لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الصعود البطيء للمرأة في المملكة العربية السعودية

01:09 ص الأربعاء 15 أبريل 2015

الصعود البطيء للمرأة في المملكة العربية السعودية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لندن(بي بي سي)

التغيير قادم للمرأة السعودية، ولكن ببطء. لسنوات طويلة، أبقت القوانين الصارمة والتقاليد المحافظة المرأة السعودية خارج أماكن العمل، 60 في المئة من خريجي الجامعات السعودية هم من النساء، ومع ذلك، بالكاد تصل نسبة من يدخلن سوق العمل 15 في المئة.

القيود تتصدع، ولكن ببطء. فقد ارتفع عدد النساء السعوديات العاملات في القطاع الخاص من 55 ألفاً عام 2010 إلى 454 ألفاً بنهاية عام 2013، طبقاً لأرقام نشرتها وزارة العمل السعودية.

ويعود الفضل في هذه الزيادة إلى عاملين، هما مطالبة المرأة بحقوقها، وسلسلة الإصلاحات التي أدخلها الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، الذي سمح بدخول نساء إلى مجلس الشورى، وعين أول امرأة في منصب نائب وزير، وخفف بشكل عام القيود على الوظائف التي يمكن أن تتولاها المرأة.

فقد بات الآن يسمح للمرأة السعودية بالعمل في مجال الفندقة والبيع، كما شهدت نهاية عام 2013 منح أول نساء سعوديات لشهادة المحاماة، كما تقوم المملكة الآن بتوظيف النساء في السلك الدبلوماسي. فضلاً عن ذلك، أصبح من الممكن للنساء تولي وظائف مثل رئاسة تحرير الصحف، أو تقديم برامج حوارية في التلفزيون.

تقول عبير مشخص، محررة صفحة المنوعات في جريدة الشرق الأوسط التي تتخذ من لندن مقراً لها: "ينظر الناس من الخارج إلى عمل المرأة في محل تجاري كأمر تافه، لكن بالنسبة للمرأة السعودية، يعتبر هذا تطوراً بالغ الأهمية. الأمور لا تسير بالوتيرة التي ينبغي أن تسير بها، لكن الأمور تتحرك بالتأكيد، وقد رأينا تغيراً كبيراً خلال السنوات العشر الماضية، إذ أصبح بإمكان المرأة العمل في وظائف ومجالات لم تكن تحلم بها من قبل".

جسر الهوة

ويقول خالد الخضير، المؤسس والمدير التنفيذي لـ "غلوورك"، أول وكالة توظيف سعودية متخصصة في توظيف النساء: "بينما تجد الخريجات من النساء السعوديات مؤهلات ويرغبن في العمل، إلا أنهن يفتقدن إلى معرفة أمور أساسية عن بيئة العمل. ففي حالات كثيرة، لم يحدث أن اختلطت المرأة بأحد من الرجال خارج نطاق الأسرة".

وفي محاولة لجسر الهوة بين التعليم والوظيفة، أطلقت تلك المؤسسة خطوة استباقية عام 2013، باتت الآن حدثاً سنوياً يربط بين النساء وفرص العمل المتوفرة، وتتلخص في تنظيم ورش عمل لتدريب النساء على كتابة السيرة الذاتية وكيفية التصرف عندما يستدعين لمقابلات العمل.

ويضيف الخضير أن الاجتماع الأول ضم في الرياض 45 مؤسسة عام 2013، أما لقاء هذا العام فسيعقد في ثلاث مدن، هي الرياض، وجدة، والدمام خلال شهر أبريل، ويتوقع أن يشارك فيه حوالي 300 شركة.

بدأت حفصة الغيد، بنت الـ 23 عاماً، والتي تخرجت من جامعة الملك سعود بالرياض في تخصص ترجمة الإنجليزية، مؤخراً عملها كمترجمة من العربية إلى الانجليزية في السفارة الهولندية في الرياض بعد أن قدمت لهذه الوظيفة من خلال شركة غلوورك.

وتقول الغيد التي تعتقد أنها أول امرأة سعودية تعمل في سفارة أجنبية في الرياض إنها تلقت من والديها التشجيع، وأنهما يشعران بالفخر لتحقيقها هذا الإنجاز.

وتضيف: "لطالما رغبت في العمل، وكانت أولويتي بعد التخرج هي الحصول على وظيفة. لقد رغبت في أن أكون مستقلة، وأن أعتمد على نفسي. لقد رأيت النساء المتزوجات لا يستطعن الاعتماد على أنفسهن إذا تعرضن للطلاق."

وتقول الغيد إنها تطوعت أيام الدراسة الجامعية في لجنة طلابية، مما مكنها من العمل بدوام جزئي في تنظيم المناسبات، وأعطاها الفرصة للاختلاط بالرجال خارج إطار العائلة.

وتتابع: "بعض النساء لا يرغبن في التعامل مع الرجال من خارج العائلة، لكن بالنسبة لي، أنا لا أرى مانعاً من ذلك، لأنني أنظر للأمر على أنه مجرد عمل."

ويرجع الخضير الفضل في إتاحة الفرصة أمام السعوديات للعمل في القطاع الخاص إلى الإصلاحات الحكومية، وبرامج السعودة التي تحدد عددا معينا للسعوديين الذين ينبغي أن توظفهم الشركات والمؤسسات، في محاولة لتخفيف اعتماد المملكة على الوافدين، وخفض معدلات البطالة.

ويضيف الخضير: "يوجد عدد من القوانين والمبادرات الجديدة التي تقودها حالياً شركات عالمية، لكن سوق العمل المحلي أيضاً يشهد زيادة في فرص العمل للنساء".

التحديات في مواجهة الفرص

بموجب القانون السعودي، ينبغي أن يكون مع النساء محرم، مثل الأب أو الزوج أو الأخ أو حتى الابن. وهذا المحرم هو الذي يمنح المرأة الإذن للسفر، أو العمل، أو الزواج، أو الطلاق، أو فتح حساب في البنك، أو إجراء عملية جراحية.

لكن تطبيق مبدأ المحرم يختلف في صرامته من عائلة لأخرى.

مازال أمام المرأة السعودية معوقات كبيرة، خصوصا لمن يرغبن في العمل خارج قطاعات التعليم، أو الرعاية الصحية. ويقول الخضير إن شركته تلقت شكاوى وتهديدات من جهات تعارض عمل المرأة السعودية.

ويشرح ذلك بالقول: "عندما نساعد النساء على الحصول على وظيفة في أسواق السوبرماركت، يستغرب الناس، وأبدأ بالقول: ما الذي ورطت نفسي فيه. لكنني قررت المضي قدماً لأنه من رحم التحديات تولد الفرص. ما الفائدة من تعليم النساء إذا كن لا يستطعن اقتحام سوق العمل؟".

لا يسمح للنساء السعوديات بقيادة السيارة، وهو ما يعيق عمل المرأة. ويشرح ستيفين هيرتوغ، الأستاذ المساعد للسياسة المقارنة بجامعة LSE في لندن: "المواصلات عامل في غاية الأهمية. العائلات الميسورة لها سائقها الخاص، وبعض الشركات الكبرى توفر المواصلات للعاملات فيها، لكن ذلك ليس شائعاً، وهو تكلفة إضافية على عاتق أي مؤسسة. إن عدم السماح للمرأة بقيادة السيارة عقبة كأداء في طريق انخراط النساء في سوق العمل."

ممنوع دخول الرجال

توفر بعض الشركات أماكن عمل خاصة بالنساء انسجاماً مع القيم المحافظة التي تحملها كثير من العائلات، التي لا ترغب في اختلاط النساء مع الرجال خارج إطار الأسرة.

على سبيل المثال، يوظف أحد مراكز تنظيم العمل في حي العقارية بالرياض 500 امرأة سعودية يقدمن خدمات مالية وخدمات خاصة بشؤون الموظفين لعدد كبير من العملاء، بما في ذلك شركة جنرال إليكتريك العالمية العملاقة، وشركة الغاز والنفط السعودية أرامكو، وشركة الاتصالات السعودية.

وقد افتتح المركز الذي تديره شركة تاتا للاستشارات في سبتمبر عام 2014، ويهدف في المستقبل إلى توظيف حوالي 3000 امرأة.

يقول هيرتوغ إن الدراسات أظهرت أن غالبية النساء يفضلن أماكن عمل خاصة بهن، وذلك لخشيتهن من التعرض للتحرش الجنسي، لكن الأهم هو عدم قبول عائلاتهن بأن يعملن في أماكن مختلطة.

لكنه ينتقد البعد الاقتصادي لهذه المفاهيم بالقول: "وجود أماكن عمل خاصة بالنساء يضيف كثيرا من الأعباء المالية للشركة الموظفة، نظراً للحاجة إلى مداخل ومخارج منفصلة، وأماكن خدمات منفصلة. لذا، لا أعتقد أن وجود أماكن عمل خاصة بالنساء على نطاق أوسع أمرا واقعيا."

ومن الانتقادات الأخرى لذلك التوجه أن فصل النساء عن الرجال في مكان العمل يؤدي إلى مزيد من الفصل في المجتمع السعودي، ويضعف من الروابط الاجتماعية على المدى البعيد. لكن المؤسسات والشركات التي تطبق الفصل لا تتفق مع هذا الرأي.
يقول هشام الباهكالي، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة جنرال موتورز في السعودية: "لا يتعلق الأمر بالموافقة على الفصل، ولكنه يتعلق بخلق فرص عمل للنساء في بيئة عمل جيدة لتشجيعهن على السعي للحصول على وظيفة."

الصورة الأشمل

يعتقد هيرتوغ أن فتح العمل أمام النساء في القطاع الخاص يحتاج أن تعالج المملكة العربية السعودية عددا أشمل من القضايا. ويضيف: "يميل السعوديون إلى القطاع العام بسبب الرواتب الأعلى، والأمان الوظيفي، وعدد ساعات العمل الأقل.

لكن ذلك يحتاج إلى تغيير إذا أراد القطاع الخاص أن يستوعب سعوديين أكثر، سواء من الرجال أوالنساء."

كما يلقي هيرتوغ ظلالاً من الشك على الاحصائيات التي نشرتها وزارة العمل السعودية حول ارتفاع نسبة وعدد النساء العاملات في المملكة.

ويقول إنه كنتيجة لسياسة الحكومة الرامية إلى سعودة الوظائف، تقوم بعض الشركات بإضافة السعوديين إلى قوائم موظفيها لمجرد الوفاء بما تطلبه وزارة العمل، ويدفعون لهم رواتب دون أن يطلبوا منهم حتى القدوم إلى العمل.

ولكنه يستدرك قائلاً: "ومع ذلك، حتى لو كان نصف هذا العدد المعلن من النساء يتولى فعلاً وظائف حقيقية، فهذا في ذاته يعتبر نمواً مهماً".

ويقر الخضير بأن الطريق ما زال طويلاً أمام حصول المرأة السعودية على المساواة في مكان العمل. وبينما لا يخفي حماسه للتغييرات الجارية، حذر من التوقعات الوهمية قائلاً: "كل شيء ينبغي أن يتم وفقاً لنظام محدد. لا يمكنك تغيير التقاليد التي توطدت في مجتمعنا لسنوات طويلة بين عشية وضحاها، ثم تتوقع أن يتقبل الناس ذلك."

وتتفق عبير مشخص مع هذا الرأي، وتقول: "لا يمكنك مقارنة الوضع الآن بما كان عليه في الماضي، لكن الناس من خارج المملكة لا يرون حجم ما حصل من تغيير. هم يركزون فقط على الأشياء التي لم تتغير بعد."

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: