من معجزات النبيّ .. إطعام أكثر من مائة رجل بطعام يكفي واحداً
كتب - هاني ضوه :
لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معجزات باهرات أيده رب العزة سبحانه وتعالى بها، فكانت دليلًا واضحًا على أن هذا النبي مؤيد من الله ومنصور به عز وجل، وكانت تثبيتًا للمؤمنين على الحق في مواقف كثيرة.
وكتب السيرة النبوية المطهرة والحديث الشريف مليئة بتلك المعجزات والتي من بينها تكثير الطعام ببركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي المعجزة التي تكررت أكثر من مرة وفي مواقف عدة وصلت إلى عشر مرات في مناسبات مختلفة.
فروى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما أن ذلك حدث في غزوة الخندق، حيث رأى الصحابي جابر رضي الله عنه أثر الجوع على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذهب لزوجته وطلب منها أن تعد طعامًا مما عندها فذبحت شاة صغيرة كانت عندها وعجنت صاع من شعير وقالت لزوجها أن يدعو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأوصته ألا يدعو أحدًا أخر لأن الطعام لن يكفي، وبالفعل أسر جابر بن عبدالله للنبي بالأمر، ولكن حدثت المفاجأة.
فقد دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة إلى الطعام وأن جابر قد أعد لهم طعامًا، فلما رأى جابرٌ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – وبصحبته أهل الخندق فزع من ذلك المشهد، وذهبت به الظنون كل مذهب وقال في نفسه: كيف يمكن لهذا الطعام أن يكفي كل هذا الحشد ، فعلم النبي - صلى الله عليه وسلم – ما يدور في نفس جابر رضي الله عنه فأخبره بألا ينزل القدر، وألا يخبز الخبز، حتى يأتيه ويبارك فيه، ثم أكلوا جميعاً وشبعوا، والطعام كما هو وكان عددهم يزيد عن المئة.
وفي موقف أخر تكرر الأمر .. فيروي الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه احدى تلك الوقائع ذكرها الإمامان البخاري ومسلم فيقول: قال أبو طلحة لأم سُليم: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء ؟ قالت: نعم، فأخرجت أقراصاً من شعير، ثم أخرجت خِماراً لها فلفت الخبز ببعضه، ثم دسته تحت يدي، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس.
فسأل النبي عن الأمر، ولما علم أن هناك طعام دعا الصحابة رضوان الله عليهم ليشاركوه الطعام، الذي لا يكفي أصلا إلا شخصًا واحدًا، فذهبوا إلى أبو طلحة في داره، وحينها فوجئ أبو طلحة وشعر بالحرج لأن الطعام الذي عنده لا يكفي إلا رسول الله وقد جاء الصحابة معه، فقال أبو طلحة لزوجته: يا أم سُليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والناس وليس عندنا ما نطعمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم.
فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له النبي: هاتي يا أم سُليم ما عندك من طعام؟ فأتت بذلك الخبز فأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ففت، وعصرت أم سُليم عكة فآدمته، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما شاء أن يقول، ثم قال لأبو طلحة أخل عشرة من الأصحاب ليأكلوا، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال النبي: أدخل عشرة، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، وهكذا حتى أكل الأصحاب كلهم، وكان عددهم بلغ سبعون أو ثمانون رجلاً.
وموقف ثالث يرويه عبد الرحمن بن سيدنا أبي بكرٍ الصديق-رَضيَ اللهُ عَنْهُما- في تكثير الطعام ورواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما فيقول كنا مع النَّبيِّ -صلى اللهُ عليهِ وآله وسلم- ثلاثين ومائة شخص، فقال النَّبيُّ -صلى اللهُ عليهِ وآله وسلم-: "هل مع أحد منكم طعام؟" فإذا مع رجل صاع من طعام فعجنه، ثم جاء رجل بغنم يسوقهاـ فاشترى منه شاة وشويت، وأمر النَّبيُّ -صلى اللهُ عليهِ وآله وسلم- بسواد البطن أن يشوى.
ويقسم عبدالرحمن بن أبي بكر فيقول: "وأيم الله ما في الثلاثين والمائة إلا وقد قطع النَّبيّ -صلى اللهُ عليهِ وآله وسلم- له قطعة من سواد بطنها، إنْ كان موجودًا أعطاه إيَّاها، وإن كان غائباً خبأ له، فجعل منها قصعتين فأكلوا أجمعون وشبعنا، ففضلت القصعتان، فحملناه على البعير.
وعن تلك المعجزات قال النووي في شرحه لصحيح مسلم عن شرح هذه الأحاديث: "وفي هذا الحديث عَلم من أعلام النبوة الظاهرة، وما أكثرَ نظائره التي يزيد مجموعها على شرط التواتر، ويحصل العلم القطعي، وقد جمعها العلماء، وصنفوا فيها كتباً مشهورة".
وكذلك قال الإمام ابن حجر العسقلاني في شرحه لصحيح البخاري: "ووقع في حديث أبي هريرة الماضي في علامات النبوة أنهم كانوا سبعين، وليس المرادُ حصرَهم في هذا العدد، وإنما هي عِدَّةُ من كان موجوداً حين القصة المذكورة ... وفيه معجزة عظيمة، وقد تقدم لها نظائر في علامات النبوة من تكثير الطعام والشراب ببركته صلى الله عليه وآله وسلم ".
فيديو قد يعجبك: