نوبات جامحة وتصحر الدلتا.. رئيس قطاع الكوارث بـ"الوزراء" يكشف مخاطر التغيرات المناخية (حوار)
حوار- محمد نصار:
كشف اللواء محمد عبد المقصود، رئيس قطاع الأزمات والكوارث والحد من المخاطر بمجلس الوزراء، عن مخاطر التغيرات المناخية على مصر والأماكن الأكثر عرضة للتأثر بها من حيث العمر أو تملُّح التربة والتصحُّر.
وقال عبد المقصود، في حواره مع "مصراوي"، إن التغيرات المناخية ستؤدي إلى غمر أجزاء من السواحل الشمالية، كما ستؤدي أيضًا إلى تصحر الأراضي الزراعية في بعض محافظات الدلتا، مؤكدًا أن مدينة العلمين الجديدة في أمان من تأثيرات التغيرات المناخية.. وإلى نص الحوار.
- بداية؛ ما تفاصل مشاركة القطاع في مؤتمر المناخ؟
مصر حريصة على أن تكون رئاستها لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية رئاسة لتنفيذ التعهدات ولدعم الدول الإفريقية في الحصول على الدعم اللازم لمواجهة التغيرات المناخية.
وكانت لنا جلستان؛ الأولى مرتبطة لتطبيق النموذج الناجح في مدينة شرم الشيخ ليصبح نموذجًا يحتذى به في كل القاهرة الإفريقية، وفي هذا الإطار اعترفت الأمم المتحدة بإعلان مدينة شرم الشيخ كأول مركز مرونة على مستوى القارة الإفريقية، وهذا ما يستتبعه بذل مزيد من الجهد من أجل تعميم تجربة شرم الشيخ على كل المدن المصرية وعقد ورش عمل لبعض الدول الإفريقية والندوات والمؤتمرات الخاصة بالتوعية بكيفية التعامل مع المخاطر المتعددة التي يمكن التعرض لها.
وموضوعنا اليوم ركز على كيفية التنفيذ في مؤتمر الأطراف لاتفاقية المناخ، ونحن نحرص على هذا الأمر، وطرحنا رؤية لإنشاء وتأسيس منظومة إفريقية للحد من مخاطر الكوارث وهذه المنظومة ستعمل على التنسيق والتعاون بين كل المؤسسات سواء داخل الاتحاد الإفريقي أو على المستوى الدولي؛ بهدف توفير نظام إنذار مبكر لكل الدول الإفريقية بشأن كيفية العمل والتعاون في مواجهة مخاطر الكوارث وبناء منظومة من شبكات الإنذار المبكر التي ترتكز على ما هو متاح لدى مصر حاليًّا مع التوسع فيها بالاتفاق مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التي تساعد على توفير عنصر الإنذار المبكر لكل الدول الإفريقية.
وبالتوازي مع ذلك، هناك إمكانية للتنبؤ المبكر لدى الدول الإفريقية وجاهزية للتعامل مع مثل هذه المخاطر، والأمر المهم أن تكون هناك آلية لتوصيل رأي ووجهة نظر ومشاغل واهتمامات دول القارة الإفريقية إلى المجتمع الدولي.
- ما دور دول القارة الإفريقية في حجم الانبعاثات العالمية؟
دول القارة الإفريقية تُسهم بنحو ٤٪ فقط من إجمالي حجم الانبعاثات العالمية؛ والتي تسبب التغيرات المناخية؛ ولكنها أكثر الدول تعرضًا وتأثرًا بمظاهر التغير المناخي، ولذلك كان من الواجب التعاون والتنسيق مع كل الدول الكبرى، لتحمل مسؤولياتها ومساعدة الدول الإفريقية في التكيف مع التغيرات المناخية حتى يكون لدى هذه الدول الإمكانات اللازمة لمواجهة تلك المخاطر.
- كيف ترى تضمين بند الخسائر والأضرار ضمن منافسات المناخ لأول مرة بمؤتمر cop27؟
كل هذه الأمور كانت تطرح في المؤتمرات السابقة من كوب لنحو ٢٦ مؤتمرًا منذ ٣٠ عامًا؛ وللأسف كلها كانت أفكارًا تُطرح فقط دون تنفيذ، وهدفنا الآن تنفيذ هذه الوعود دون أن تكون فقط مجرد وعود يتم التنصل منها بعد انتهاء المؤتمرات دون وجود آلية للتنفيذ، وبالتالي حرصت مصر خلال المؤتمر الحالي على تبني فكرة التنفيذ ووضع آليات خاصة به، وجاء من ضمن تلك الآليات إنشاء منظومة إنذار مبكر في الدول الإفريقية، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته والمساعدة في مواجهة الأضرار والخسائر التي تتعرض إليها الدول الإفريقية.
- هل ستلتزم الدول الكبرى بتوفير الـ١٠٠ مليار دلاور سنويًّا رغم الحديث عن أن هذا الرقم لم يكن مناسبًا للمرحلة؟
الشاهد خلال السنوات الماضية أنه لم يكن هناك التزام من جانب الدول المتقدمة في الوفاء بوعود توفير التمويل اللازم لمساعدة الدول النامية والفقيرة في مواجهة التغيرات المناخية والتكيف مع مخاطرها؛ لكن الأمر جد خطير والدول الكبيرة كانت ترى أنها بعيدة عن التأثر بتداعيات تغير المناخ، ولكن ربما الإعصار الذي ضرب مدينة فلوريدا الأمريكية خلال الشهر الماضي أكد للولايات المتحدة الأمريكية، وهي أكبر دولة متسببة في الانبعاثات تاريخيًّا على مستوى العالم، أنها ليست بعيدة عن هذا التأثير للتغيرات المناخية؛ وبالتالي أدركت أهمية التعاون مع الدول النامية والمتضررين لمساعدتهم في مواجهة التغيرات المناخية وآثارها السلبية.
- على مستوى مصر، ما مظاهر التغيرات المناخية والمناطق الأكثر تهديدًا؟
للأسف الشديد مظاهر التغيرات المناخية ستؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد في القطب الشمالي، وبالتالي ارتفاع منسوب مستوى سطح البحر، ومعدل الارتفاع الحالي يسير بمعدل بسيط نسبيًّا؛ لكن إذا استمرار بشكل أكبر سيؤدي إلى غمر مناطق من السواحل الشمالي، كما يؤثر بصفة خاصة على بعض المناطق المنخفضة في الدلتا؛ نتيجة استمرار ضخ الغاز في هذه المناطق، وبالتالي مهم أن نستعد من الآن بإجراءات حماية للتحقيق من تأثير تلك التداعيات على السواحل المصرية، وعملنا بجهود كبيرة لمحاولة الحد من مخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر، والقضاء على ظاهرة نحر الشواطئ، ويوجد جهد من هيئة حماية الشواطئ ومعهد علوم البحار والمصايد؛ بهدف حساب مستوى ارتفاع سطح البحر وعمل إجراءات للحد من دخول المياه للأراضي والشواطئ المصرية، ونحرص على العمل الجاد لمواجهة هذه المخاطر، كما لو كان التغير المناخي سيؤدي إلى زيادة كبيرة في منسوب مستوى سطح البحر.
ويبقى أيضًا على المجتمع الدولي دور كبير في مساعدة تلك الدول على التكيف مع التغيرات المناخية وتأثيراتها الواضحة في منطقة البحر المتوسط.
ولدينا أيضًا منطقة الدلتا، وبصفة خاصة بعض محافظات جنوب الدلتا ستتعرض إلى جفاف وتصحُّر وتملُّح نتيجة نقص المياه الواصلة إلى نهر النيل؛ بخلاف زبدة تغلغل مياه البحر التي تزيد من ملوحة التربة، وسيؤدي ذلك إلى فقدان جزء كبير من الأراضي التي كانت تشكل حاجزًا للأمن الغذائي للدولة المصرية؛ بما يحتم العمل على الحفاظ على الأراضي الصالحة للزراعة وعدم التوسع بالبناء عليها والتوسع في استصلاح مزيد من الأراضي الجديدة.
- هل هناك آثار لا يمكن تغييرها؟
هذا أمر واقع، ونحن نتحدث عن تنبؤات وتقديرات المرحلة المقبلة، وأنت وضعت سيناريو مواجهة عليك أن تطبقه وتنفذه بشكل جيد؛ حتى تنجو من مخاطر هذه التغيرات المناخية، وتبقى هناك نقطة مهمة في ضرورة تعاون المجتمع مع الحكومة؛ فهو أمر ضروري، وهناك مثلًا مخرات السيول القديمة التي كانت تشكل خطرًا خلال السنوات الماضية؛ مثل مشروع الزرايب في مدينة ١٥ مايو، وكنا نطالب أهالينا بترك هذا المكان. ونريد من المواطنين التعامل معنا حينما نقول إن هذا المكان سيتعرض إلى خطر، فعليهم التعاون معنا من أجل حمايتهم وعدم تعريض حياتهم وممتلكاتهم للخطر، والغاية الكبرى للدولة المصرية في موضوع التغيرات المناخية هي حماية أرواح وممتلكات المواطنين، باعتبارها الثروة الحقيقية للدولة المصرية، وإذا كانت الموارد البشرية هي القيمة الحقيقية للشعب المصري فعلينا الحفاظ عليها.
- ماذا عن وتيرة نوبات الطقس الحادة في الفترة المقبلة؟
ستظل هناك نوبات طقس جامحة سنتعرض لها خلال الفترة القادمة لكنها غير مرئية حتى الآن؛ لأنها تأتي بشكل مفاجئ وبمزيد من الحدة والشدة وفي أماكن غير متوقعة أو مسبوقة، وفي حالة عدم وجود استعداد أو جاهزية ستكون هناك صعوبة في مواجهة هذه المخاطر؛ لذلك ندعو الله أن يحفظ مصر من كل شر وسوء.
- ما ردك على الانتقادات الخاصة ببناء مدينة العلمين في ظل التهديد بغرق المناطق الساحلية؟
كل المشروعات التي تُقام في الدولة خلال الـ٢٠ عامًا الماضية تمت بتخطيط راعى توفير كل عوامل الأمان التي يمكن حمايتها بمخططات أسهمت فيها كل مؤسسات الدولة؛ لحماية هذه المدن من المخاطر المتعددة، وهيئة الأرصاد الجوية لديها تاريخ من التسجيل البياني لأكثر من ٢٠٠ سنة سابقة منذ أيام محمد علي، ولدينا توثيق وتسجيل لتغير المناخ، وبالتالي يمكن معرفة المناطق التي تعرضت إلى مخاطر المناخ خلال هذه السنوات؛ بما يمكننا من وضع الأكواد اللازمة لحماية هذه المناطق من المخاطر؛ سواء الأمطار أو السيول أو الزلازل، وهدفنا الأول في مواجهة التغيرات المناخية، هو حماية أرواح وممتلكات المواطنين، باعتبارها الثروة الحقيقية لمصر.
فيديو قد يعجبك: