عمر البشير في مقره الجديد بسجن كوبر البريطاني
لندن (بي بي سي)
نُقل الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، إلى سجن كوبر في الخرطوم، بعد عزله من منصبه مع استمرار الاعتصامات والاحتجاجات التي تطالب برحيل كافة رموز النظام السابق.
وعمر البشير ليس السياسي الأول الذي يُرسل إلى هذا السجن، إذ يعد كوبر بمثابة الشاهد على تاريخ السودان والمراحل السياسية التي تعاقبت عليه منذ الاحتلال البريطاني له وله حكاية طويلة في تاريخ السودان. فما هي قصته ومن هم أبرز السياسيين الذين سجنوا فيه؟
أصل التسمية
بعد سقوط الدولة المهدية (السودان)، شنت بريطانيا حملة عسكرية عليه بقيادة الجنرال هوراشيو كتشنر عام 1898 واحتلته بعد ذلك بعام في فترة حكم الخليفة عبدالله التعايشي عام 1899.
واجهت بريطانيا مقاومة من السودانيين بعد احتلالها، فأمر مسؤول بريطاني كان يدعى الجنرال كوبر، ببناء أكبر سجن لضم جميع المعارضين السياسيين والعسكريين المناهضين للوجود البريطاني.
فتم تشييد السجن على الطريقة البريطانية في العاصمة السودانية الخرطوم عام 1903، بأمر من كوبر، وبلغت مساحتها خمسة آلاف متر مربع.
ويشبه تصميمه الهندسي سجن بيرمنغهام في المملكة المتحدة. ومن هنا جاءت تسميته على اسم كوبر، وهو الاسم الذي أطلق على الحي الذي بني فيه السجن أيضاً.
ورغم تغيير اسمه في الآونة الأخيرة إلى سجن عمر المختار، ولاحقاً السجن القومي، إلا أن اسم كوبر بقي الأكثر تداولاً.
وللسجن 14 قسماً، فهو يفصل المحكومين بالإعدام عن السياسيين أو الجرائم الجنائية أو الأحكام المؤبدة وغيرها من أنواع العقوبات، وهو أحد أكبر السجون في العاصمة السودانية.
إلا أن القسم السياسي لا يزال الأبرز، إذ شُيد خصيصاً لهذا الغرض، رغم تقلب السياسات الحاكمة في البلاد وتغير وجوه حكامها يساريين كانوا أو إسلاميين.
وتقول صحيفة "الراكوبة" السودانية، إن تسمية السجن على اسم كوبر كانت بسبب معاملته الإنسانية لنزلائه.
أبرز سجناء كوبر
شهد سجن كوبر تاريخاً حافلا من الاعتقالات السياسية من جميع الأطراف في السودان.
ففي عام 1924، تم سجن قيادات "الحركة الوطنية" وقادة أعضاء جمعية "اللواء الأبيض" اللتين كانتا مناهضتين للاحتلال البريطاني.
تم اعتقال إسماعيل الأزهري الذي كان أول رئيس لحكومة وطنية ووزيراً للداخلية عام 1969، في فترة انقلاب مايو برئاسة جعفر النميري، الذي أصبح رئيسا للسودان في الفترة بين 1969-1985.
شهد عام 1985، أكبر عدد من الاعتقالات على يد النميري، ولكن وقف الفريق عبد الرحمن سوار الذهب إلى جانب الشعب وقاد انقلابه ضد النميري وأطلق سراح معظم المعتقلين السياسيين، لينهي حكم النميري واعتقال رموز نظامه ، كان من أبرزهم اللواء عمر الطيب.
وفي عام 1989، مرَّ السودان بانقلاب آخر برئاسة العميد عمر البشير، فاعتقل السياسيين وزجّ بهم في كوبر، وكان من أبرزهم، محمد عثمان الميرغني، زعيم الاتحاد الديمقراطي والصادق المهدي الذي كان رئيس الوزراء ورئيس حزب الأمة، وحسن الترابي الذي كان أمين عام الجبهة الإسلامية، الذي قيل إنه كان وراء تدبير الإنقلاب.
وفي 16 أبريل 2019، اقتيد رئيس السودان السابق عمر البشير إلى كوبر بعد احتجاجات ومظاهرات السودانيين التي استمرت لشهور والتي أطاحت به وبعض من رموز نظامه، بمن فيهم اثنين من أشقائه، في الوقت الذي لا يزال فيه السودانيين مستمرين في احتجاجاتهم إلى أن تتحقق جميع مطالبهم.
إعدامات
من أشهر الإعدامات التي وقعت في كوبر، إعدام قيادات الحزب الشيوعي السوداني عام 1971 بعد فشل الرائد هاشم العطا في انقلابه. ومن أبرزهم أمين عام الحزب عبد الخالق محجوب وأمين عام اتحاد نقابات عمال السودان وعضو اللجنة المركزية لاتحاد العمال العالمي الشفيع أحمد الشيخ.
ووصفت منظمة العفو الدولية سجن كوبر بالسجن "سيء السمعة" بسبب الأساليب الوحشية التي استخدمت في استجواب نزلائه.
فيديو قد يعجبك: