"دبلوماسية الرفض".. كيف تصدت مصر لمخطط ترامب لتهجير غزة؟
مخطط ترامب لتهجير غزة
كتبت- سلمى سمير:
لا تزال الجهود الإسرائيلية لإحكام السيطرة على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين من أرضهم مستمرة، مع سلوك تل أبيب أكثر من طريق في سبيل تحقيق غايتها المنشودة لضم أراض جديدة وضمان أمن حدودها الجنوبية، وكانت آخر تلك التصريحات تلك التي طالت المملكة العربية السعودية، مع تقدم إسرائيل باقتراح لإنشاء دولة فلسطينية ولكن داخل حدود المملكة.
كانت مصر من أوائل الدول المعلقة والرافضة لمساعي التهجير الإسرائيلية، بوصف التصريحات المتحدثة عن تلك المسألة بـ "المنفلتة"، وذلك في بيان رسمي صدر عن وزارة الخارجية، للرد على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حين قال، إنه يمكن إنشاء دولة فلسطينية داخل حدود المملكة العربية السعودية الواسعة.
جاءت تصريحات نتنياهو خلال مقابلة مع القناة الـ14 الإسرائيلية ذات التأييد لسياسة الحكومة، والتي قال فيها، إن المملكة العربية السعودية يمكنها أن تنشئ دولة فلسطينية داخل حدودها بما أنها تطالب بإنشاء دولة فلسطينية في كل اتفاق تطبيع يتم مناقشته، مشيرا إلى امتلاك الرياض مساحات واسعة من الأراضي التي يمكن إنشاء دولة أخرى بداخلها.
رد القاهرة
"تصريحات منفلتة" هكذا علقت مصر التي كانت من أوائل الدول المعلقة على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي حذرت من تشكيلها مساسًا مباشرا بالسيادة السعودية وخرق فاضح لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وحذرت القاهرة في بيان وزارة الخارجية، من أن أمن المملكة العربية السعودية يشكل "خط أحمر" لن تسمح مصر بالمساس به، مؤكدة أن أمن واستقرار المملكة من صميم أمن واستقرار مصر والدول العربية الذي لا تهاون فيه.
ولم تكتف مصر برفض التصريحات، بل أكدت وقوفها إلى جانب المملكة العربية السعودية بشكل كامل ضد التصريحات التي وصفتها بـ "المستهترة"، داعية المجتمع الدولي للوقوف بشكل موحد ضدها.
الرفض المصري لم يكن الأول من نوعه مع تبني القاهرة نهج الرفض التام لأي مقترح من شأنه خلق وضع جديد للفلسطينيين في غزة خارج القطاع، وتجدد هذا الرفض بعد تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للمرة الأولى عن مقترح تهجير الفلسطينيين بعد تنصيبه، حين زعم حديثه مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من أجل نقل الفلسطينيين لمصر والأردن.
في مقترحه الأول، قال ترامب، إنه سيناقش مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، نقل الفلسطينيين لمصر والأردن، مثل مع تحدث مع الملك عبدالله، وهو ما نفته القاهرة بشكل قاطع قائلة إن ترامب لم يجر أي اتصال مع السيسي بشأن هذا الملف، مؤكدة رفضها بشكل نهائي لأي مقترح لتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
في مقترح ترامب، الأول لم تكن مدة بقاء الفلسطينيين خارج ديارهم محسومة، بترك الرئيس الأمريكي تلك المسألة مفتوحة بالقول إنها يمكن أن تكون مؤقتة أو إلى الأبد، لكنه مع ذلك زعم أن التهجير سيكون لصالحهم من أجل إعمار القطاع الذي أنهكته الحرب.
رغم الرفض والتنديد الواسع بالمقترح، عاود ترامب طرح مقترحه مجددا لكن بشكل آخر ينهي فيه حق الفلسطينيين في أرضهم، وذلك بحديثه خلال اجتماعه مع بنيامين نتنياهو، عن تخطيط واشنطن للسيطرة على قطاع غزة، وذلك بالطبع بعد خروج الفلسطينيين منه لوجهة غير معلومة قال إنه ربما تكون مصر والأردن أو بلدان أخرى.
في مخطط ترامب، ترغب واشنطن بإقامة مشاريع تنموية واستثمارية عملاقة تدر مبالغ واسعة تستفيد منها بلاده التي تريد أيضا إقامة منتجعات سياحية ومجمعات تجارية، لكن ليس للفلسطينيين عائد منها حيث لن يكونوا أصحاب الأرض في الرؤية الأمريكية.
في الوقت الذي ضجت فيه الأوساط الإسرائيلية، فرحة بمقترح ترامب الذي رأته تل أبيب كالصديق المخلص بالنسبة لها، لكن ذلك لم يكن الحال بالنسبة لمصر، التي حذرت من تداعيات كارثية جراء القرار الذي يحرض على عودة القتال مجددا، وتهديد أسس السلام في المنطقة.
وأكدت القاهرة رفضها للمقترح، بوصفه تصفية واضحة للقضية الفلسطينية وإنهاء لأمل حل الدولتين وحصول الفلسطينيين على حقوقهم وحرمانهم من حقهم التاريخي.
موقف مصر بشأن تهجير الفلسطينيين خارج القطاع ليس وليد الأسابيع الجارية، بل كان واضحا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حيث برز حينها مخطط التهجير، بدعم أمريكي لم يكن واضح المعالم وسرعان ما تختفى، بعد المعارضة الواسعة للقرار على المستوى الفلسطيني والعربي وتحديدا من مصر بوصفه تهديدا لأمن المنطقة وإنهاء لأي حل سياسي لإنقاذ القضية الفلسطينية.
فيديو قد يعجبك: