البراء بن مالك.. المجاهد مستجاب الدعوة
بقلم – هاني ضوَّه :
تربى على حب الجهاد وعاش حياته مجاهدًا، وكان فارسًا مغوار لا يخشى في ساحة الجهاد شئ، حتى أنه قتل مئة من المشركين في مبارزات فردية .. إنه البراء بن مالك بن النضر -رضي الله عنه- أخو أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد شهد له النبي بأنه مستجاب الدعوة، فقال: "رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره .. منهم البراء بن مالك".
ولد البراء رضي الله عنه في المدينة المنورة، وشهد مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم جميع الغزوات عد غزوة بدر، وظل مجاهدًا في سبيل الله حتى استشهد.
وتجلت بطولات البراء رضي الله عنه في كثير من المعارك والغزوات، ولعل أكثرها تجليًا في معركة اليمامة في عهد الخليفة الصديق أبو بكر رضي الله عنه.. ففي معركة اليمامة زحف المسلمون إلى المرتدين حتى اخبأوا في حديقة ذات أسوار عالية وفيها مسيلمة الكذاب مدعي النبوة، فقال البراء: "يا معشر المسلمين ألقوني إليهم"، فحملوه حتى إذا أشرف على الجدار اقتحم الحديقة بمفرده وقاتل المرتدين على باب الحديقة حتى فتحه للمسلمين، فدخل المسلمون وقُتل مسيلمة الكذابن وجرح البراء في هذه المعركة بضعاً وثمانين جرحاً ما بين رمية بسهم وضربة بسيف، وظل الصحابي خالد بن الوليد حينها يعالجه حتى شفي منها وظل بعدها تواقا للشهادة طامعا في الحصول عليها فقد تمنى أن يموت شهيدا في سبيل الله وكان متفائلا بذلك.
قال أخوه أنس بن مالك دخلت على البراء وهو يتغنى -يعني ينشد ويحدو- فقلت له قد أبدلك الله ما هو خير منه فقال له البراء: " أترهب أن أموت على فراشي .. لا والله ما كان الله ليحرمني ذلك، وقد قتلت مئة منفردا سوى ممن شاركت في قتله" وطفق يخوض المعارك واحدة بعد الأخرى شوقا إلى تحقيق أمنيته الكبرى وحنينا إلى اللحاق بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
وجاء يوم فتح تستر في بلاد فارس وفيها حصلت له قصته البطولية الثانية، فقد تحصن الفرس في إحدى القلاع فحاصرهم المسلمون، ولما طال الحصار واشتد البلاء على الفرس استخدم الفرس كلاليب مثبته في أطراف سلاسل محماة بالنار يلقونها من حصونهم فتخطف من تناله من المسلمين، وكان قد وكُّل إلى البراء وأنس أمر واحد من تلك الحصون، وتسقط إحدى الكلاليب وتعلق بأنس بن مالك، فحاول أن يتخلص منها، ولكنه لم يستطع أن يمس السلسلة لأنها تتوهج لهباً وناراً، وإذا بالبراء يسرع إلى أخيه ويقبض على السلسلة بيديه ويعالجها حتى قطعها، وإذا بكفيه قد ذهب ما فيها من لحم، وينجو أنس بأعجوبة.
واشتدت المعركة فأتى المسلمون إلى البراء، وقالوا له أتذكر يوم قالالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إنك ممن لو أقسموا على الله لأبرهم، فاقسم على ربك يا براء ليهزمنهم لنا، فرفع يده إلى السماء وقال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم، اللهم اهزمهم .. اللهم انصرنا عليهم، وألحقني اليوم بنبيك صلى الله عليه وآله وسلم".
فبر الله بقسمه ونصر المسلمين على الفرس حتى أدخلوهم الخنادق واقتحموها عليهم وهزموهم شر هزيمة وقبل البراء شهيدا فيها.
واستشهد البراء بن مالك في هذه المعركة بعد رحلة جهاد طويلة، قدم فيها البراء كل ما يملك في سبيل دينه، وكانت وفاته في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة (20هـ) رضي الله عنه وأرضاه.
فيديو قد يعجبك: