إعلان

هل تثمر محادثات ترامب مع بوتين سلامًا سريعًا في أوكرانيا؟.. الأوكرانيون يجيبون

11:33 ص الأربعاء 19 فبراير 2025

ترامب مع بوتين

بي بي سي

يتحدث الأمريكيون و الروس مع بعضهما مرة أخرى، بينما يتأمل القادة والدبلوماسيون الأوروبيون الخيارات الصعبة التي فرضها عليهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

لا شك أن الإنذار الدبلوماسي الذي وجهه ترامب لأوكرانيا وحلفاء أمريكا في أوروبا الغربية قد تسبب في تصدع التحالف عبر الأطلسي، ربما إلى حد لا يمكن إصلاحه.

ويبدو أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، منزعج من التغيير المفاجئ في الموقف الصادر من البيت الأبيض، على الرغم من أن بعض منتقديه العديدين في الداخل يقولون إنه كان ينبغي أن يتوقع ذلك.

وكان ترامب قد أوضح قبل فترة طويلة من فوزه بإعادة انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، أنه لن يستمر في سياسات الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.

وقد أعرب زيلينسكي عند وصوله إلى تركيا في رحلته الأخيرة، أمس الثلاثاء، عن أسفه لحقيقة أن المفاوضات لإنهاء الحرب تجري "في غياب الأطراف الرئيسية المتضررة من عواقب العدوان الروسي".

ويبدو الأمر بعيدًا بين الغرفة المكيفة في المملكة العربية السعودية، حيث واجهت الوفود الروسية والأمريكية بعضها البعض عبر طاولة المحادثات، وبين البرد القارس في شمال شرق أوكرانيا.

في المخابئ والقواعد العسكرية هنا في القرى والغابات المغطاة بالثلوج على الحدود مع روسيا، يواصل الجنود الأوكرانيون أعمالهم كالمعتاد ، وهي أعمال الحرب.

في مخبأ تحت الأرض في قاعدة داخل الغابة بالقرب من منطقة سومي، أخبرني ضابط أوكراني أنه ليس لديه متسع من الوقت لمتابعة الأخبار. وبالنسبة له، كان قرار ترامب التحدث إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجرد "ضجيج".

1_11zon

ويضيف القائد، الذي طلب الإشارة إليه بلون راية كتيبته فقط، "الأبيض"، أن لديه أمورًا أكثر إلحاحًا للنظر فيها.

ربما يكون تجاهل القنبلة الدبلوماسية التي هزت زعماء الغرب، وكذلك رئيسه زيلينسكي، هو الشيء الصحيح الذي يجب على ضابط ساحة المعركة القيام به استعدادًا لقيادة رجاله مرة أخرى إلى القتال.

فهم في صدد العبور مرة أخرى إلى كورسك الروسية قريبًا، للانضمام إلى القتال سهيًا لاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها أوكرانيا من روسيا.

وكشرط للوصول إلى الجنود الأوكرانيين، اتفقنا على عدم الكشف عن المواقع أو الهويات بشكل دقيق، باستثناء القول إنهم في المناطق الحدودية حول مدينة سومي، وكل ذلك جزء من القتال المستمر لأوكرانيا في كورسك.

وفي غرفة صغيرة في ورشة عمل مخبأة في قرية كان هناك عرض هائل للقوة القاتلة من الأسلحة الأوكرانية على أرفف مصنوعة من ألواح من مصنع الخشب تقف ممدودة على صناديق ذخيرة خشبية، وفوق هذه الأرفف كانت هناك مئات الطائرات بدون طيار، أوكرانية الصنع. كل منها يكلف حوالي 380 دولارًا.

وقال الجنود الذين كانوا يفحصونها قبل تعبئتها في صناديق من الورق المقوى لإرسالها إلى ساحات القتال في كورسك إنه عندما يتم تسليحها - ويوجها طيار ماهر - يمكنها حتى تدمير دبابة.

2_11zon

وقال أحدهم، ويدعى أندرو، كان طيارًا موجهًا لطائرات مسيّرة حتى انفجرت ساقه. إنه لم يفكر كثيرًا فيما قيل من قِبَل الأمريكيين، لكن لم يكن أيٌّ منهم يثق بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

لقد دمرت طائراتهم بدون طيار قبل بضع ساعات وحدة مدرعة روسية تتقدم في وضح النهار عبر حقل متجمد مغطى بالثلوج. لقد أروني الفيديو. كانت بعض المركبات التي ضربوها ترفع العلم الأحمر للاتحاد السوفييتي بدلًا من العلم الروسي.

إن مدينة سومي مزدحمة بما فيه الكفاية خلال النهار، حيث تفتح المتاجر وتمتلئ بالبضائع. ولكن بمجرد حلول الظلام تصبح الشوارع مهجورة تقريبًا. وتأتي تنبيهات الغارات الجوية بشكل متكرر.

تطلق المدافع المضادة للطائرات قذائف التتبع في السماء لساعات، مستهدفة موجات الطائرات المسيّرة الروسية التي تعبر الحدود بالقرب من هنا لمهاجمة أهداف في عمق أوكرانيا – وأحيانًا في سومي نفسها.

في مبنى سكني كبير كانت هناك آثار لحفرة كبير في المبنى تخترق 3 طوابق تسبب بها هجوم بطائرة روسية بدون طيار قبل أسبوعين أو نحو ذلك ،وقُتل في الهجوم 11 شخصًا. ومنذ ذلك الحين، تم إخلاء المبنى حيث يخشى المهندسون أن يكون قد تضرر بشدة لدرجة أنه قد ينهار.

3_11zon

المبنى جزء من مجمع سكني يتكون من كتل متشابهة ضخمة بُنيت خلال الحقبة السوفيتية. كان السكان الذين ما زالوا يعيشون بجوار المبنى المدمر وغير الآمن يمارسون حياتهم اليومية، يمشون إلى المتاجر أو سياراتهم، ملفوفين بملابس ثقيلة لحماية أنفسهم من البرد القارس.

توقف ميكولا، وهو رجل يبلغ من العمر 50 عامًا، للتحدث بينما كان يسير إلى منزله مع ابنه الصغير. وهو يعيش بجوار المبنى الذي دمره الروس.

سألته عن رأيه في فكرة ترامب للسلام في أوكرانيا، قال: "نحن بحاجة إلى السلام. إنه ضروري لأنه لا جدوى من الحرب. الحرب لا تؤدي إلى أي شيء. إذا نظرت إلى مقدار الأراضي التي احتلتها روسيا حتى الآن، سيصل الروس في النهاية إلى كييف، ويتعين عليهم الاستمرار في القتال لمدة 14 عامًا. الناس فقط هم الذين يعانون. يجب أن تنتهي الحرب".

ويعتقد ميكولا أنه لن تكون هناك أي صفقة تستحق العناء من جلوس بوتين وترامب معًا بدون زيلينسكي والأوروبيين.

أما جارة أخرى للمبنى تدعى يوليا، 33 عامًا، فكانت تتمشي مع كلبها - من نوع جاك راسل – وقالت أنها كانت في منزلها عندما هاجم الروس المبنى السكني المجاور.

4_11zon

وأضافت "لقد حدث كل هذا بعد منتصف الليل بقليل، عندما كنا على وشك الذهاب إلى الفراش. سمعنا انفجارًا قويًا، ورأينا وميضًا أحمر ضخمًا عبر نافذتنا. لقد شاهدنا الرعب. كان مخيفًا للغاية".

وأشارت يوليا إلى أنه "كان العديد من الناس في الخارج. وأتذكر أنه كانت هناك امرأة تسير في الشارع - وكانت تصرخ طلبًا للمساعدة - لم نتمكن من رؤيتها فور وقوع الانفجار، لكن في النهاية تم إنقاذها من بين الأنقاض".

إن السلام ممكن، كما تعتقد، "لكنهم بحاجة إلى التوقف عن قصفنا أولًا. لن يكون هناك سلام إلا عندما يتوقفون عن فعل ذلك. يجب أن يأتي من جانبهم لأنهم هم من بدأوا هذا الرعب".

وتضيف يوليا "بالطبع، لا يمكنك أن تثق في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".

ومع اختفاء آخر أشعة الشمس، توقف بوريس، العقيد المتقاعد النشط البالغ من العمر 70 عامًا والذي خدم لأكثر من 30 عامًا في الجيش السوفييتي، وكان في طريقه إلى سيارته. قال إن ابنه وحفيده يرتديان الزي العسكري ويقاتلان من أجل أوكرانيا.

وأضاف "السلام ممكن، لكنني لا أؤمن به حقًا. أعتقد أن العدالة ستسود لأوكرانيا. يجب أن نكون حذرين".

5_11zon

وأوضح بوريس "ما دام بوتين موجود، فلا يمكنك أن تثق في الروس. لأنهم يؤمنون به وكأنه دين. لن تغيرهم. الأمر يحتاج إلى وقت".

سألته: إذن ما هو الحل - الاستمرار في القتال أم اتفاق سلام؟، فأجاب "تحتاج أوكرانيا إلى التفكير في السلام. لكن لا ينبغي لنا أن نستسلم. لا أرى أي جدوى. سنقاوم حتى نصبح أقوى. يبدو أن أوروبا مستعدة لمساعدتنا. لا جدوى من الاستسلام".

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الرجل الذي يبدو مقتنعًا بإمكانية تطبيق مبادئ صفقة العقارات لإنهاء الحرب، سيكتشف أن صنع السلام أكثر تعقيدًا من مجرد التوصل إلى وقف إطلاق النار وتحديد مقدار الأرض التي يحتفظ بها كل جانب.

لقد أوضح الرئيس الروسي بوتين بوضوح أنه يريد كسر سيادة أوكرانيا وتدمير قدرتها على العمل كدولة مستقلة.

سواء كان للرئيس الأوكراني زيلينسكي، مقعد على طاولة مؤتمرات الرئيس ترامب أم لا، فلن يوافق على ذلك. إن صنع السلام الدائم، إذا كان ذلك ممكنًا، سيكون عملية طويلة وبطيئة، وإذا كان ترامب يريد عائدًا سريعًا من السلام، فيجب أن يبحث في مكان آخر.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان