لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"سقوط الأسد كشف سنوات من ماضي زوجي لم أكن أعرف عنها شيئاً"

10:56 م السبت 28 ديسمبر 2024

عبد الله النوفل وزوجته

بي بي سي
في أوائل ديسمبر، اكتشفت دونا حاج أحمد، اللاجئة السورية، التفاصيل المزعجة لاعتقال زوجها في سجن الخطيب سيئ السمعة، المعروف بأنه "الجحيم على الأرض".
كانت تشاهد السجناء المذهولين وهم يفرون من أجهزة الأمن الوحشية في البلاد، على الأخبار في منزلها في لندن، بعد أن أطاحت قوات المعارضة ببشار الأسد من منصبه كرئيس.
بينما كان يبكي، التفت عبد الله النوفل، زوج دونا، الذي عاشت معه ثماني سنوات، وقال: "هذا هو المكان الذي اعتقلت فيه، هذا هو المكان".
تقول دونا، التي اعتُقل إخوتها أيضاً خلال الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاما، إن لديها فكرة سابقة عما مر به زوجها أثناء اعتقاله، لكن هذه هي المرة الأولى التي يشاركها فيها التفاصيل الكاملة.
1_1_11zon
قالت دونا: "عبد الله لا يحب مشاركة الجانب العاطفي من الأمور، فهو يحب أن يظهر كرجل قوي طوال الوقت".
وأضافت الزوجة السورية ذات الـ33 عاما، لبي بي سي: "كان ما رآه نقطة تحول.. رأيته ضعيفاً.. رأيته يبكي.. رأيته يقول: هذا هو المكان الذي كنت فيه، كان يمكن أن أكون واحداً منهم.. كان يمكن أن أكون من بينهم اليوم، أو أن أكون في عداد الموتى".
وعبّرت دونا عن شعورها حين شاهد زوجها الأحداث الجارية قائلة: "أشعر أنه عندما رأى مناظر الناس في السجن، شعر أن هذا قد يطوي صفحة مؤلمة من الماضي"، مضيفة "الآن نريد أن يسمع الناس ما مر به السوريون".
كان عبد الله، 36 عاماً، يعمل في دمشق كصاحب متجر مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في يوليو 2013 عندما أوقِف هو وزملاؤه بشكل عشوائي عند نقطة تفتيش على مشارف العاصمة السورية.
يقول عبد الله إنه شارك في الاحتجاجات المناهضة للنظام في عام 2011 في مدينة درعا الجنوبية، حيث بدأت الانتفاضة الشعبية ضد الأسد، لكنه سرعان ما نأى بنفسه عندما بدأ معارضون في استخدام العنف والأسلحة رداً على حملة قمع وحشية من قبل قوات النظام.
2_2_11zon
وعند نقطة التفتيش، أُخِذ عبد الله ووُضع في حافلة خضراء، مقيد اليدين ومعصوب العينين، ونقل إلى منطقة عسكرية، ثم وضع في الحبس الانفرادي لمدة ثلاثة أيام وتعرض للضرب.
وقال: "لقد كان الظلام دامساً لمدة ثلاثة أيام، كما أتذكر.. لم أسمع أي صوت، كان المكان شديد الظُلمة لا تسمع فيه شيئاً، تشعر بالوحدة الشديدة".
بعد ذلك، نُقل عبد الله إلى سجن الخطيب، وهو مركز احتجاز في دمشق، واقتيد إلى زنزانة بها نحو 130 سجيناً.
كان سجن الخطيب واحداً من عدة مراكز احتجاز تديرها أجهزة المخابرات السورية.
ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة، تعرض ما يقرب من 60 ألف إنسان للتعذيب والقتل في السجون التي يديرها نظام الأسد خلال الحرب الأهلية.
قبل عامين، شهدت ألمانيا محاكمة تاريخية لعقيد سوري عمل في سجن الخطيب، ورأت أنه مذنب بارتكاب جرائم ضد الإنسانية؛ حيث اتهم العقيد، أنور رسلان، 58 عاما، بتعذيب أكثر من 4000 شخص في السجن.
في المحكمة، وصف الشهود كيف تعرض المعتقلون للاغتصاب وعُلقوا من السقف لساعات عدة، ناهيك عن استخدام الصدمات الكهربائية لتعذيبهم قبل غمرهم بالماء.
وكانت حكومة الأسد الاستبدادية قد نفت في السابق اتهامات التعذيب.
"كل دقيقة تشعر بأنك تواجه الموت"
أثناء احتجازه في عام 2013، وصف عبد الله كيف كان يسمع بانتظام صراخ من يتعرضون للتعذيب، وتذكر كيف كانت الأمراض منتشرة وكيف مات نحو 20 سجيناً أثناء احتجازه هناك.
وقال لبي بي سي: "عندما بدأت أنظر حولي في كل مكان، كان هناك من يقفون عراة تقريباً.. تغطيهم الدماء، ويبدو عليهم أثر التعذيب".
وأضاف: "إذا لم تتعرض للتعذيب شخصياً، فإنهم يأخذون أحدنا كل دقيقة للتحقيق، ويعود إلى الغرفة مضرجاً بالدماء، وفي كل مرة تلمس فيها أحدهم، يصرخ لأنك لمست جرحه".
بعد 12 يوما، خضع عبد الله للاستجواب، حيث تعرض للضرب مراراً وتكراراً بسلاح معدني، على حد قوله، واتهم بنقل الأسلحة.
لم يستطع عبد الله إنكار الاتهامات الموجهة إليه؛ خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى إطالة أمد العقوبة.
3_3_11zon
وقال: "كلما استمررتَ في قول: لم أفعل ذلك، يستمرون في تعذيبك ويأخذونك إلى مرحلة أخرى من التعذيب، وفي كل دقيقة تشعر أنك تواجه الموت".
أوضح عبد الله أنه روى للضباط قصة اختلقها لتجنب الاستمرار في الاستجواب، وكان "محظوطاً" حيث أُطلق سراحه من الاحتجاز بعد شهر.
وبعد عام، غادر سوريا وحصل لاحقاً على منح دراسية في جنيف والولايات المتحدة، وهو الآن مستقر في لندن مع زوجته.
والآن فقط بدا أنه يشعر عبد الله بالقدرة على أن يحكي لزوجته قصص الرعب التي عاشها هناك، بعد أن تلاشى الخطر والخوف الذي واجهه رويداً رويداً.
وقال: "لقد تخلصنا أخيراً من النظام، ويمكننا أن نقول: نحن الآن أحرار بحق".
وأضاف: "يمكنك استخدام أسمائنا.. يمكنك التقاط صورة تُظهِر وجهنا.. كما يمكننا أن نروي القصة كاملة دون خوف".
بكت دونا، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، عندما سمعت التجارب التي مر بها زوجها لأول مرة، وقالت: "كنت أسمعه وأبكي.. وفي كل مرة بت أشعر أن هذا النظام بلغ الحد الأقصى من درجات الرعب والقصص المروعة".
واستدركت: "أشعر بالدهشة لأن هذا ربما لا يكون فعلاً أقصى درجات الرعب.. كان من الممكن أن يكون هناك المزيد".
واختتمت دونا حديثها قائلة: "نحن محظوظون لأن في استطاعتنا سرد قصتنا.. لقد مات الكثير من الناس دون أن يسمع أحد قصصهم".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان