فلسطين.. إفطار جماعي على حواجز الاحتلال
أمام أعين جنود الاحتلال ووسط ضحكاتهم الجنونية يجتمع عشرات الفلسطينيين يوميا في السهول المجاورة لنحو 250 حاجزا إسرائيليا ساعة أذان المغرب لتناول الإفطار بعد أن منعتهم الرشاشات الإسرائيلية من الإفطار مع أسرهم خلال شهر رمضان.
أبو الوحيد الأسمر –42 عاما- اضطر إلى الإفطار على الحاجز العسكري الفاصل بين مدينتي نابلس وقلقيلية؛ حيث منعه الجنود من المرور والوصول إلى بيته في منطقة المخفية بنابلس.
يقول أبو الوحيد: (أعمل بائعا للخضار، وأضطر للسفر منذ ساعات الفجر الأولى لمدن شمال الضفة لإحضار الخضراوات والفواكه لبيعها في نابلس، وتكون الرحلة في البداية عبر الطرق الترابية والوعرة؛ تحاشيا للحواجز الإسرائيلية، أما في طريق العودة فأضطر لسلوك الطرق الرئيسية حيث تكون السيارة محمّلة بالبضائع).
ويضيف أبو وحيد: (أوقفني الجنود على أحد الحواجز قبل الإفطار بوقت قصير، وطلبوا مني خلع بعض ملابسي للتأكد من أنني لا أحمل متفجرات أو أحزمة ناسفة، وقاموا بمصادرة مفاتيح الشاحنة، وتركوني على الحاجز وخلفي طوابير من السيارات التي تنتظر دورها في المرور).
ويتابع أبو وحيد: (أخبرنا الجنود أنهم يعرفون أننا متعجلون حتى ندرك الإفطار في منازلنا، وأنهم لهذا لن يسمحوا لنا بالمرور).
وأوضح أبو وحيد أنه بعد مرور أكثر من ساعتين على الحاجز اضطر مئات المواطنين للتجمع في السهل المجاور وتناول طعام الإفطار أمام أعين الجنود الذي بدءوا بالضحك بصورة هستيرية؛ لاعتقادهم بأنهم انتصروا على هؤلاء العُزّل ومنعوهم من المرور.
الصيام إلى التاسعة مساء! وتتضاعف المعاناة حين يكون الحاجز داخل المدينة نفسها، كما هو الحال في نابلس، حيث تم تقسيمها في سبتمبر 2002 إلى جزأين شرقي وغربي، وسدّت الجرافات الإسرائيلية الطريق الواصل بينهما بأكوام عالية من التراب والحجارة، كما تتمركز الدبابات (ميركافا) على الحواجز، موجهة مدافعها صوب طوابير طويلة من الفلسطينيين. ولا يجد هؤلاء الفلسطينيون سوى سلوك طريق استحدثوه عبر مقر المحافظة المهدم؛ مما يعرضهم لمخاطر جمة.
ويروى سمير أمين –21 عاما- أحد العاملين في محل للزجاج قرب مخيم بلاطة شرق نابلس مأساته على الحواجز قائلا: (نقف يوميا بالساعات، وخاصة خلال شهر رمضان، ولا يسمح الجنود لأي شخص بالوصول إلى بيته؛ وهو ما يضطرني مع مجموعة من الشباب إلى تناول الإفطار في ساحة أحد المنازل القريبة وإقامة صلاة المغرب أمام الجنود؛ تحديا لهم حتى يعلموا أن ممارساتهم لن تمنعنا من ممارسة حياتنا اليومية).
من جانبه يقول مهند منصور -31 عاما- من نابلس: (رفض جنود الاحتلال عبوري الحاجز، وظللت صائما حتى تمكنت من العودة إلى منزلي في الساعة التاسعة مساء).
ويروي منصور حادثة أخرى وقعت له قائلا: (على حاجز حوارة جنوب نابلس، تجمع عشرات الفلسطينيين، وعند أذان المغرب وضعوا غطاء على الأرض، وقدم كل واحد ما معه من طعام وشراب، وكأنه إفطار جماعي.. لكن في الهواء الطلق).
ويشير منصور إلى أن بعض الأشخاص يحملون بالإضافة إلى طعام الإفطار أغطية للنوم؛ حتى يتمكنوا من النوم في سياراتهم إذا طالت مدة انتظارهم على الحواجز.
البعد عن الأهل.. أكرم: وتعد الحواجز الإسرائيلية أحد أهم الأسباب التي تدفع بعض الطلبة الفلسطينيين إلى استئجار منازل بعيدا عن عائلاتهم.
فتوضح الطالبة عبير موسى -في العام الدراسي الثالث بكلية الصحافة والإعلام جامعة النجاح بنابلس- أنها اضطرت إلى استئجار مسكن قريب من جامعتها؛ حتى لا تضطر لعبور الحواجز الإسرائيلية أثناء عودتها إلى المنزل.
وتقول: (كل إنسان يتمنى أن يفطر وسط أسرته حيث الجو الرمضاني العائلي، لكن المعاناة التي نلقاها على الحواجز دفعتني إلى استئجار سكن قريب من الجامعة لأتقي شر جنود الاحتلال).
ولخصت معاناتها قائلة: (أفضل البعد عن أهلي على أن أسمح لجندي إسرائيلي بفرض كلمته عليّ، ولو وصل الأمر إلى ألا أرى أهلي شهرا كاملا).
المصدر: موقع اسلام اون لاين
فيديو قد يعجبك: