرتها إلى المركز، الذي يأمر بتجهيز غرفة العمليات سريعا.
يقف الأهل خارج غرفة العمليات، يرتلون آيات من الذكر الحكيم، بينما ترفع والدتها أكف الضراعة إلى السماء طالبة من الله أن يكتب لابنتها السلامة، ويرزقها بمولودها الذي انتظرته طوال 9 أشهر. تخرج إحدى عضوات طاقم التمريض المساعد للدكتور من الغرفة، حاملة البشرى "سوسن ولدت الحمد لله"، لينقسم الأهل ما بين ساجدٍ على الأرض، وشاخصًا ببصره نحو السماء شاكرًا.
لم تكد تفرح برضيعها حتى شعرت بآلام شديدة بالبطن، حضر على إثرها الطبيب مهرولا: " كان بيضغط على بطني جامد، وبيدخل إيديه في الرحم، وينزل كتل دم، ولما سألناه قال بنضف كويس مكان الولادة".. تؤكد سوسن "لمصراوي"، أنه بمجرد خروج الطبيب المعالج، أرسل ممرضة "ادتني تقريبا 16 حقنة".
رغم مرور ساعات قليلة على عملية الوضع، قررت أسرة "سوسن" مغادرة المركز، والذهاب إلى منزلهم بمنطقة الوراق، لكن الأمور ازدادت سوءًا: "نزلت كتل دم دفعة واحدة، وكنت بحس إن في حاجة بتتحرك في بطني، ووجع شديد"، تشير سوسن إلى أنها أجرت اتصالا هاتفيا بالدكتور فؤاد فكان الرد "عادي.. استمري على المسكنات".
ومع صباح يوم 18 أكتوبر، تدهورت حالة صاحبة الـ21 عاما، وظلت تنزف بشكل شديد، لتذهب إلى مستشفى "أبو النجا"، لتنطق الطبيبة بكلمات كالرصاص مزقت جسدها قائلاً: "الدكتور اللي ولدك سايب بقايا من المشيمة، ولازم تروحي مستشفى تانية تكون فيها إمكانيات لإنقاذ حياتك".
توجهت أسرة سوسن إلى مستشفى "النيل"، ليطلب أحد الأطباء صورة من أشعة السونار أجرتها في وقت سابق عقب الولادة، ليخبرها "انت بحاجة لدخول غرفة العمليات لعمل كحت وتنظيف بالرحم"، بدأ القلق يتسرب إلى أسرتها، حيث تتعقد الأمور مع مرور الوقت.
"دخلت العمليات وأنا معلقة دم ومحاليل، وخرجت في غيبوبة والنزيف مستمر زي ما هو".. تتوقف "سوسن" عن الحديث ثوانٍ معدودة، تريد محو هذه اللحظات من شريط الذكريات التي تطاردها ليل نهار، تكمل بعدها بصوت مفعم بالحزن والأسى "الدكاترة قالوا النزيف مش هيقف غير لما يستأصلوا الرحم"، لتدخل بعدها في نوبة من البكاء بعدما أيقنت أن رضيعها الذي لم تكد تفرح بمولده هو الأول والأخير.
وللمرة الرابعة خلال أيام معدودة، تضطر سوسن للدخول إلى غرفة العمليات، لكن في حالة صحية يرثى لها "كان ضغطي 30، والأنيميا 4، ومعلقة أكياس دم، وتم استئصال الرحم وربط الأوعية الدموية والشرايين الموصلة له لوقف النزيف"، بينما سيطرت حالة من الغضب على أسرتها، الذين طلبوا تقريرا بما تعرضت له ابنتهم فكان الرد "مينفعش نعمل حاجة تدين دكتور زميل".
تواصلت أسرة سوسن مع الدكتور الذي أجرى لها عملية الولادة، وأخبره بأنهم بصدد الذهاب إلى مصلحة الطب الشرعي لإثبات ما تعرضت له من إهمال طبي جسيم، ليرد مدير مركز - بحسب سوسن - "أنا رئيس قسم الطب الشرعي في جامعة الأزهر، ومحدش هيعرف يطلع حاجة تضرني"، تتوجه على إثرها سوسن إلى قسم شرطة الوراق، وتحرر محضرًا حمل رقم 8325.
تتوالى المفاجآت غير السارة، حيث علمت سوسن أنها لم تكن الضحية الأولى لإهمال هذا الطبيب، "مكنتش أعرف عنه حاجة، قابلت أكتر من واحدة، تسبب في استئصال رحم واحدة ووفاة أخرى، ضفت رقم محاضرهم للقضية بتاعتي".
وحاول "مصراوي" التواصل مع الطبيب المشكو في حقه من خلال رقم الهاتف المعلن للمركز، لكن لم نتلق ردا.
فيديو قد يعجبك: