إعلان

يوم في مجلة "شارلي إبدو" الفرنسية

09:57 م الخميس 08 يناير 2015

تتميز صحيفة "شارلي إبدو" الأسبوعية الساخرة بأسلوب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بي بي سي:

يتذكر رسام الكاريكاتير الهندي فيشواغيوتي غوش، الذي كان صديقا لبعض من قتلوا في الهجوم الدامي على مجلة "شارلي إبدو" الفرنسية يوم الأربعاء، تفاصيل يوم لا ينسى مع الفنانين الشجعان في مكاتب المجلة الفرنسية الساخرة.

مائدة مستديرة كبيرة، وأوراق بيضاء متناثرة في كل مكان، وعدد قليل من الأقلام السوداء - كانت هذه هي المشاهد الأولى المحفورة في ذاكرتي عندما دخلت غرفة أخبار مجلة "شارلي إبدو" في العاصمة الفرنسية باريس للمرة الأولى.

كان الاجتماع التحريري منعقدا في الصباح الباكر. ووصل بعض الفنانين إلى مقر المجلة، في حين كان آخرون في طريقهم، وبدأ التفكير في كيفية سير العمل.

وبينما بدأ رسامو الكاريكاتير يفكرون بصوت مرتفع، وقف رئيس التحرير إلي جانب سبورة بيضاء يتحدث عن أفكار وموضوعات الطبعة المقبلة.

قلت لنفسي هذه هي إذن كيفية عمل المجلة، التي تتكون من 12 صفحة جميعها عبارة عن رسوم كاريكاتورية سياسية، مع افتتاحية صغيرة.

وشهد الاجتماع طرح مزيد من الأفكار والنكات عبر الطاولة، وبدأ بعض رسامي الكاريكاتير بالفعل يومهم وعلامات الجد تبدو على وجوههم.

وهرع صديقي تيغنوس إلى الداخل بسرعة كبيرة وكأنه صبي وصل إلى مدرسته للتو.

كانت الموضوعات مكتوبة على السبورة البيضاء، وأمسك رسامو الكاريكاتير بأقلامهم السوداء وبدأوا عملهم على الورق.

كنت في فرنسا في بعثة فنية في ذلك الوقت والتقيت آنذاك بتيغنوس عبر صديق آخر.

كان هذا في عام 2004 وكان المنتدى الاجتماعي العالمي منعقدا في مدينة مومباي الهندية وكان بعض رسامي الكاريكاتير بمجلة "شارلي إبدو" في طريقهم إلى هناك لتغطية الحدث.

قدمني تيغنوس على أنني رسام كاريكاتير من الهند، وتوقع الجميع أن أتحدث عن المنتدى الاجتماعي العالمي، أو ولع الفكر الفرنسي بالأديبة الهندية أرونداتي روي، الحائزة على جائزة بوكر، والتي كانت قد ألقت محاضرة في جامعة السوربون حول حرب العراق قبل بضعة أشهر.

اكتفيت بالابتسامة، ثم قدموني إلى رجل يجلس بجواري يدعى كابو، سبق وأن سافر إلى الهند ونشر كتابا من الرسوم عن الهند.

تجاذبنا أطراف الحديث، وتحدثنا عن المدن التي سافرنا إليها والسخافات التي يكتشفها رسامو الكاريكاتير في كثير من الأحيان، إن لم يكونوا يبحثون عنها في حقيقة الأمر.

كانت سياسة الصحيفة واضحة آنذاك، وهي الاستخفاف والسخرية من كل شيء.

في ذلك الوقت كان هناك فتاة قد منعت من ارتداء الحجاب في المدرسة في فرنسا، وكانت هذه القضية تتصدر عناوين الصحف.

كانت فرنسا كلها تتحدث عن تلك القصة، وكان رسامو الكاريكاتير يتناولونها برسوماتهم الساخرة وينتقدون كلا الجانبين من النقاش.

وبالنظر إلى العديد من القضايا التي تتناولها المجلة كان واضحا أنها لا تستثني أحدا من النقد والسخرية: رجال الدين والمؤسسات ومثلي الجنس والأديان، وبطبيعة الحال، لا تستثني نيكولا ساركوزي الذي كان آنذاك يشغل منصب وزير الداخلية في فرنسا.

وكانت الرسوم تعرض على السبورة البيضاء، ثم يختار الأفضل منها لكي ينشر في المجلة.

وكان رئيس التحرير وكبار الموظفين يناقشون الموضوعات، ثم يفتحون نقاشا طويلا، ويتم اختيار الموضوعات بصورة ديمقراطية تماما.

وبعد مرور بعض الوقت، سألني كابو: "لماذا لا ترسم؟ دعنا نرى ما إذا كان حسك الفكاهي جيدا أم لا". ابتسمت ورسمت عددا قليلا من الأشياء، التي لاقت استحسانا كبيرا.

أصبحنا أنا وتيغنوس صديقين جيدين للغاية بمرور الوقت، على الرغم من أننا لا نتحدث لغة بعضنا البعض.

كانت زوجته تتولى عملية الترجمة وكانت كثيرا ما تجد صعوبة في ترجمة النكات الساخرة التي كنا نتبادلها.

هؤلاء الرجال الذين سخروا من كل شيء يسخرون الآن من الموت أيضا، من خلال أقلامهم السوداء التي تعبر عن أفكارهم بشكل دائم على أوراق بيضاء.

وعندما يصبح الكاريكاتير السياسي أسهل تهديد للشخص غير المتسامح، فإن الروح تدب في تلك الأقلام لكي ترسم وتسخر وتنقد.

قد نتفق أو نختلف مع سياسة مجلة "شارلي إبدو"، لكني أعتقد أن هناك حاجة لألف "شارلي إبدو" لكي نضحك ونفكر ونناقش، ثم نضحك مرة أخرى.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان