كارثة محتملة .. ماذا نعرف عن أزمة الديون ومصير الدولار في أمريكا؟
كتبت - شيماء حفظي:
تواجه الولايات المتحدة الأمريكية - أكبر اقتصاد في العالم - كارثة وشيكة بسبب الديون المتراكمة التي قد لا تتمكن من سدادها بحلول مطلع الشهر المقبل، فيما لا تزال تكافح لكبح التضخم الذي سجل 4.9% في أبريل.
ووصلت الحكومة إلى الحد الأقصى "سقف الدين" المسموح به، بينما تطالب برفع هذا السقف لتتجنب التخلف عن السداد، وسط معركة محتدمة بينها وبين الكونجرس، وهو ما ينذر بأزمة لن تؤثر فقط على الاقتصاد الأمريكي ولكن على الاقتصاد العالمي.
لماذا تواجه أمريكا أزمة ديون؟
تبلغ قيمة الديون المستحقة على الولايات المتحدة 31.4 تريليون دولار، وهذا الرقم هو آخر حد سُمح للحكومة بالاقتراض عنده.
وتسعى وزارة الخزانة الأمريكية لتنفيذ "إجراءات استثنائية حتى لا تتخلف عن سداد هذه الديون" سواء للمقرضين أو المواطنين.
يعني هذا ببساطة، أن الحكومة تريد من المشرعين السماح لها بالاقتراض مرة أخرى لتتمكن من سداد القروض القديمة.
لكن إذا لم يوافق الكونجرس على رفع حد الدين لتتمكن الحكومة من الاقتراض مجددا لن يكون لدى الولايات المتحدة سيولة كافية لسد ديونها "ستتخلف عن السداد".
وعادة ما تكون الموافقة على رفع سقف الدين "إجراء شكلي" في الكونجرس، لكن هذه المرة لا يبدو أنه سيوافق دون شروط تتعلق بخفض الإنفاق، خاصة بعدما سيطر الجمهوريون على الأغلبية على حساب الديموقراطييين (الطرف الذي ينتمي إليه الرئيس جو بايدن)، بينما تقول الحكومة إنها لن تقدم تنازلات.
ماذا سيحدث؟
في مطلع مايو الجاري، نشر البيت الأبيض تقرير عن تحليلات أجراها الكونجرس ووزارة الخزانة الأمريكية، تشير إلى أن واشنطن تقترب بسرعة من التاريخ الذي لن تعد فيه الحكومة قادرة على دفع فواتيرها.
"حتى الاقتراب من خرق سقف الديون الأمريكية يمكن أن يتسبب في اضطرابات كبيرة للأسواق المالية" بحسب تقرير البيت الأبيض، الذي أشار إلى أن الأسواق تقوم بالفعل حاليا بتسعير "حافة الهاوية" المتعلقة بتخلف الحكومة الفيدرالية عن السداد من خلال علاوات المخاطر العالية.
وفي حال تخلفت حكومة الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها، فإن الاقتصاد الأمريكي سيتحول من النمو إلى الانكماش وسترتفع معدلات البطالة مع انخفاض معدل خلق الوظائف.
وفقا لما نقلته بي بي سي عربية، حذرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، من أن سياسة المغامرات الخطيرة بشأن سقف الديون تشكل "خطرا جسيما" على الاقتصاد.
" البلاد ستواجه كارثة إن لم تف بالتزاماتها المالية" بحسب الوزيرة التي قالت إن كل الخيارات المتاحة أمام واشنطن "سيئة".
وتوقع مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في Moody's Analytics، أنه حتى مع التخلف عن السداد لفترة وجيزة، فإن "الأزمة، التي تتميز بارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض أسعار الأسهم، ستشتعل".
وأشار إلى أن أسواق التمويل قصيرة الأجل، والتي ستكون ضرورية لتدفق أموال تساعد الاقتصاد الأمريكي على تلبية احتياجاته من التعاملات اليومية "من المحتمل أن تغلق أيضا".
ووفقًا لموديز، حتى خرق حد الدين القصير يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وفقد ما يقرب من 2 مليون وظيفة، وزيادة معدل البطالة إلى ما يقرب من 5%، فيما سجل معدل البطالة في أبريل الماضي 3.4%.
مصير الدولار
كما أشار اقتصاديون في معهد بيترسون، إلى أن انخفاض الطلب على سندات الخزانة من شأنه أن يضعف دور الدولار في الاقتصاد العالمي، حيث رجح الاقتصاديون أن "يؤدي ضعف المشتريات الرسمية بالدولار إلى زيادة التقلبات في قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى وانخفاض السيولة، مما يدفع المستثمرين إلى تقليل حيازاتهم من الدولار في أي شكل".
وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، إنه في حال تخلفت أمريكا عن السداد فإن الوكالة ستنقل تصنيف أمريكا من مستوى RD ( تخلف مقيد) إلى مستوى D حتى يتم معالجة التخلف عن السداد.
لكن في حال تمكنت الحكومة من تخطي هذه الأزمة، من خلال الاقتراض مجددا، سيستمر نمو الوظائف، وهو ما سيعد مؤشر جيد للاقتصاد ونموه.
ليست أمريكا فقط!
وفي مؤتمر صحفي لمديرة التواصل في صندوق النقد الدولي جولي كوزاك يوم الخميس، قالت إن هذا النقاش في أمريكا يأتي في "وقت صعب للغاية بالنسبة للاقتصاد العالمي".
وفي تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الأخير، خفض صندوق النقد توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري إلى 2.8% من 2.9%.
"تقييمنا هو أنه ستكون هناك تداعيات خطيرة للغاية، ليس فقط على الولايات المتحدة ولكن أيضًا على الاقتصاد العالمي إذا كان هناك تخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة" بحسب ما نقله موقع الصندوق عن مؤتمر كوزاك.
وأوضحت كوزاك أن الصندوق يشجع "بشدة " الأطراف في الولايات المتحدة على العمل معا للتوصل إلى إجماع لمعالجة هذه المسألة "على وجه السرعة".
فيديو قد يعجبك: