سعر الصرف والفائدة.. 8 ملفات ساخنة تواجه حسن عبد الله في البنك المركزي
كتبت- منال المصري:
يواجه حسن عبد الله الوافد الجديد للبنك المركزي المصري في منصب القائم بأعمال محافظ البنك مهمة صعبة يتصدرها التعامل مع عدد من الملفات الرئيسية مستهدفا من خلالها دعم الاقتصاد المصرفي واستمرار كفاءة عمل المنظومة المصرفية.
وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليو الخميس قرارا جمهوريا، بتعيين حسن عبد الله قائما بأعمال محافظ البنك المركزي.
ويأتي ذلك بعد أن قدم طارق عامر استقالته أمس الأربعاء من منصب محافظ البنك المركزي، والتي قبلها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأصدر قرارا بتعيين عامر، مستشارا لرئيس الجمهورية.
ويرصد مصراوي في السطور التالية أبرز الملفات التي تنتظر القائم بأعمال البنك المركزي بعد تعيينه اليوم
سعر الصرف
ضبط منظومة سعر الصرف ستكون من أكثر الملفات المهمة والصعبة التي تواجه حسن عبد الله، والتي تحتاج إلى مايسترو قادر على التوازن بين توفير سعر صرف مرن وفي نفس الوقت تجنب وجود صدمات سعرية تزيد من أعباء المواطنين.
ويواجه سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية عددا من الضغوطات على رأسها تراجع موارد النقد الأجنبي بسبب تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، وتشديد السياسة النقدية عالميا، إلى جانب تشديد الإجراءات المتعلقة بالاستيراد مما أسهم في تراجع المعروض من بعض أنواع السلع بالأسواق وبالتالي يؤدي أي تغيير في هذه الإجراءات إلى زيادة كبيرة في الطلب على العملات الأجنبية.
وشهد سعر صرف الجنيه تراجعا ملحوظا مقابل العملات الأجنبية خلال الشهور الأخيرة، وارتفع سعر الدولار بنسبة وصلت إلى 21.7% عند مقارنة مستواه اليوم بما كان عليه في 20 مارس الماضي قبل التحركات الملحوظة لسعر الصرف، حيث وصل متوسط السعر في البنوك إلى 19.10 جنيه للشراء و19.18 جنيه للبيع اليوم.
الاتفاق مع صندوق النقد الدولي
يشارك المسؤولون بالبنك المركزي في إتمام مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي لإطلاق برنامج تعاون جديد مصاحب بتمويل يسهم في سد الفجوة التي تعاني منها مصر، وهو ما يأتي في وقت تشهد فيه المفاوضات بعض التعثر ونقاط خلافية في البرنامج كما يبدو.
كان صندوق النقد الدولي أعلن في مارس أن مصر طلبت مساعدة. وقال الصندوق، في يوليو الماضي، إنه أجرى مناقشات مثمرة مع السلطات المصرية حول السياسات والإصلاحات الاقتصادية التي ستدعمها تسهيلات الصندوق الممدد في الفترة المقبلة.
وبحسب الصندوق، تتفاوض مصر للحصول على تسهيل الصندوق الممد (EFF) وهو أحد البرامج التي يتيحها الصندوق لأعضائه.
وفي مايو الماضي، توقع مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، أن تصل مصر لاتفاق مع الصندوق في غضون أشهر.
قواعد ترشيد الاستيراد
يترقب مجتمع الأعمال موقف القائم بأعمال محافظ البنك المركزي بشأن قرار المحافظ السابق في فبراير الماضي بوقف العمل بمستندات التحصيل في عمليات الاستيراد والاعتماد على الاعتمادات المستندية بدلا منها.
كان البنك المركزي أصدر قرارًا منتصف فبراير الماضي بوقف التعامل بمستندات التحصيل في كافة العمليات الاستيرادية وذلك في إطار توجيهات حوكمة عمليات الاستيراد، واستثنى من ذلك 15 سلعة استراتيجية، ولاقى قرار المركزي اعتراضًا من عدد من منظمات الأعمال، بينما تمسك البنك المركزي في المقابل بموقفه من تطبيق القرار.
وفي محاولة لتهدئة الأجواء أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في مايو الماضي توجيهًا باستثناء مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من فتح الاعتمادات المستندية بالبنوك قبل عملية الاستيراد، والعودة إلى النظام القديم من خلال مستندات التحصيل.
وأعلن تشكيل مجموعة عمل برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية كل من محافظ البنك المركزي، ووزير المالية، ووزيرة التجارة والصناعة، وجهات الاختصاص الأخرى، للقيام بالمتابعة الدورية والتقييم المنتظم لمنظومة إجراءات الاستيراد ومدى تلبيتها لاحتياجات عملية الإنتاج.
وأقرت البنوك في أبريل تعليمات جديدة تمنع قبول موارد النقد الأجنبي غير معلومة المصدر أو التي حصل عليها من شركات الصرافة، في العمليات الاستيرادية وهو ما أسهم في تعميق الأزمة.
احتياطي النقد الأجنبي
سيكون الحفاظ على المستويات الحالية لاحتياطي النقد الأجنبي والعمل على إعادة بنائه من أهم الملفات التي ستواجه القائم بأعمال محافظ البنك المركزي، وكيفية تدبير احتياجات البلاد من العملة في ظل تراجع موارد النقد وارتفاع فاتورة الاستيراد.
وفقد احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري نحو 7.8 مليار دولار من قيمته بنسبة 19% خلال أول 7 أشهر من العام الجاري، وذلك تزامنا مع تداعيات أزمة أوكرانيا على الاقتصاد العالمي والمحلي والتي استدعت استخدام جزء من هذا الاحتياطي خلال بعض هذه الشهور.
واضطر البنك المركزي أن يستخدم جزءا من احتياطي النقد الأجنبي لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، وأيضا لمواجهة تداعيات حرب أوكرانيا وتشديد السياسة النقدية عالميا، وذلك بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له عند 45.5 مليار دولار في فبراير 2020.
ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة
تطوير السياسات النقدية لتتواكب مع المتغيرات الاقتصادية العالمية جاءت على رأس التكليفات التي أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع حسن عبد الله القائم بأعمال محافظ البنك المركزي الجديد بعد تعيينه.
ويواجه حسن عبد الله اختبارا صعبا يتمثل في مواجهة معدلات التضخم المرتفعة التي شهدتها البلاد خلال الشهور الأخيرة والتي يتوقع محللون أن تستمر حتى نهاية العام الجاري على الأقل.
كما يتضمن هذه الاختبار كيفية استخدام سلاح أسعار الفائدة في مواجهة التضخم والضغوط التضخمية في الفترة المقبلة خاصة في ظل الحاجة إلى التوازن بين مواجهة التضخم وتعويض المدخرين وجذب الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين وبين ارتفاع عبء فوائد الدين على الموازنة وزيادة تكلفة الاقتراض لمجتمع الأعمال والتأثير على الاستثمار في البورصة.
من أهم أهداف لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي استيعاب الضغوط التضخمية والعمل على استقرار الأسعار في ظل تسجيله ارتفاع متتالي بداية من مارس الماضي بسبب وجود تضخم مستورد ناجم عن ارتفاع فاتورة الاستهلاك.
وبحسب آخر أرقام التضخم، عاد معدل التضخم السنوي في المدن إلى الارتفاع خلال يوليو الماضي، ووصل إلى 13.6% مقابل 13.2% في يونيو، وفقا لبيانات الجهاز، وذلك رغم تراجع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية للشهر الثاني على التوالي مسجلا 14.6% مقابل 14.7% في يونيو.
ولا يزال معدل التضخم السنوي في المدن متجاوزا النطاق المستهدف الذي وضعه البنك المركزي لمعدل التضخم السنوي عند مستوى 7% (بزيادة أو نقصان 2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022.
طالما استخدم البنك المركزي سلاح تحريك أسعار الفائدة في مواجهة تداعيات الأزمات التي تعرض لها الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة سواء مواجهة أزمة العملات الأجنبية وانتعاش السوق السوداء للدولار قبل التعويم، وتداعيات تحرير سعر الصرف وارتفاع التضخم في 2017، وكذلك تداعيات جائحة كورونا في 2020، إلى جانب حرب أوكرانيا وسياسة التشديد النقدي عالميا في الشهور الأخيرة.
الدين الخارجي
يلتزم البنك المركزي بسداد فوائد وأقساط لتكلفة الدين الخارجي بشكل منتظم على مدار العام في مواعيد استحقاقه وهي مهمة رغم صعوبتها في ظل التداعيات العالمية الحالية لم يغفل البنك المركزي عن أدائها بقوة وانتظام مؤكدا التزام مصر التام بسداد أي مستحقات عليها دون تأخير.
وأظهرت بيانات للبنك المركزي أن مصر سددت خلال أول 9 أشهر من العام المالي الماضي نحو 20 مليار دولار كمدفوعات عن خدمة الدين الخارجي.
وبحسب بيانات النشرة الشهرية للبنك عن شهر يوليو الماضي، والصادرة أمس، توزعت هذه المدفوعات بين نحو 16.6 مليار دولار لأقساط الدين الخارجي المسددة خلال الفترة، ونحو 3.3 مليار دولار للفوائد المسددة عن هذا الدين.
وارتفع الدين الخارجي لمصر بنهاية مارس الماضي إلى نحو 157.8 مليار دولار مقابل 137.9 مليار دولار في نهاية يونيو 2021 بزيادة نحو 19.9 مليار دولار في أول 9 أشهر من العام المالي 2021-2022.
وتعمل الدولة حاليا على السيطرة على الدين الخارجي ومعدلاته بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي وتطويل آجال الدين خلال المرحلة المقبلة، من أجل عدم ضغط الموازنة العامة للدولة وعدم تحميل الخزانة العامة أعباءً كبيرة.
تطوير الجهاز المصرفي
تتضمن مهام محافظ البنك المركزي الجديد استكمال منظومة تطوير منظومة الجهاز المصرفي للاستمرار في قيام بدوره بدعم الاقتصاد المصري.
وسيباشر محافظ البنك المركزي الجديد انتهاء كافة البنوك بزيادة الحد الأدنى لرأسمالها إلى 5 مليارات جنيه مع قرب نهاية فترة توفيق الأوضاع في نهاية سبتمبر المقبل طبقا لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الجديد.
كما سيحسم محافظ البنك المركزي الجديد إمكانية استمرار طرح المبادرات ذات الفائدة المدعمة لقطاع الصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والسياحة دون تغيير في ظل مطالبات من صندوق النقد الدولي بعدم وجود سعر فائدة مدعم.
وسيعمل البنك المركزي أيضا في الفترة المقبلة على استكمال نشر الشمول المالية والتكنولوجيا المالية وأدوات الدفع الإلكتروني والتعاملات اللانقدية في إطار سياسة الدولة في هذا الشأن.
التنسيق بين السياسة النقدية والمالية
يحتاج القائم بأعمال محافظ البنك المركزي إلى استمرار التنسيق مع الحكومة خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المحلي والعالمية من أجل توافق قرارات السياسة النقدية مع السياسة المالية من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من أي إجراءات للإصلاح الاقتصادي ومواجهة أي تداعيات سلبية على الاقتصاد.
فيديو قد يعجبك: